الجمعة، 27 ديسمبر 2013

كتاب كيف بدأ الخلق؟





كتاب كيف بدأ الخلق
د. عمرو شريف
دار الشروق للنشر
الطبعة الثانية ٢٠١٢

كلما تأملت قول الحق عز وجل: (سنريهم آياتنا في الأفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق..)
أدركت أننا نحيا في زمان هذه الآية، نحن في زمن صارت فيه مكتشفات العلم من أكبر الأدلة على وجود الله الخالق عز وجل وإدراك بعضاً من صفاته.
وبذلك صار العلم الحديث باباً واسعاً لفهم العقيدة الصحيحة كما أنبأنا القرآن الكريم.
وقد كان طرح هذا المفهوم والاستشهاد على صحته أحد الدوافع لإخراج هذا الكتاب.

(قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق)
كان الثلاثة الكبار من فلاسفة اليونان القديم "سقراط، وأفلاطون، وأرسطو" من المؤمنين بوجود الإله الخالق للكون.
ولما كان العقل الفلسفي في ذلك الحين "وحتى الآن عند الكثيرين من الفلاسفة" عاجزاً عن تصور إمكانية "الخلق من عدم" فقد لجأ أرسطو إلى القول بوجود "مادة ليست كالمادة" وأسماها "الهيولى" أصل الوجود، وقال بأن هذا الهيولى قديم أزلي، خلق الإله منه الكون، أي أن دور الإله هو تشكيل الهيولى وتنظيمه، وليس إيجاد الوجود من العدم، ولم يبين لنا أرسطو كيف وُجد هذا الهيولى.
وعلى العكس، وجدت هذا التساؤلات التي حيرت الفلاسفة بعقولهم الجبارة أجوبتها ببساطة ووضوح في "الوحي الإلهي" بعد أن تكفل الله عز وجل ببيان أمور الغيب للإنسان، "ومنها الخلق والعدم".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان الله ولم يكن شيء غيره". رواه البخاري

"قصة خلق الكون؛ للكون بداية"
طرح الإمام الغزالي "في إطار علم الكلام" ما يعرف باسم "البرهان الكوني" للاستدلال على أن للكون خالق، ويتكون البرهان من مقدمتين ونتيجة:
- كل ما له بداية له سبب.
- الكون له بداية.
إذاً الكون له سبب "خالق".
ولاثبات أن للكون بداية، استند الإمام الغزالي إلى دليل الفلسفة والرياضيات، الذي يؤكد أنه "من المستحيل أن يكون هناك قِدم لا نهائي، أي أن الماضي لابد أن تكون له بداية".
وعندما وضع اينشتاين نظريته النسبية العامة ١٩١٥، أظهرت حساباته أن الكون إما يتمدد أو ينكمش، مما يعني أنه لا يمكن أن يكون أزلياً، ولابد أن تكون له بداية.
أظهرت الحسابات التي أجراها الفيزيائيون الرياضيون على قوى الجاذبية الموجودة في الكون أن المجرات وكل ما نرصده من مادة لا تمثل إلا ٤٪ من كتلة الكون.
أما الباقي ٩٦٪ فهي طاقة ومادة غير مرئي، أسموها الطاقة السوداء، وتمثل النيوترينوات ربع هذه المادة. وتعتبر الطاقة السوداء أهم القوى المسؤولة عن تمدد الكون.
لطالما ساد الاعتقاد الخاطئ بأن الكون الذي نحيا فيه قديم أزلي وسيبقى إلى الأبد. وأنه كون لا نهائي، أي لا تحده حدود، وأنه كون ساكن، ثابت في مكانه، لا يتغير... وغير ذلك من الخرافات والأساطير.
في هذا الوقت جاء القرآن مؤكداً أن الكون مخلوق له بداية، وستكون له في يوم من الأيام نهاية. ومؤكداً أن جميع أجرام السماء في حركة دائبة، وأن السماء ذاتها في توسع دائب إلى أجل مسمى.
كما أن السماوات والأرض كانتا في الأصل جُرماً واحداً ففتقهما الله تعالى فتحولت مادة هذا الجرم الأول إلى الدخان، الذي خُلقت منه الأرض والسماء.
كذلك فإن هذا الكون سيطوى ليعود كهيئته الأولى جرما واحدا مفردا يتفتق مرة أخرى إلى غلالة من الدخان تخلق منها أرض غير أرضنا الحالية، وسماوات غير السماوات التي تظلنا في حياتنا الدنيا..

هل شمسنا نجم كباقي النجوم؟ لا، إن لشمسنا خصوصية وتفرد.
فبالإضافة لوقوع شمسنا في المنطقة القابلة للسكنى من مجرتنا، ولتوافر العناصر الثقيلة في الكواكب التابعة لها، تعتبر شمسنا ضمن أكبر ١٠٪ من نجوم المجرة، وهذه ميزة كبيرة جعلتها مهيأة لاحتضان الحياة في أحد كواكبها.
إن شمسنا مثالية الموقع والمدار في المجرة، مثالية الكتلة، مثالية الإضاءة "نوعها وشدتها"، إنها مثالية تماماً لميلاد واستمرار الحياة على كوكبنا.
هل تصدق أن أكبر كواكب المجموعة الشمسية "المشتري الذي يكبرنا بمقدار ٣٠٠ مرة ومعه أورانوس وزحل" تجذب إليها المذنبات التي تهاجم المجموعة الشمسية، وبالتالي تحمي منها الأرض وباقي الكواكب القريبة من الشمس.
وبنفس الآلية، يحمي كوكب المريخ جارته الأرض من اصطدام صخور حزام الكويكبات الذي يقع بينه وبين المشتري.
هل وضعت هذه الكواكب في مداراتها لتحمي كوكبنا، الأرض؟!
"أعجوبة الماء"
الماء هو السائل الوحيد الذي تقل كثافته بالتجمد!، لذلك يطفو الثلج على سطحه. وفي الدائرتين القطبيتين يحجب الثلج الماء الذي تحته، فتظل حرارته دون درجة التجمد، وتبقى الأسماك والحيوانات المائية على قيد الحياة.
والأرض هي الكوكب الوحيد في مجموعتنا الشمسية الذي يحتوي على الماء بحالاته الثلاث "الغازية، السائلة، الصلبة".
"لقد تم بناء الكون على هيئة تجعله ملائماً تماماً لنشأة الإنسان"
يرى العلماء والفلاسفة الماديون أن بداية نشأة الكون كانت تلقائية، وأن انتقاله من مرحلة إلى مرحلة كان يتم بعشوائية، أو تبعاً لما تفرضه قوانين الطبيعة، لذلك يعتبرون القول بأي قصد وراء خلق الكون "وهو ما يعرف بالغائية" خروجاً صريحاً على العلم.
وفي المقابل، يؤكد الفيزيائيون المؤمنون أن كل ثوابت الكون التي تبدو عشوائية وغير مترابطة تتفق في أنها منضبطة من أجل أن تجعل الكون معداً لظهور الحياة؛ لذلك يعتبرون أن ما في بنية الكون من توافق مذهل مع احتياجات الإنسان دليل على "الغائية"، التي تعني أن الإله الخالق قد صمم الكون على هذه الهيئة ليكون مناسباً لنشأة الحياة بصفة عامة، ونشأة الإنسان بصفة خاصة، ويعرف هذا المفهوم "بالمبدأ البشري".
وكلما ازدادت معارفنا عن نشأة الكون وبنيته، تكشف لنا بشكل أكبر مدى مواءمة هذه النشأة والبنية ومواءمة قوانين الكون الفيزيائية لبزوغ الحياة.
حتى يمكننا القول بأنه إذا لم يكن الإنسان في المركز المادي للكون، فإنه بلا شك في المركز الغائي منه.
أما المعارضون لوجود الإله الخالق، فيرون أن مجرد وجودنا في الكون دليل بديهي على أن بنيته مناسبة لنشأة الحياة ونشأتنا، وإلا لما نشأنا، ومن ثم لا يعتبرون ملاءمة الكون لنشأتنا دليلاً على أمر غيبي.
لذلك يرفض هؤلاء فكرة أن الكون قد تم تفصيله على مقاس الإنسان، ويرون بدلاً من ذلك أن قوانين الطبيعة قد فصلت الإنسان ليتناسب مع بنية الكون.
هل البرهان الكوني والمبدأ البشري أوهام متدينين؟!
إذا كان المعترضون على "المبدأ البشري" يعتبرون أن وجودنا في الكون ليس إلا نتيجة طبيعية لملاءمة بنيته لنشأة الحياة، وليس دليلاً على قصد الخالق، فقد فات هؤلاء المعترضين أمران:
١- أن العالم ليس مجهزاً لظهور الحياة وحسب، ولكن لخروج كائنات حية ذكية منطقية، ترصد وتفهم هذه المواءمة.
٢- غزارة ما في الكون من توافق يفوق احتياج الكائنات الحية ويحقق لها الرفاهية والاستمتاع، وخاصة الإنسان ذا الاحتياجات النفسية المتميزة..

