الأربعاء، 23 أبريل 2014

كتاب القراءة المثمرة، "مفاهيم وآليات"

القراءة المثمرة، "مفاهيم وآليات"
أ. د. عبد الكريم بكار
دار النشر: دار القلم
الطبعة: السابعة 2012
إذا أمعنا النظر في واقع الأمم الصاعدة اليوم؛ لمسنا للوهلة الأولى أنها اعتمدت النهوض بالتعليم وتيسير سبل التثقف أساساً لتقدمها الحضاري في جوانب الحياة كافة.
وفي المقابل فإن الشعوب التي توصف بأنها متخلفة، تشترك جميعاً في أنها لا تملك بنية معرفية صحيحة، كما أن معظم أفرادها وبين الكتاب نوعاً من الجفاء، ونوعاً من الخلل في أسلوب التثقف، وفي الحساسية نحو المعارف الجديدة.
سيكون من المؤسف أن تحتاج أمة؛ أول كلمة نزلت في كتابها ودستورها الثقافي كلمة (اقرأ) إلى من يحثها على القراءة، ويكشف لها عن أهميتها في استعادة ذاتها وكيانها!
ولعل الله – جل وعلا – يُقدر لهذه الرسالة الصغيرة أن تشكل إسهاماً متواضعاً في تحسين موقفنا من الكتاب وتعاملنا معه.
دواعي التعلم:
إن هناك دواعٍ كثيرة، تفرض على الواحد منا أن يتعلم، ويقرأ، ويكتسب الخبرات مدى الحياة، منها:
1-      إن الذي يدعو الإنسان إلى مزيد من التعلم، هو العلم نفسه، إذ كلما زادت المعرفة، اتسعت منطقة المجهول.
المثقف الذي يرغب في الحفاظ على قيمة ثقافته وكرامتها، مطالب بأن يعيد تكوين ثقافته على نحو مستمر ومتجدد، وعندما يشعر بالاكتفاء بما لديه من معلومات سيضع نفسه على شفا الانحطاط.
إن جهلنا ينبسط مع تقدم المعرفة، كما ينبسط سطح التماس لكرة ما مع العالم الخارجي عندما يكبر قطرها، وهذا يُشكل تحدياً متزايداً لكل قارئ.
2-      إن العقل البشري يميل دائماً إلى تكوين عادات ورسم أُطر لعمله، وهي مرور الوقت تشكل نوعاً من البرمجة له.. البيئة – بكل أنواعها – هي التي توفر مادة تلك البرمجة .. وكلما كانت ثقافة الإنسان ضحلة، وكانت مصادر معرفته محدودة، ضاقت مساحة تصوراته. وأصبح شديد المحليّة في نماذجه ورؤاه، عاجزاً عن تجاوز المعطيات الخاطئة التي تشربها من مجتمعه. وقد كان علماء السلف لا يثقون بعلم العالم الذي لم يرحل، ولم يُغبر قدميه في طلب العلم.

القراءة ومصادر المعلومات الأخرى:
إن وسائل الإعلام تقدم برامج على درجة عالية من الزخرفة والاتقان؛ مما يعطيها جاذبية عالية؛ فإذا أضفنا إلى ذلك انعدام البواعث على القراءة وانعدام التقاليد الثقافية المحبذة لاقتناء الكتاب واصطحابه؛ أدركنا وضعية القراءة في عالمنا الإسلامي!
إن وسائل الإعلام تقدم معلومات متشظية، قلما تتصل بالحاجة المعرفية الحقيقية للمتابع لها، كما أن المعروف أن المعلومات الكثيفة حول أي شيء قد تقف حائلاً دون فهمه على الوجه الصحيح، تماماً مثل الحقائق والمعلومات القليلة عنه؛ فللعقل طاقة محدودة على التحليل والتصنيف والغربلة لما يرد عليه، وحين يزيد على طاقته، فإنه يربكه ويشتته.
إن الهامش الذي يفصل بين التسلية وبين التثقف الحق هامش ضيق؛ ومن السهل أن يكون ما نستمع إليه ونشاهده ضرباً من ضروب التسلية، وتزجية الوقت، ونحن نظن أننا نتعلم!
وأعتقد أن الكتاب ما زال هو الوسيلة الأساسية للتثقف الجيد، حيث نستطيع أن نمارس حريتنا كاملة في اختيار ما نحتاج إليه.
إذا كانت القراءة أهم وسيلة لاكتساب المعرفة، وإذا كان اكتساب المعرفة أحد أهم شروط التقدم الحضاري؛ فإن علينا ألا نبخل بأي جهد يتطلبه توطين القراءة في حياتنا الشخصية، وفي حياة الأمة عامة؛ فالمسألة ليست كمالية ولا ترفيهية، وإنما هي مسألة مصير.
وإليك أهم ما أظن أن علينا أن نقوم به من أجل إشاعة ثقافة (اقرأ):