مثلما كان الوجود ضيفاً على العدم، فإن الحياة ضيف جديد تماماً على الوجود.
"انطونيو لازكانو"
عندما نسأل المتخصصين عن أصل الحياة، يسارع معظمهم بالحديث عن المواد الكيميائية والظروف الفيزيائية التي سبقت ظهور الكائنات الحية ويطرحون النظريات لتفسير نشأتها "المستوى البيولوجي"، لكنهم لا يتعرضون لأصل الحياة بالمعنى الوجودي، وهو كيف اكتسبت جزئيات المادة غير الحية السمات المميزة للخلية الحية.
تعتبر معرفة كيفية نشأة الحياة من المادة غير الحية من أصعب التحديات التي تواجه العقل البشري، وقد طرح العلماء المهتمون بهذه القضية العديد من التصورات شديدة التباين لتفسير هذه المعضلة. تصورات تتراوح بين نظرة مغرقة في ماديتها، تنكر التدخل الإلهي في الخلق، وبين نظرة ترى أن نشأة الحياة قضية غيبية صرفة لا ينبغي البحث فيها.
إن الخطوة المهمة في نشأة الحياة، في شكلها الحالي، تتمثل في الحصول على جزئ قابل للتوالد الذاتي، الذي هو جزئ ال دي إن إيه.
لكن الأمر ليس بهذه البساطة. فال دي إن إيه جزئ بالغ التعقيد، ويحتاج لكي يؤدي عمله "كشفرة وراثية" إلى مساعدة الإنزيمات "بروتينات".
وهذا يقودنا إلى موقف شبيه بموقف البيضة والدجاجة، أيهما أولا؛ لكي نحصل على بروتينات يجب أن يكون لدينا أولاً دي إن إيه يشفر لبنائها ولكن لكي يؤدي ال دي إن إيه عمله يجب أن يكون لدينا أولاً بروتينات "الإنزيمات".
وقد وضع الباحثون المهتمون بأصل الحياة عدداً من النظريات للخروج من هذا المأزق.
ومع تباين نظريات نشأة الحياة فقد اتفقت جميعها على أن الحياة قد استقرت على سطح الأرض بعد أن اكتمل تكوين:
١- جزئيات الحياة: RNA - DNA- البروتينات.
٢- آلية تخليق الغذاء بالتمثيل الضوئي باستخدام الأصباغ، في الخلايا النباتية.
٣- آلية الحصول على الطاقة من الغذاء عن طريق الميتوكوندريا، في الخلايا الحيوانية.
إذا عدنا إلى القرن ال١٩، نجد أن دارون لم يكتب شيئاً ذا بال عن أصل الحياة، ولم يطرح تفسيراً بيولوجياً لها.
بل أقر أنه لا يتصور أن الحياة قد ظهرت في الخلية تلقائياً، ولا بد لبداية الحياة من خالق.
"السيرة الذاتية بقلم دارون"
لقد أصبح من يتمسك بمنظور العشوائية والصدفة في تفسير نشأة الحياة لا يثبت إلا جهله الشديد بقوانين الصدفة وأيضاً بعلم البيولوجيا.
لذلك فإن معظم العلماء الماديين المهتمين بأصل الحياة "منذ ستينيات القرن ال٢٠" يرفضون منظور الصدفة، وإن كان عوام البيولوجيين مازالوا يعتقدون أننا لو تركنا الأحماض الأمينية معاً لمدة ملايين من السنين فستبزغ الحياة!

"ماهية الحياة"
إن من يتصور أن الحياة يمكن أن تنشأ تلقائياً في المادة غير الحية، يجهل الكثير عن حقيقة المادة وحقيقة الحياة.
"جيرالد شرويدر"
تعلمنا في صغرنا أن إدراك المشكلة هو نصف الطريق لحلها، ولا شك أن خبراتنا الحياتية تؤكد هذا المعنى.
أما بالنسبة للحياة، فالعكس هو الصحيح!
فكلما تعمقنا في دراستها، كلما كبرت مشكلة التوصل إلى معرفة ماهيتها وأصلها!
ومن الأسباب الرئيسية لصعوبة فهم الحياة أن الفكر المادي عندما قام بدراسة الحياة استخدام "المنهج الاختزالي'، الذي يقوم بتحليل أية ظاهرة أو قضية إلى عناصرها الأولية، ثم دراسة كل عنصر على حدة.
لذلك قام البيولوجيون عند دراسة ظاهرة الحياة بتحليل الكائن الحي إلى عناصره: أجهزة الجسم ثم الأنسجة ثم الخلايا ثم الجزئيات العضوية ثم الذرات ثم المكونات تحت الذرية "البروتينات، النيوترونات، الإليكترونات"
وقالوا لنا لم نعثر إلا على مادة، ليس هناك إلا المادة لتفسير الحياة.
لقد فات هؤلاء أن ظاهرة الحياة التي يدرسونها بمنهجهم الاختزالي تكون قد اختفت تماماً عندما قاموا بعملية الاختزال والتحليل.

يضعنا "جورج جونسون" في كتابه "هل كان دارون مصيباً؟"، أمام مفارقة قوية الدلالة فيقول: إذا هبطت علينا من الفضاء الخارجي أسطوانة مدمجة CD تحمل المعلومات المسجلة في شفرتنا الوراثية، فسيجزم الجميع على الفور أن هذا دليل قاطع بنسبة ١٠٠٪ على وجود ذكاء خارج كوكب الأرض. لكن عندما نقابل هذه المعلومات مسجلة في DNA الكائنات الحية يصمم الدراونة على أنها نتاج العشوائية والصدفة!
لقد تبدلت النظرة لنشأة الحياة والكائنات الحية بنهاية القرن ال٢٠، فلم يعد أحد من البيولوجيين المحترمين يعتقد بأن المادة والطاقة يمكن أن تعطي حياة!
بل هي معلومات، ولن يكون للمعلومات مصدر إلا الذكاء، الذكاء المطلق الذي لا يتوفر إلا للإله الخالق.
إن مشكلة الدراونة أنهم ما زالوا يطرحون مفاهيم دارون القرن ال١٩ في القرن ال٢١.
لا شك أن دارون لو كان معنا لما قال بالتطور العشوائي لتفسير تنوع الكائنات، ولا بالتطور الكيميائي لتفسير ظهور الحياة.
إن الشفرة الوراثية الموجودة في جميع الكائنات الحية، من أدناها "البكتيريا" إلى أرقاها "الإنسان"، لا يمكن أن تكون محصلة كمية للصفات الفيزيائية والكيميائية لعناصر مكوناتها ليس فقط لما عليه هذه المكونات من تعقيد البنية والوظيفة، لكن لأن مكونات هذه الشفرة تعمل بصورة متناغمة تحتم أن تكون قد انبثقت إلى الوجود متكاملة، منذ الخلية الأولى، ولم يتم التوصل إليها تدريجياً.
إنها الحياة الذكية وراء نظام التشفير المبهر، ويعبر بول ديفيز، عن ذلك في دقة وبساطة بقوله: "إن استخدام نظام التشفير في كتابة لغتي الحياة (الأحماض النووية والبروتينات) ثم في نقل المعلومات بينها يعتبر أمراً شديد الإلغاز، بل يعتبر معجزة، إذ كيف تستطيع تفاعلات كيميائية لا بصيرة لها أن تقوم بذلك".
من السمات الأساسية المميزة للحياة أن الكائنات الحية غرضاً أو هدفاً متأصلاً في بنيتها وهو "المحافظة على وجودها"، وهو هدف لم يكن موجودا في المادة غير الحية التي نشأت منها هذه الكائنات. وعندما لاحظ أرسطو هذا العلاقة، عرّف الحياة بأن يكون الشيء حريصاً على وجوده.
ويعين على تحقيق هذا الهدف الأساسي أهداف أخرى ثانوية تدفع الكائن الحي وتوجهه في حياته، وأهمها بلاشك التكاثر، ثم الاغتذاء والحركة وغيرها.
وقد جُعل هدف "المحافظة على الوجود" وكذلك الأهداف الثانوية التي تخدمه فطرة غريزية، حتى أصبحت الحياة سمة قوية هادرة تفرض نفسها في الكائنات الحية!
لا شك أن البيولوجيين والفلاسفة الماديين يواجهون عند دراستهم لأصل وماهية الحياة مأزقاً علمياً فلسفياً لا يحسدون عليه، وهو مأزق ذو جوانب متعددة لم يقدموا تفسيراً لأي منها:
١- من أين اكتسبت الشفرة الوراثية المعلومات الضرورية لظهور واستمرار الحياة؟
٢- من أين اكتسبت المادة غير الحية آلية التشفير ومعالجة المعلومات المميزة لجميع الكائنات الحية؟
٣- من أين اكتسبت المادة غير الحية الغائية (أي أن يكون لها هدف وتوجه) حتى تصبح كائناً حياً؟
٤- من أين اكتسبت المادة الحية الأولية القدرة على التكاثر، هذه القدرة اللازمة لاستمرار الأنواع، وكذلك لترقيها في سلم التطور؟
يقول عالم الفيزياء النووية جيرالد شرويدر: إن مجرد وجود الظروف الملائمة لنشأة الحياة، لا يفسر لنا كيف نشأت. نستطيع أن نقول (على أحسن تقدير) إن هذه الظروف "سمحت" بنشأة الحياة واستمرارها على كوكبنا، ولكن كل قوانين الطبيعة التي نعرفها مجتمعة لا يمكن أن تفسر نشأة الحياة من المادة غير الحية.

تصور الداروينية الكون باعتباره مصنعاً لإنتاج كل هذه الكائنات المتنوعة، لكننا ما زلنا في حاجة لتفسير كيف نشأ هذا المصنع وكيف يدار.
"ريتشارد سوينبرن"
ينقسم المعترضون على نظرية التطور الدارويني (تطور الكائنات الحية عن طريق الانتخاب الطبيعي بعد حدوث طفرات عشوائية بالصدفة) إلى مجموعتين:
المجموعة الأولى: تنكر حدوث التطور كلية، وتؤيد مفهوم الخلق الخاص الذي قام به الإله الخالق لجميع أنواع الكائنات، كل على حدة، ويطلق على القائلين بذلك اصطلاح "الخلقويون".
المجموعة الثانية: تقر بحدوث التطور، ولكنها ترى أن العشوائية والصدفة لا يمكن أن يفسرا حدوثه، وتمثل هذه المجموعة من العلماء مدرسة التطور الموجه.
يدعي الداروينيون أن نشأة الحواس الخمس "الأبصار، السمع، الشم، الذوق، اللمس" أمر سهل، باعتبار أن دورها سلبي في الكائن الحي، وهو الاستقبال فقط.
لذلك يسودون مئات الصفحات يشرحون فيها كيف تتحول عشوائياً بعض خلايا الجلد إلى عين مبصرة، ولم لا؟!
إن كليهما "الجلد والعين" نشأ من طبقة واحدة في الجنين "تعرف بالإكتوديرم".
إن دراسة أمينة متعمقة للتعقيد المذهل لهذه الحواس، ومقدار ما في أعضائها من توافق مبهر بين البنية والوظيفة، يرينا دون أدنى شك سذاجة وانحياز مثل هذا التفكير.
"ابهار التعايش بين نوعين"
والمقصود بالتعايش أن يحيا كائن مع كائن آخر يتبادلان المنفعة. ومن الأمثلة العديدة في الطبيعة نأخذ مثالين:
١- التعايش بين شجرة الأكاسيا وأسراب النمل.
منذ حوالي مائتي مليون سنة، وقعت ملكة النمل مع ممثل لأشجار الأكاسيا اتفاقاً تتعهد فيه الأشجار بتقديم ثلاث خدمات للنمل:
- يسمح لأسراب النمل بحفر أنفاق في جذع وفروع الشجرة لتأوي إليها.
- تقدم الشجرة للنمل غذاء من مادة سكرية تفرزها الأوراق.
- تقدم الشجرة غذاء لصغار النمل من مادة بروتينية تجمعها الشغالات لتطعم بها الصغار القابعة داخل الأنفاق.
وفي مقابل المأوى والغذاء اللذين تقدمهما الأكاسيا بعد معرفة تامة بمزاج النمل وعاداته السكنية والغذائية، يلتزم النمل بالقيام بحماية وحراسة الأكاسيا!
كيف؟
- عند اقتراب أي عدو من الشجرة "زرافة، قرد..." لأكل أوراقها وثمارها، وبمجرد أن تهتز فروع الشجرة، تخرج أسراب النمل لتقرص المعتدي وتدفعه للهرب.
- إذا كان المعتدي نباتاً متسلقاً، يقوم النمل بقرض الزوائد التي يتعلق بها النبات المتطفل في الشجرة، فلا يستطيع تثبيت نفسه، ويسقط على الأرض.
- لا يسمح النمل بنمو أشجار أخرى في دائرة قطرها عشرون متراً حول الشجرة الصديقة، حتى لا تشارك جذور الأكاسيا الغذاء ولا تحجب عن أوراقها الشمس.
هل تمت صياغة بنود هذا الاتفاق بالصدفة؟
وكيف تم نسخ شروطه من الشفرة الوراثية لكلا الكائنين؟
٢- التعايش بين الحيوانات آكلة العشب والبكتيريا
تحتاج الحيوانات آكلة العشب لبكتيريا معينة للقيام بهضم مادة السيليولوز التي تتكون منها ألياف غذائها النباتي.
وتحصل الحيوانات على هذه البكتيريا التي تجد لنفسها المأوى في معدة الحيوان مع أول وجبة عشب تأكلها.
ماذا يحدث لو انقرضت هذه البكتيريا؟
حتماً ستموت الحيوانات آكلة العشب، وبالتالي ستموت الحيوانات اللاحمة التي تتغذى عليها، وفي النهاية ستكون حياة الإنسان في خطر حقيقي.

الخميس، 19 ديسمبر 2013

كتاب الحرية الفكرية والدينية

كتاب الحرية الفكرية والدينية
"رؤية إسلامية جديدة"
للمؤلف: د. يحيى رضا جاد
دار النشر: الدار المصرية اللبنانية


الحرية الدينية والفكرية وحرية التعبير، في محيطنا وعصرنا، لا تزال أموراً من "القضايا المعلقة" التي يتجنب ويتحاشى الخوض فيها كثيرون إيثاراً للسلامة؛ سلامة سمعتهم الدينية من أن تتعرض للتشويش من أدعياء الفقه والفكر..
وهي قضايا يجب أن يتقدم لها من يجد من نفسه تأهلاً علمياً للخوض فيها، وشجاعة أدبية للصدع بما يراه بأدب.
وجرأة فكرية في اقتحام لجة هذه "المسائل الشائكة" التي قد تصيب الخائض فيها إصابات بالغة إن لم يحسن السباحة والغوص.
ومن أجل ذلك كان هذا البحث التأصيلي التجديدي الفقهي الفكري الفلسفي المركز، والمنطلق والمستهدي بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومقاصد شريعته؛ إذ التفلسف في ديننا فريضة، والتدين فلسفة.
إنما يقوم التفلسف - في جوهره ولبه - على التفكر والتدبر والتأمل والتعقل والاستنباط والمقارنة - أي على إعمال العقل -، وجميعها من فرائض الدين؛ فكان التفلسف في ديننا فريضة.
والتدين إنما يقوم - في أسه وأساسه، مبدأ ومنتهى - على الاجتهاد وإعمال العقل والتفكر والتدبر والتأمل والتذكر، وجميعها من صميم التفلسف، فكان التدين فلسفة.