أولاً: تكوين عادة القراءة:
إن عادة القراءة لن تتكون لدى الإنسان إلا عندما يشعر بشيء من المتعة واللذة عندما يقرأ، وهذا لن يكون إلا حين تكون القراءة عبارة عن نوع من الاكتشاف، ونوع من تنمية العقل، وتوسيع قاعدة الفهم، وكل ذلك مرهون بامتلاك طريقة جديدة للتعامل مع المواد العلمية المقررة على الطلاب.
ثانياً: توفير الكتاب
إن من المهم أن يكون هناك رابطة لأصدقاء الكتاب، يكون همها العمل على توفير الكتاب، وتسهيل وصوله لأكبر عدد من الناس، من خلال إقامة المعارض، وتنشيط سوق "الكتاب المستعمل"
ثالثاً: توفير الوقت للقراءة
بعض الناس يخصص في يومه ساعة، يسميها الساعة الهادئة؛ فهو لا يستقبل فيها زائراً، ولا يرد فيها على هاتف، ولا يكلم فيها أحد من أهل بيته
إن القراءة المثمرة تستحق منا التخطيط والتفكير والمثابرة والعناء، لأنها من أهم العوامل التي تعيد صياغة وجودنا من جديد!

لماذا نقرأ؟
الإنسان متسائل بالفطرة، تواق إلى اكتشاف المجهول بالطبيعة؛ وحين يرتقي في معارج الحضارة، يتحول لديه كثير من المعارف العلمية من معطيات ممتعة ومرفهة إلى ضرورات حياتية، حيث يتوقف عليها نموه الروحي والعقلي والمهاري
كثير من الناس لا يعرف لماذا يقرأ! ولا يبالي بمساءلة نفسه عن الهدف التفصيلي الذي يقرأ لأجله!
مع أن تحديد ذلك بدقة مهم جداً لتحديد ما يلائم الهدف من أنواع الكتب وأنواع القراءة ومستوياتها.
ويمكن أن نقول: إن الأهداف العامة لقراءة معظم الناس ثلاثة هي:
أولاً – القراءة من أجل التسلية، وتزجية الوقت وملء الفراغ: وهذه القراءة هي الأكثر شيوعاً بين الناس.
ثانياً – القراءة من أجل الاطلاع على معلومات
ثالثاً – القراءة من أجل توسيع قاعدة الفهم: وهي أشق أنواع القراءة وأكثرها فائدة.
فالكتاب الذي يرقى بفهم قارئه ليس ذلك الكتاب المفهوم لديه، أو ذلك الذي يعرض معلومات وأفكار معروفة، وإنما ذلك الكتاب الذي يشعر قارئه أنه أعلى من مستواه، وأن فهمه يحتاج إلى نوع من العناء والجدية والتركيز.
إن الكتاب الذي يحسن الفهم، هو كتاب يتحدى ولا يعجز؛ فهو أعلى من مستوى القارئ لكن يمكن أن يرقى إليه إلى حدٍ مقبول.
إن مكاسبنا من وراء كتب تعطي معلومات كمكاسب شخص امتلك قطعة ذهبية، أما مكاسبنا من وراء كتب تُحسّن الوضع الفكري لدينا، فهي مثل مكاسب من أُعطي مفتاح منجم من الذهب!
إن هذا النوع من القراءة هو الذي يجعل معلوماتنا تزهر وتثمر.