التصور الإسلامي للوجود قائم على حقيقتين أساسيتين:
١- وحدانية الخالق.
٢- تعددية الخلق: وهي تعددية في الخلق والعرق واللسان والدين والثقافة والسياسة والفقه.
هكذا خلق الله البشر عروقاً وأجناساً كلها تنتمي لأب واحد هو آدم، ولأم واحدة هي حواء، ولرب واحد هو الذي خلقها وسواها.
وإنما يتفاوت الناس بالعلم والعمل والإحسان: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)
واختلاف الألسنة يعني ضمن ما يعني، اختلاف العقول والأفكار والمناهج والفلسفات؛ فاللسان ترجمان الفكر ووسيلة إعلامه الرسمية.
ومن ثم، لابد أن تصل الدعوة إلى كل قوم حسب مستواهم، وبالطريقة التي تلائمهم، باللغة التي يعقلونها.
فلسان القوم ليس مجرد "لغتهم"، ولكنه فوق ذلك ومعه، "مجمل المدخل المنطقي إليهم".
التعددية الدينية: اختلاف الدين بين الناس، وتعدد الأديان، حقيقة واقعة لا مجال لإنكارها أو محوها في نظر الإسلام..
ولقد جمع القرآن بين أمرين يظنهما كثير من الناس متناقضين لا يجتمعان: الاعتزاز بالدين إلى أقصى حد، والسماحة في التعامل مع المخالف في الدين إلى أقصى حد كذلك.
نعم إن الدين عند الله الإسلام، نعم يجب على المسلم أن يعتقد أن الإسلام وحده هو الحق.
ولكن هذا لا يمنع أن هناك أدياناً غير الإسلام يؤمن بها أصحابها - وإن كانت في نظره باطلة -، حتى دين المشركين الوثنيين، فقد قال الله تعالى على لسان رسوله مخاطباً المشركين: "لكم دينكم ولي دين"؛ فسماه ديناً.
وقوله تعالى: (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم)؛ سمى القرآن ما هم عليه ديناً.. ولكن هذا لا يعني "اعترافاً بشرعيته"؛ أي لا يعني أنه دين مقبول عند الله، وأن أتباعه من أهل الجنان في الآخرة؛ لأن الله "لا يغفر أن يشرك به"، ولأن "الدين عند الله الإسلام" لا غير.

قاعدة (لا إكراه في الدين) تقرر قضية كلية قاطعة، وهي أن الدين لا يكون بالإكراه.
والدين والإكراه لا يمكن اجتماعهما، فمتى ثبت الإكراه بطل الدين..
الإكراه لا ينتج ديناً، وإنما ينتج نفاقاً وكذباً وخداعاً، وهي كلها صفات باطلة وممقوتة في الشرع، ولا يترتب عليها إلا الخزي في الدنيا والآخرة.
الإكراه في الدين سوس ينخر في العقائد؛ إذ القهر على الاقتناع بمبدأ يدفع البشر إلى النفاق؛ لذلك ترك الله أمر الإيمان للإنسان دون إكراه منه تعالى ولا إجبار؛ حتى يذهب الإنسان إلى الإيمان "بقلبٍ عاشق"؛ لأن الله تعالى لا يريد "أعناق عبيد" وإنما يريد "قلوب عباد".
كما أن تشريع الجهاد القتالي في الإسلام لم يكن للإكراه في الدين كما يشيع البعض، وإنما لتقرير حرية الاعتقاد والرأي والتعبير، حرية الاختيار بين الإيمان والكفر..
فالجهاد القتالي موجه ضد الإكراه في الدين وفرض الاعتقاد ومصادرة حق الناس في التفكير والاختيار والقرار.
ثم إن الجزية لم تجب على من وجبت عليهم لأجل كفرهم كما يشيع البعض، وإنما وجبت لأجل حربهم إيانا، فهي تعويض بسيط عما ضاع منا وفقد في حربهم.

"تأصيل فلسفة التعارف"
نقف هنا وقفة مطولة في رحاب قوله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا)
تذكير بعنصر الزوجية والثنائية والتعددية التي قام ويقوم عليها الكون بكل مافيه؛ فلا انفراد ولا استفراد، بل اجتماع وجماعية؛ فتصور الوجود في الإسلام قائم على واحدية وأحدية ووحدانية الله تعالى، وزوجية وثنائية وتعددية كل ما عداه.

"وجعلناكم شعوباً وقبائل"
إقرار وتذكير بحقيقة "التنوع الإنساني" العرقي والاجتماعي والتاريخي، ومن ثم الفكري؛ فالتنوع في الألسن والألوان والأعراق يؤول - ولا بد - إلى تنوع في الدين والمذهب والمرجعية والرؤية الفلسفية والنظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية.
وكتاب هذا الدين، ليس للعرب وحدهم، (إن هو إلا ذكر للعالمين)
فهذه هي طبيعة الدين نفسه؛ فهو ليس دعوة عربية ولا شرقية ولا غربية ولا عرقية ولا إقليمية، بل هو دعوة "للعالمين"، كل العالمين.
وقبولنا للآخر غير المسلم ليس قبولاً بكفره أو شركه أو وثنه، وإنما هو قبول بالتكريم الإلهي له؛ قبول بحرية الاختيار التي كفلها الله له.
إنه قبول شرعي بوجوده على ما هو عليه لا قبول عقدي بشرعه أو معتقده الذي يخالف شرعنا ومعتقدنا.

"تعريف الحرية الدينية"
الحرية الدينية: هي أن يكون الإنسان آمناً في إظهاره لمعتقده، وفي دفاعه عنه..
وأول المظاهر المعلومة والدلائل البينة واللوازم الحتمية للقول بالحرية الدينية هي أنه: إذا ترك الإنسان دينه القديم - أياً كان هذا الدين - واعتنق ديناً آخر، فالواجب عقلاً وشرعاً أن يُترك هذا الإنسان وما اختار لنفسه..
"ضوابط الحرية الدينية"
إذا لم تقم ضوابط الحرية الدينية على معادلة دقيقة بين ما يحفظ حقيقة الحرية وجوهرها، وما يضمن بلوغها أهدافها وتحقيقها مقاصدها المبتغاة من ورائها، فإنها ستؤول إلى ما يهدرها؛ إما بالتقييد الذي ينقض حقيقتها، وإما بالفوضى التي تعطل مفعولها.
وهذه الضوابط هي: منع الغواية، تكافؤ الفرص، الأمانة في العرض، احترام المشاعر الدينية، ومنع التصرفات الكيدية.



من ضوابط الحرية الدينية: منع الغواية وتعني بألا يكون الخطاب مصحوباً بمغريات مادية، لما يتضمنه من تزييف هو في حقيقته ضرب من الإكراه النفسي، تُستغل فيه حاجة البشر..
وقوله تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) يومئ إلى أن الدعوة إلى المعتقدات بغير ما ذكرت الآية أمر منكر تقف دونه حرية الدعوة.
إذ الدعوة إلى الدين لا بد وأن تكون مبنية على الحجة والبينة.
ربما قيل: إن في الإسلام تشريعاً بإعطاء المال إلى من عرفوا بالمؤلفة قلوبهم، وفي هذا شيء من الدعوة إلى المعتقد برشوة مالية.
والحق أن إعطاء المؤلفة قلوبهم قسطاً من المال إنما هو:
١- لتأليف قلوب المسلمين الجدد وتثبيتهم على ما آمنوا به، وليس لجعلهم مسلمين بسبب ذلك المال..
٢- ولشد عضد المسلمين الجدد في المجتمعات التي تعادي أو تحارب أو تضيق على من يتحول عن دينها إلى الإسلام.
٣- ولتأليف قلوب غير المسلمين في المجتمع الإسلامي؛ كنوع من التضامن الاجتماعي المالي..

تكافؤ الفرص: بأن يكون بين الفرقاء العارضين لمعتقداتهم والداعين إليها تكافؤ في فرص عرضهم ودعوتهم؛ بحيث يتساوى الجميع في الإمكانيات..
فحينما يُتاح لصاحب معتقد ما: مال يقوى به على الحركة من أجل عرض معتقده، وأبواق دعائية ينشر بها ذلك المعتقد، وتنظيمات ينظم من خلالها دعوته إليها، ولا يتوفر شيء من ذلك لغيره من أصحاب المعتقدات المغايرة، فإن ذلك يؤول بأفراد المجتمع إلى الاستماع إلى دعوة واحدة لا غير؛ لعلو صوتها، ويحرمهم من الأصوات التي تنقدها وتعرض المخالف لها..

ومن ضوابط الحرية الدينية أيضاً: احترام المشاعر الدينية:
فللمعتقدات في النفوس حرمة لا تدانيها حرمة، حتى إن أصحابها يضحون بأنفسهم في سبيلها.
ومن التصرفات التي تجرح المشاعر الدينية: تناول المعتقدات بالتحقير والاستنقاص والشتم..
وتناول الرموز الدينية من أشخاص ومقدسات مختلفة بالتشنيع المادي والمعنوي؛ سباباً وقذفاً واتهاماً وتشويهاً..
وحرية المعتقد إنما تسمح "بالنقد" لا "بالتجريح"

"ضوابط حرية الفهم الديني"
١- لقد كفل الإسلام الحرية في فهم الدين بعد الإيمان به، فالإسلام لا كهنوت فيه، والمسلمون متساوون فيه في حرية الفهم، ولا يشترط عليهم إلا شروطاً منهجية تؤهل للفهم، فإذا ما حصلت تلك الشروط أصبح كل مسلم مهيأ لأن يكون عالماً للدين.
"حسبما يؤدي إليه اجتهاده العقلي فيما هو مجالاً للاجتهاد".
٢- إن العلم الديني تخصص شديد الدقة والعمق، لا يحل لأحد أن يخرض فيه إلا إذا كان مؤهلاً لذلك "تأهيلاً منهجياً"..
٣- إن فهم الدين من حيث هو المبدأ هو مسؤولية مشاعة بين المسلمين تنضوي تحت مسؤولية التكليف بالدين عموماً
فلكل مسلم الحق في أن يقوم بالاجتهاد، إن توفر على إمكان ذلك، أو بالاستعانة بغيره إن لم يتوفر عليه..
٤- لكننا في الوقت ذاته لا نرى أي مبرر لموقف كثيرين ممن لم يمتلكوا شيئاً من الأدوات المنهجية ولا من الشروط الموضوعية للنظر في الدين، ثم هم باسم حرية إبداء الرأي الديني - أي الاجتهاد إن شئت قلت - يتصدون للإفتاء في أمهات القضايا الدينية، بل وفي تفاصيل الأحكام الجزئية ذات الطبيعة الفنية الدقيقة..


‏"التصور والتأصيل الإسلامي لحرية الرأي والتعبير، والمقارنة بين رقابة السلطة ورقابة المجتمع"
أول وأبرز المفاهيم القيمية التي جاء بها الإسلام، وهو "الدين القيم"، كما وصفه ربنا عز وجل، أن الحرية أهم من الحياة نفسها، برهان ذلك قول الله عز وجل: (والفتنة أشد من القتل) وهذا نص صريح على أن الفتنة، التي هي سلب الحرية، أشد من القتل، الذي هو سلب الحياة.
‏والحرية فوق ذلك نقيض العبودية.. ولما كان "التحرير" هو نقيض الاسترقاق، كانت الحكمة والعلة في جعل الشريعة الإسلامية، تحرير الرقبة جزاءاً عن القتل الخطأ؛ للتكافؤ بين ما في الرق والعبودية من معنى "الموت"، وما في العتق والحرية من معنى "الحياة".
‏إذاً مقام "الحرية" يفوق في الأهمية وسلم الأولويات، "الضرورات الاجتماعية"، وليس فقط "الحقوق"، اللازمة لتحقيق
إنسانية الإنسان؛ إذ بفقدها هو ميت حكماً، حتى ولو عاش يأكل ويشرب ويسعى في الأرض؛ إذ هو في تلك الحالك إلى الدواب والأنعام أقرب!
فالحرية من ثم تقوم على مبدأين:
أولهما: كونها صفة فطرية غريزية تلقائية ملازمة لكينونة الإنسان وبشريته، بل جزء من ماهيته وكينونته، فلا يملك أحد أن ينزعها منه، ولا يجوز لأحد أن يمنعها عنه، ولو منع لوجب قتاله لاستردادها والدفاع عنها.
وثانيهما: كونها لا تكون إلا "عقلانية" و"منضبطة"؛ لأن عقلانيتها وانضباطها هو الشكل الوحيد الممكن لتحقيقها وانجاحها واستمرارها.
إن التمكين لحرية التعبير عن الفكر والاعتقاد هو الطريق إلى الحق والصواب؛ إذ في البيئة الحرة وحدها يزدهر الإيمان ويشرق الحق وينقدح الصواب؛ ومن ثم لا يمكن قيد حرية التعبير عن الفكر أو الاعتقاد بدعوى حماية الحق.
وغير سديد تخيل تعبير الآخر - أي آخر - عن أفكاره أمراً مسيئاً إلى الإسلام، أو ناشراً للشكوك، أو باعثاً على بلبلة المجتمع وخلخلة استقراره الفكري أو النفسي أو الحضاري؛ إذ إتاحة الحرية له للتعبير تنشط - بالمقابل لذلك - من المواقف والحركات والمراجعات مواقف الدفاع عن الإسلام وتجلية أنواره، وحركات إزالة ونفي ما التصق أو ألصق به..
‏إن حفظ وتثبيت إيمان المؤمن إنما يكون "بالمناعة" لا "المنع"؛ أي برفع قدرته المناعية ومستوى وعيه الثقافي والإسلامي، لا بمنع الغير من التعبير.
والقرآن الكرين إذا سرحت النظر في طوله وعرضه يطرح الفكر المضاد أيا ما كان من موقع الثقة بفكره، لأنه يملك من العناصر الحيوية المتحركة ما يدحض به هذا الفكر المضاد.
وهكذا الأمر يجب أن يكون مع أي فكر يطرح نفسه لقيادة الحياة - والإسلام في المقدمة من ذلك.
‏علينا أن ننتقل من "الرقابة" إلى "التقويم" ومن "الوصاية" على بعضنا البعض إلى "التواصي" بين بعضنا وبعض.

الحرية في جوهرها: "أن تتعبد للحق باختيارك، ومن ثم: ألا يستعبدك مخلوق في ظاهرك أو باطنك".
الأصل في حرية التعبير عن الرأي هو الإرسال والإطلاق، ولكنها في ذات الوقت مقيدة ومؤطرة بعدم الإساءة إلى الغير.

لا شيء من أفكار الإنسان أو أفعاله يجوز أن يكون مطلقاً؛ إذ "الإطلاق" بكماله وشموله وإحاطته وثباته واستقلاليته، يتنافى مع "بشرية الإنسان" التي هي بطبيعتها ناقصة ومتغيرة.

يمكنكم الاستماع لملخص الكتاب على بودكاست ورّاق
Waraqcast.com

الخميس، 12 ديسمبر 2013

كتاب ابتسم حتى ولو بدون سبب.