 (أنواع القراءة)
أولاً – القراءة الاكتشافية:
هناك أسباب كثيرة تدعونا إلى عدم الاستعجال في شراء أي كتاب، مهما كان موضوعه أو ثمنه، وأيّاً كان كاتبه – ما لم نلقِ عليه نظرة تصفحية، لنكتشف مدى حاجتنا إليه، والطريقة التي علينا أن نتبعها في قراءته.
نستطيع خلال نصف ساعة أن نصل إلى حكم جيد على الكتاب إذا قمنا بالتالي:
قراءة مقدمة الكتاب، قراءة فهرس الموضوعات، الاطلاع على فهرس المصادر والمراجع التي اعتمد عليها المؤلف في بناء كتابه، بعض المؤلفين يضع ملخصاً مكثفاً في آخر كل فصل لما أورده فيه، وسيكون من المفيد قراءة بعض الملخصات، قراءة بعض صفحات أو فقرات من الكتاب لمعرفة مستوى المعالجة في الكتاب.
ثانياً – القراءة السريعة:
لو قدر للمرء أن يقرأ في حياته ستين سنة، وقرأ في كل أسبوع كتاباً، فإنه يكون قد قرأ نحواً من ثلاثة آلاف كتاب، وهو رقم متواضع جداً بالنسبة إلى ما هو منشور.
بعد تصح الكتاب واكتشاف مستواه، قرر القارئ أي نوع من القراءة يستحق، فهناك كتب تقرأ سريعة لا لتقاط النافع منها، وهناك كتب يجب أن تقرأ بدقة متناهية.
ثالثاً – القراءة الانتقائية:
حين يتجه المرء إلى التعمق في موضوع بعينه، فإنه يكون بحاجة إلى تتبع العديد من المراجع والكتب المتنوعة للعثور على مادة متجانسة، تساعده على تكوين صورة جيدة عن الموضوع الذي يهتم به.
القراءة التحليلية:
إن القراءة التحليلية هي أفضل أسلوب يمكن للمرء أ يتبعه في استكناه مضمون كتاب ما في وقت غير محدد؛ فهي لا تعني الاطلاع والاستفادة فحسب، بقدر ما تعني نوعاً من الارتقاء بالقارئ إلى أفق الكاتب الذي يقرأ له.
ومن محاور القراءة التحليلية:
سمات القارئ الجيد: إن النص الجيد هو النص الذي يشتمل على فراغات معرفية، وملء هذه الفراغات من الآن فصاعداً صار من مهمة القارئ الجيد، وحين يشرع القارئ في سدها تبدأ رحلة التواصل بينه وبين الكاتب.
ولكي يستطيع القارئ أن يستحوذ على أكبر قدر ممكن من عطاءات الكتب التي يقرؤها:
أ‌.        المثابرة على القراءة والحماسة في متابعتها.
ب‌.    القارئ الجيد يتمتع بقابلية جيدة لاستيعاب الجديد.
ت‌.    القدرة على الاستجابة لنبض العصر الثقافي ضرورة لمن يريد أن يقرأ قراءة مثمرة ينتفع بها.
إن الاستجابة لنبض العصر لا تعني الانفتاح المطلق، وقراءة كل ما هب ودب، لكنها تعني الوعي بالمعرفة التي يحتاجها مسلم اليوم، ليعيش زمانه بكفاءة وفاعلية، والوعي بما يرفع من قدرته على مواجهة التحديات المختلفة.
من الأسئلة الحيوية التي على القارئ أن يوجهها لنفسه: أسئلة تتعلق بمدى استيعابه لما قرأه.
وأدوات اختبار الفهم عديدة، لعل من أهمها أداتين:
الأولى: ان يحاول القارئ أن يأتي بأمثلة وملاحظات على القواعد والأفكار والملاحظات التي يثيرها الكاتب.

ثانياً: محاولة القارئ تلخيص ما قرأه في عبارات وفِقَر محدودة، بأسلوبه الخاص.

الأربعاء، 16 أبريل 2014

كتاب القوة الهادئة "غيّر طريقة تفكيرك يتغير العالم من حولك"

كتاب القوة الهادئة "غيّر طريقة تفكيرك يتغير العالم من حولك"
إعداد: محمد الفريح
دار النشر: العبيكان
الطبعة: الأولى 2014
عدد الصفحات: (324)
الكتاب عبارة عن (320) قصة، ومقالة، مذيلة بتعليق للكاتب، أو حكمة، أو  آية، حديث، خاطرة أو بيت شعر,
ألقى "بيل جيتس" مؤسس مايكروسوفت محاضرة في إحدى المدارس الأمريكية عنوانها "مهارات وأفكار لن تتعلموها في المدارس" جاء فيها:
العالم لا يعنيه احترامك لذاتك، ولا كيف ترى نفسك، فسوف يتوقع منك الجميع أن تنجز شيئاً، وان تؤدي دوراً قبل أن ينتابك شعور بالفخر تجاه نفسك.
لا تظن أن العمل في مطاعم الهمبرجر، وغسل الأطباق وظيفة دون المستوى، فما زال الناس في الدول الفقيرة يتمنون فرصة عمل كهذه.
إذا ما أخطأت، وسقطت، وارتبكت، فاعلم أن الذنب ذنبك، وليس ذنب أهلك، وبدلاً من أن تبكي حظك، وتندبه، تعلّم من أخطائك.
حكمة: معرفة رأي واحد ممن أثروا في هذه الحياة ووجهة نظره يساعد على تغيير طريقة نظرنا إلى كثير من الأمور في حياتنا.
يحكون أن فقيهاً كان يمشي في إحدى الطرقات، وإذا بلص يمد يده، ويخطف عمامته، فما كان من الفقيه، إلا أن أخذ يجري خلفه وهو يقول: وهبتك إياها، قل: قبلت.
لقد شعر بأن الحاجة الملحة هي التي دفعت اللص لارتكاب هذه الجناية، فرق قلبه له، وأحب له أن يمضي بالعمامة على أنها هدية له ليرتاح ضميره.
عبرة: نحن اليوم في حاجة ماسة إلى طريقة تفكير ذلك الفقيه، وإلى رقة قلبه ونبل عواطفه.
كثير من الأخطاء والتجاوزات التي تقع هنا وهناك لا تصدر في الغالب من أشخاص شريرين أو عدوانيين، إنها تصدر من أشخاص يمرون بلحظات ضعف أمام مغريات قوية. وأشخاص أساؤوا الفهم، فساء سلوكهم، وهكذا فإن المعرفة الكاملة صفح كامل.
...