كتاب ابتسم حتى ولو بدون سبب
د. لجامبو لسكي
اصدارات جرير
اعداد الملخص: خلود بادحمان
في هذا الكتاب 12 مبدأ وأشياء بسيطة تجعل الحياة أكثر سعادة وجمالاً ويمكنك تطبيقها فوراً وستتعلم أن تكون أكثر إنتاجية عن طريق إبدال الطرق التلقائية التي تعلمتها سابقا ..
هذه المبادئ هي:
1.    الحب هو جوهر الوجود.
2.    الصحة سلام داخلي.
3.    الأخذ والعطاء وجهان لعملة واحدة.
4.    يمكننا التخلي عن الماضي والمستقبل.
5.    اللحظة الآنية هي الفرصة الوحيدة السانحة ، وكل لحظة هي للعطاء.
6.     يمكننا تعلم حب أنفسنا والآخرين عن طريق العفو بدلاً من إصدار الأحكام.
7.    يمكننا أن نصبح باحثين عن الحب بدلاً من أن نكون متصيدي الأخطاء.
8.    يمكننا اتخاذ القرار بتوجيه أنفسنا نحو السلام الداخلي بغض النظر عما يقع في العالم الخارجي.
9.    كلنا معلمون وتلاميذ لبعضنا البعض.
10.                     تذكر: أنك لست في حاجة أن يتغير شيء في حياتك أو في العالم لكي تنال الراحة
المبدأ الأول : الحب هو جوهر الوجود :
(يطلق الحب لنا العنان للانطلاق في عالم الخيال، حيث تتسع آفاق الروح .. والحب يسمح للشخص برؤية الطبيعة الملائكية للآخر ، تلك الهالة التي تحيط به) توماس مور في
·        أياً كانت المشكلة فالحل يكمن في الحب :
نحن هنا سنركز على حل واحد لجميع المشاكل في الحياة ، إنه (الحب) ، تذكر أنك لن تستفيد من حل مشكلة بالغضب فما فائدة حل المشكلة إن لم تحصل على السعادة ؟
فبدلاً من أن تكون حلالا للمشاكل صبورا تحول إلى مانح للحب ولعلك تقول حسنا ولكن مشكلتي الديون ، هنا امنح الحب الذي يعطيك السعادة وراحة البال وركز على الحقيقتين التي توجهان عقلك نحو السلام وهي :
1.    يمكنني اختيار الهدوء أياً كان ..
2.    لن تؤثر المشكلات في حياتي فأنا في معية الله ..
سوف يكون تذكير نفسك بهاتين الحقيقتين على أساس منتظم بمثابة البداية لتولي تفكيرك ..
(معرفة راحة بالك أمر يرجع لك وحدك وهي الحالة العقلية الأكثر أماناً وقوة والتي يمكنك تحقيقها).
·        أمض المزيد من حياتك في محاولة فهم وجهات نظر الآخرين أكثر من محاولتك إقناعهم بوجهات نظرك الشخصية :
ما أكثر شيء كنت ترغب فيه كطفل ؟ أن تكون محبوباً ؟ وما الذي كان يعودك إليك من كونك محبوباً ؟ أليس استماع الآخرين إليك باهتمام وعناية ؟
تعلم أن تستمع للآخرين استماعاً صادقاً الهدف منه منح الحب ، حاول إجراء تجربة بسيطة فبدلا من إتخاذ بعض الإجراءات المادية ركز على المزيد من الاستماع بفاعلية ، فالاستماع الفعال يعني أنك تستمع إلى الآخرين بنية كاملة للفهم ..
ببساطة استمع ، اجعل عينيك تتواصلان ، وكذلك وضعك الجسدي المستريح ومزاجك الهادئ بحيث توحي لمحدثك بقولك : ( أود أن أعرف وجهة نظرك وخبرتك )
ربما كانت التجربة صعبة ولكنها تستحق ، ولاسيما لمن تحبهم كثيرا فهي تعتبر هدية غالية عليهم ..
(مارس الإصغاء الفعال وسوف يشعر الآخرون بأنك تحبهم وتتقبلهم ، وسوف تشعر أنت كما لو كان لك جناحان).
·        اعلم متى يمتلئ صحنك :
إذا كنت تتناول وجبة العشاء وأخذ الشخص القائم على خدمتك في وضع المزيد من الطعام فإنك ستعرف متى امتلأ صحنك وتوقفه ، ذلك يعني أن تفعل ذلك عندما يزداد الحمل على نفسك وعواطفك وعقلك وروحك ..
هناك ثماني علامات لحصولك على صحن ممتلئ وهي :
1.     أناس مقربون لك يقترحون عليك الهدوء ..
2.     لم يعد لديك أناس مقربون ..
3.     مجرد التفكير في تقليل ساعات العمل يؤدي إلى القلق ..
4.     بدلا من الراحة في العطلة ، تحضر نفسك للعمل ..
5.     تقضي القليل من الوقت في ممارسة أشياء تهمك ..
6.     كثير ما تضايقك الأمور التافهة غير ذات الأهمية ..
7.     يتعرض جسدك لأمراض متكررة ..
8.     تموت شاباً ..
يمكنك التقليل من ضغوطك بالبدء بالتالي :
1.    اعلم متى يمتلئ صحنك عن آخره وتصرف على هذا الأساس ..
2.    اعلم أن الغرض من جميع أنواع التواصل هو توسيع نطاق الحب ..
بعدها ستلاحظ أن الضغوط تلاشت وكلما وسعت نطاق الحب تلاشت أكثر.
·        قم بصياغة عبارة هدفك الشخصي :
هل لاحظت أنك ربما تبكي يوماً ما بسبب شيء ما بينما تتقبل نفس الشيء في يوم آخر؟
السبب في ذلك هو أن الطريقة التي تتصرف بها تعتمد اعتماداً كليا على الأفكار التي تدور برأسك.
إن واحدا من الأمور الأولى التي يصنعها مشروع جديد فعال أو مشروع تحت التأسيس يسعى لاتجاه ونجاح جديدين هو (صياغة عبارة الهدف) فالهدف الفعال يكون قصيرا ومباشرا كما أنه يجعل لحياتك معنى وهدف ويحفظك من الوقوع في الأخطاء ..
للبدء .. انفرد بنفسك لبعض الوقت واكتب كل ما يخطر ببالك عندما تسأل نفسك "ما الذي يهمني" ، "وكيف أود أن تسير حياتي" ، ثم اكتب القليل من العبارات المختصرة التي تتضمن ما سبق أن قلته في قائمتك ..
أمعن التفكير فيها وستصبح لديك عبارة بالهدف.
قم بكتابتها على بطاقات مفهرسة وضعها في أماكن تراها باستمرار وذكر نفسك بها من وقت لآخر.
(البعض لا يعرفون إلى أين يذهبون ولكنهم كثيروا الشكوى من عدم الوصول، قرر ألا تكون واحدا منهم).
·        عين حارسا على عقلك.
يعرف الشفاء بأنه تجنب الأفكار المبنية على الخوف، ويفيد التعريف بأن الصحة والشفاء يأتيان من العقل  ولا يعتمدان على حالتك الجسدية، لذلك يجب أن تكون قادرا على تحديد الأفكار يسمح لها بدخول عقلك وأيها يجب طرده.
تخيل أن عقلك مبنى يعنى براحة البال، عين جزءاً يقظاً من عقلك كحارس على باب عقلك له هدف وحيد وهو تحديد إذا ما كانت الفكرة تفضي إلى راحة البال أو لاً.
إذا لاحظت أن هناك مشاعر سلبية قم بفعل التالي :
·        اسأل نفسك هل ستقودني هذه الأفكار إلى راحة البال؟
·        قل بوضوح : تعنيني صحتي وهذه الأفكار غير صحية.
(عندما تدرك العلاقة بين أفكارك وخبرتك في الحياة تكون قد خطوت الخطوة الكبرى نحو الصحة).
·        التوجه الفكري هو أهم ما في الأمر.
هل سبق أن لاحظت أن شخصين ربما يواجهان نفس الظروف بردود فعل مختلفة كلياً؟
تعود أن تقول لنفسك دائما لا شيء على وجه الأرض مطلقا لديه القدرة على تعكير صفو يومي، إذا شعرت بضيق فإنه بسبب توجيهك أنت لعقلك أن يكون كذلك ، قد يصعب عليك تقبل الحقائق في البداية لأنك اعتدت على التخلي عن طاقتك وفي كل وقت تلوم الآخرين أنت تتخلى عن طاقتك.
إن جزءا مهما من العلاج لصرف الخوف من الذهن هو إنماء مشاعر الرحمة فلرب كان هناك سبب يجعلنا نلتمس عذرا لمن يضايقونا.
(عندما تشعر بالضيق ذكر نفسك بأن السبب في عدم ارتياحك هو توجهك الفكري، تلك هي الحرية).
·        حدود سعادتك إما أن تصنعها أنت لنفسك أو توافق عليها.
اسأل نفسك ما الذي أحتاج إليه الآن وليس لدي لكي أحصل على راحة البال؟ أيّاً كان ما تفكر به سواء المال أو المنزل فقد صنعته بنفسك كضرورة للسعادة وذلك فقط لأنك تؤمن أنك تحتاج لهذه الأشياء لتكون سعيدا مما يعطي لها قيمة.
تذكر أنك لا تستطيع التحكم فيما يقع وإنما تستطيع التحكم في ردة فعلك تجاهه ، فأي عبارة تستخدمها لتصنيف أو تقييم سلبي أو الحكم على نفسك سلبا أو على الآخرين تقف عقبة في طريق راحة بالك ومع الجهد الواعي يمكنك التخلص من تلك المفردات.
(المعجزة ما هي إلا قدرتك على إزالة عقبات السعادة وأن تستبدل بها الشعور بالهبة).
·        إذا كانت أهدافك متضاربة فلن تجني إلا الصراع.
إذا سألك أحد برغبتك أن تكون سعيداً فلا شك أن إجابتك ستكون نعم .. ولكن ربما تكون لديك المزيد من الأهداف التي تقف في طريق سعادتك.
الاعتقاد الذي يقول أنك لابد من أن تذوق طعم المر لتعرف طعم الحلو ما هو إلا اعتقاد مجنون عليك أن تتخلص منها فورا فنحن لا نحتاج للنقيض لنستشعر العمق في طاقة الحب الإلهية ..
إن السعادة والاطمئنان يكمنان في ذاكرتك القديمة وتستعيدهما الذاكرة حينما يكون العقل هادئا وحينما تدخل صراعا فإن العقل لا يصبح هادئا بالتالي لا يتذكر.
اعمل على إنقاذ نفسك عندما تشعر بالخوف واسأل نفسك هل هذا يقودني لراحة البال؟

(كن منحازاً لسعادتك فالتركيز على الآثار الفورية لتفكيرك يعينك على الشفاء أكثر من أي شخص آخر).
·        دفاعاتك يجلب لك ما كان ينبغي أن تحميك منه ..
ثمة أمر سحري ورائع يمكنك اكتشافه في أي وقت وأي مكان هو أنك سوف تتلقى حبا غير مشروط من الآخرين عندما تمنحهم إياه.
تأكد أنك ستلقى السعادة من خلال الأخذ والعطاء إلا أن العقبة الكبرى هي الصوت الخائف بداخلك الذي يجعلك تقول مثل هذه العبارات "إذا أعطيت الآخرين فإنهم سيستغلونني"،  "لا أريد أحدا أن يكون ممنون لي" تلك هي دفاعاتك فقد ابتدعتها لأنك ترغب في الحب ولا تريد الألم والمشكلة أنها تحرمك من الحب وتجلب لك الألم.
قم بإجراء بسيط لتتخلص من دفاعاتك  وهو بدلا من الخوف من عدم حصولك على ما تريد أعط أنت الآخرين ما تريد.
وهذا من شأنه أن يخلق بحياتك قوة تحقق أحلامك وتمحو دفاعاتك ، وتذكر أنك عند العطاء لا ينبغي أن تنتظر ردود فعل الآخرين بل ركز نحو قانون الكون الذي ينص على أنك تأخذ ما تعطي.
·        ابتسم كثيرا وبلطف ..
إنك لا تحتاج إلى الكثير لكي تبتسم فقط تحتاج لمعرفة نفسك على حقيقتها ، ولا يتوقف سحر الابتسامة عند هذا الحد بل عندما يراك شخص مبتسم فذلك يلمس شيئا بداخله.
إن الابتسامة المصحوبة بالرحمة هي أبسط الطرقة لمعرفة أن الأخذ والعطاء وجهان لعملة واحدة ..
قم بهذه التمارين وسوف ترى النتائج الفورية:
·        ابحث عن مكان هادئ وأغمض عينيك لمدة خمس دقائق وابتسم بلطف واستمر في التنفس بعمق وببطء ويمكنك التحدث مع نفسك بحب واستقبل المشاعر الطيبة التي تأتي وتقبلها ..
·        خذ وقتا لتحية الناس بحب وابتسامة ولا تنتظر شيئا ليحدث حتى تفعلها ..
(ابتسم لتجد شيئا يدعو للابتسام).
·        من يعط يمتلك ..
لابد أن تعرف أن السعادة نتيجة مباشرة لعدم التركيز على الماضي والمستقبل ..
( عندما تتمسك بالضغائن القديمة فإنك تؤذي نفسك وعندما تقدم العاطفة والتفاهم فإنك تعالج نفسك وهذا القانون ثابت لا يتغير )
·        هل تعطي الآخرين ما ترغب فيه لنفسك؟
هناك العديد من الخرافات عن السعادة ينبني معظمها على الاعتقاد بأنك لو لم تشعر بالسعادة فالسبب في ذلك هو أنك لم تجد المكان المناسب .. وهذا خطأ ..
هناك خمس خطوات يمكنك إتباعها لتزيد من مقدار سعادتك:
1.    حدد الطرق التي تعتقد أنها تحقق السعادة.
2.    قرر بصدق ووضوح ما إذا كانت هذه الاعتقادات الصحيحة.
3.    وإذا لم تتمكن كذلك قرر أن تتخلى عنها.
4.     حدد ما يحقق سعادتك بحق.
5.    ابدأ في عمل ذلك.
(إن السلوك الوحيد المجزئ هو أن تعطي الآخرين ما تريده لنفسك حقا).


·        فكر في الحاضر أكثر من المستقبل.
أحيانا ينتاب الشخص الطموح القلق بمجرد أن يقترح عليه التخلي عن أهداف المستقبل ولو للحظة، القصد ليس جميع أهداف المستقبل سلبية  ولكن إن كانت تغطي على حياتك بأكملها فهذه مشكلة ..
ما لم تركز على اللحظة الراهنة فإن سعادتك ستكون عابرة، ولكي تعرف نصيبك من التفكير أحضر ورقة وقسمها لثلاث أعمدة (ماضي ، حاضر ، مستقبل) وأبدأ بالتفكير في كل منهما وانظر في أي منهما تظل وقتا أكثر.
يجب أن تكون لديك عزيمة لتعطي الحاضر وقتا أكبر في تفكيرك بدلا من القلق بشأن المستقبل والعيش في الماضي وإليك هذا البديل الذي سيساعدك:
عند الصباح وقبل أن تطأ قدميك الأرض قم بوضع أهداف روحانية يمكن تحقيقها خلال اليوم كأن تنصت بقلبك للآخرين أو أن تقدم المعروف لكل من تقابله وأن تعفو بدل إصدار الأحكام.
هذه خطة من خمس خطوات يمكن تنفيذها للتركيز على أهداف تكفل لك السلام:
1.    تصور ما تريد أن يكون عليه شعورك اليوم والأفكار التي ترغب في أن تكون بداخل عقلك.
2.    توقع أنك ستفكر بهذه الطريقة وإن حدث شيء سيء فلن تتخلى عن سعادتك.
3.    اسأل نفسك ما هو هدفي اليوم لضمان السلام؟
4.    تخير الاستماع للصوت اللطيف بداخلك الذي يقدم لك الإجابة.
5.    استمتع بيومك وأشرك معك شخصا واحدا على الأقل في هدفك الذي يكفل لك السلام.

·        كف عن لعبة لو كان كذا وعندما يكون كذا ..
لا تربط سعادتك بشيء مضى فتقول لو كان كذا ولا بشيء سيأتي فتقول عندما يكون كذا ، اجعل سعادتك هذه اللحظة وعشها ..
عندما تدرك أنك غرقت في هذا الأسلوب ابق ساكنا واطلب من الله العون وامسك بالحبل ..
·        كن مبتدئاً.
إذا سمحت لنفسك بأن تكون مبتدئا في أمر ما ، فإنك تنتهج سلوكا يفتح آفاقك أمام التعلم ، حيث أن العديد من الحلول المثلى لا تنبع من الخبراء ، فعندما تملك عقلية الخبير فإنك تميل إلى تبني نظام مغلق حيث ترفض المعلومات الجديدة والأفكار الإبداعية ، بينما تسمح لك عقلية المبتدئ بأن تتصرف في جميع المواقف بعقل نقي مبتكرا لفرص لا نهائية من الحلول الإبداعية.
تذكر أن من لديه ما يثبته دائما فلن يجد فرصة ليتعلم شيئا ومن لديه ما يتعلمه فليس لديه ما يثبته وتلك هي الحقيقة في جميع مجالات الحياة.
كن مبتدئا في الحياة وقرر ألا تكون مؤديا وابدأ في أن تكون متعلما فذلك أكثر متعة.
·        تخل عن كارت الأرصدة الخاص بك ..
أحيانا عندما يحتاج شخص لمساعدتك ربما تجد نفسك تستعرض رصيده لديك لكي تقرر إما أن تقدم له العون أو لاً.
إن التمادي في تسجيل الأرصدة يشعرك بعلو مكانتك ولكنه ينتهي بك إلى الشعور بالذنب والمرارة  ، فعندما ينثر شخص الزهور  باتجاهك ترى أن الحب واللطف أمران يسيران ، أما حينما ينثر القمامة في طريقك فتلك مسألة أخرى.
تخل عن كارت الأرصدة الخاص بك وابدأ في استخدام قلبك وبغض النظر عن تغيير سلوك الآخرين أم لا ، فسوف تشعر بمزيد من السلام.
·        اقض وقتك في التفكير فيما أنت عليه أكثر من التفكير فيما ترغب أن تصبح عليه.
ربما تستنزف كميات كبيرة من الوقت والجهد والموارد خلال محاولتك أن تصبح الشخصية التي ترغب أن تكون عليها.
إنه لأمر رائع بالتأكيد أن ترغب في أن تصبح شخصا ألطف ولكنك لن تجد السلام الدائم إلا حينما تتذكر أنك كما خلقك الله . وعندما تعتقد أنك بشيء آخر خلاف الحب يصبح تطويرك أشبه بالنفخ في بالون فيه ثقب صغير.
إنك لا تحتاج إلى الكف عن أي عمل تقوم به حاليا من أجل التطوير الذاتي ، ولكنك تفعل خيراً إن أمضيت المزيد من الوقت في تذكر حقيقة ذاتك .. تخير كل يوم واحداً من الأمثلة وقم بممارستها وسوف تبدأ في تذكر ذاتك:
·        قلل من التفكير وامنح قلبك مزيداً من الاهتمام. 
·        قلل اهتمامك بالكسب وأعط مزيد من الاهتمام لما تملكه دائماً.
·        قلل من الشكوى وأعط مزيدا من الاهتمام للعطاء.
·        قلل من السيطرة وأعط مزيدا من الاهتمام للترك.
·        قلل من انتقادك وأعط المزيد من الاهتمام للمدح.
·        قلل من الجدال وامنح الصفح مزيدا من اهتمامك.
·        قلل من انتباهك للتكنولوجيا الحديثة وأعط مزيدا من الاهتمام للطبيعة.
·        قلل من المراوغة وأعط مزيدا من الاهتمام للسكون.


·        بدلاً من السعي للقبول والاستحسان، امنحهما أنت.
ربما تعتقد عندما تملؤك المخاوف بإحساس عدم الثقة بالنفس ، والحل الوحيد هو الحصول على الاستحسان والقبول وإن لم تحصل عليهما يزداد شعورك بضعف تقدير الذات وإذا حدث ذلك لا تلبث أن تشعر بأنه يجب عليك إثبات نفسك مرة أخرى (تلك هي طريقة الذات).
أما الصحيح فهو أن تمنح الآخرين ما ترغب به لنفسك ، فعندما تكف عن تتبع عوراتك وعورات الآخرين وتبدأ في النظر إلى الجانب المضيء فينا جميعا تتحسن صورتك الذاتية فمن المحال أن تكون ناقدا تجاه الآخرين ولا تعرض نفسك لضعف التقدير أو أن تشعر بالحاجة المتزايدة للدفاع عن نفسك وبالمثل فمن المحال أن تقدم الحب والقبول للآخرين وتشعر بالاستياء تجاه نفسك ..
اتبع القاعدة التي تقول: (إذا كنت ترغب في بناء احترامك لذاتك فقدم القبول).
لا تركز على التصرفات السلبية للآخرين أثناء تقديم  الحب والقبول ولكن ركز على قلب الآخر ..
(عندما تدرك نور الحب في الآخر فأنت تدركه في نفسك أيضا).

·        حدد موعدا لجلسات ممارسة العفو
عدم العفو أول بأول أشبه بمن يجمع القمامة حتى يتعثر بها أو تصدر رائحة عفنة ، جلسات العفو تساعد بشكل كبير على إزالة الأفكار التي لا تجلب السلام إلى عقلك وجميل لو أن حددت خمس دقائق يومياً وخلال هذا الوقت ستكون مهمتك هي التفكير في الأشخاص المهمين بحياتك بمن فيهم أنت بذاتك والنظر إلى ما وراء تصرفاتهم وحقيقتهم الطيبة ..
في جلسات العفو ينبغي عليك التركيز على ما يلي:
·        العفو لا يعني التغاضي عن جميع التصرفات أو الكف عن تحميل الآخرين مسؤولية أفعالهم.
·        العفو يعني أنك ترغب في البحث عن إشراقة الحب داخل الآخرين.
·        العفو يأتي نتيجة للنظر إلى نفسك والآخرين في اللحظة الحالية ولا مجال للماضي.
·        العفو يختار النظر إلى إشراقة الحب داخل الشخص الذي تراودك نفسك بإصدار الحكم عليه.
·        العفو هو أساس سعادتك وممارسته من شأنها أن تغير حياتك بالكامل.
وقد يساء فهم العفو فلربما تزرع الجزء الخائف من عقلك بالعديد من أسباب التخلي عن العفو، قرر عدم الإصغاء للصوت القاسي بداخلك وتذكر دائما:
(عندما تعفو عن الآخرين ترى الحب الكامن بداخلهم ، بغض النظر عما يبدر منهم من تصرفات غير لائقة تخفي هذا الحب).

·        ما تعتقد أنه وقع في الماضي ربما لم يقع وما تعتقد وقوعه في المستقبل ربما يقع ..
يميل الكثير منا إلى الاعتقاد بأن مفاهيمنا وذاكرتنا دقيقة ومحكمة ولا تشوبها شائبة ونادرا ما ينتابنا الشك بشأن ما يعرضه علينا عقلنا وتبديه لنا أعيننا ولكن الحقيقة تقضي بأن الثقة في ذاكرتنا تعادل التنبؤ بطقس الشهر المقبل ، حتى وإن وقع حدث أمام أعيننا فغالبا ما تقودنا أفكارنا إلى وضع تصورات زائفة عنه.
وعلى الرغم من أن تصوراتنا وذاكرتنا ليست أهل للثقة إلا أننا نعتمد وبقوة على التصورات الخاطئة للأحكام.
ثمة طريقة بديلة هي أن تدعو الله أن يريك ما يريد لك أن تراه وان يلهمك كيفية الاستجابة له.
وعبارة "ما تعتقد أنه سيقع ربما يقع بالفعل" تمثل اعترافا بأن أفكارك دائما قوية وخلاقة وليس هناك بالطبع ما يضمن أن تصورك لما تريده يجعله يتحقق على أرض الواقع ولكن ما من شك أن مثل هذا التصور يزيد من الرجحان.
والأمر الأهم هو عندما يتعلق الأمر بردود أفعالك ومشاعرك فالتصور يصنع المعجزات فإن قضيت بضع دقائق لتصور نفسك مرتاح البال فسوف تلمس ازدياد في سعادتك.
·        قدم القليل من أعمال البر وسوف يتضاءل حجم المشكلات التي تعانيها.
مع كل معروف نقدمه نغرس بذرة لشفاء العالم وشفاء أنفسنا وكل معروف بسيط نقدمه يكسب اللحظة معنى وهدفاً ويدرك تقويم التوجهات أننا حينما نداوي الناس وجروحهم وحينما نعطي لا شك أننا نأخذ.
(إن الطريقة المثلى للتخلص من حياة تملؤها المشكلات هي أن تمارس القليل من أعمال البر).
·        تعلم الاختلاء بنفسك.
ينشغل الكثير من الأشخاص بالاهتمام بتفاصيل حياتهم لدرجة أنهم لا يعرفون كيفية الاختلاء بأنفسهم ففي ظل القوائم الشاغرة بالمهام وفي ظل عدم وجود المتسع من الوقت لقضائه مع نفسه يخفق المرء غالبا في تقدير التعطش الروحاني حق قدره وربما كان الاكتئاب والقلق والضجر أعراضنا لعدم تلبية النداء الروحي.
فالعلاقات المتوترة وضعف تقدير الذات وعدم الشعور براحة البال ما هي إلا مؤشرات لحاجتك الماسة لقضاء وقت تأملي مع نفسك.
ويساعدنا الإيمان والأمل على تصور النتائج الإيجابية حتى أثناء مرورنا بأوقات عصيبة ومنها تأتينا الحياة الإيجابية.
(نفسك هي أول شخص تقضي معه وقتا ثمينا في هدوء ذاك هو الأساس والمصدر لكل ما تريده من أمور أخرى).
·        قم باختيار شخص تعرفه وآخر لا تعرفه وقدم معروفا لكل منهما ولا تخبرهما أنك الفاعل.
إن الحل دائما بداخلك أنت ألا وهو تقديم الحب وإذا أردت ان تبتسم من قلبك فقدم للآخرين معروفا كبيرا دون التركيز على العرفان.
قدم المعروف والرحمة والتفاهم لمن عرفت ومن لم تعرف بما في ذلك الطبيعة أيضاً هذا كل ما ينبغي عليك لكي تحصل على الابتسامة.
(ربما نقدم الابتسامة لبعضنا البعض ونعلم أننا محبوبون).