(ترميم النفس)
كثرة عدد السكان مع الجودة فضيلة عند الأمم. لكن الخطأ أن يكثر العدد بلا نفع ولا إنتاج، والإسلام يحث على طلب الذرية الطيبة الصالحة، ولكن إذا تحولت كثرة النسل إلى عبء اجتماعي صار هذا خطأ في التقدير. ونحن في الشرق أكثر الأمم نمواً سكانياً مع ضعف في التربية والتعليم.
لقد هجر كثير منا الكتاب، وأصبح يعيش الأمية، فلا يحفظ آية ولا حديثاً ولا بيتاً شعرياً، ولم يقرأ كتاباً.
ولكنه علّق في مجلس بيته شجرة الأنساب؛ ليثبت لنا أن من أسرة آل مفلس من قبيلة الجهلة. والوحي ينادي: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
لقد أرضينا غرورنا بمدح أنفسنا، حتى سكر القلب بخمر المديح على مذهب جرير: "ألستم خير من ركب المطايا.."
وقفة: علينا ترميم أنفسنا بالإيمان والعمل وتهذيب عقولنا بالعلم والتفكر، وهذا جوهر رسالتنا الربانية الخالدة، وطريق ذلك المسجد والمكتبة والمصنع. والخطوة الأولى مكتبة منزلية على مذهب الخليفة الناصر الأندلسي يوم ألزم الناس بإنشاء مكتبة في كل منزل وقراءة يومية مركزة.
سألت نفسي: لو أن أحدنا كتب هذه العبارة مثلاً: "الله يراك، الله ينظر إليك، الله قريب منك، الله معك، يسمعك ويحصي عليك.."
كتبها في عدة أماكن في البيت، على شاشة الكمبيوتر، على المكتب، فوق التلفاز مباشرة، في السيارة. بل لو أن هذه العبارة لكثرة ما فكر فيها وأعاد النظر فيها، استقرت في عقله الباطن، واحتلت الصدارة في بؤرة شعوره وتردد صداها في عقله وقلبه؛ أحسب أن شيئاً مثل هذا لو نجح أحدنا فيه، سيجد له أثراً بالغاً في حياته، واستقامة سلوكه، وسيغدو مباركاً حيثما كان.
تدبر: قد تبدو لك كثير من الأمور في غاية التفاهة، ولكن عند التعمق فيها تبدو عكس ذلك تماماً.
...
(عبء المسؤولية)
لما تلقى عمر بن عبد العزيز "رضي الله عنه" خبر توليته الخلافة، انصدع قلبه من البكاء، وهو في الصف الأول، فأقامه العلماء على المنبر، وهو يرتجف ويرتعد، فأتى ليتحدث فما استطاع من البكاء. قال لهم: بيعتكم بأعناقكم، لا أريد خلافتكم، فبكى الناس وقالوا: لا نريد إلا أنت، فاندفع يتحدث فذكر الموت، ولقاء الله ومصارع الغابرين، حتى بكى من في المسجد.
عاش عمر رضي الله عنه عيشة الفقراء، كان يأتدم خبز الشعير في الزيت، وربما أفطر في الصباح بحفنة من الزبيب، ويقول لأطفاله: هذا خير من نار جهنم.
وقد ذهب إلى بيت المال يزوره، فشم رائحة طيب، فسد أنفه، قالوا: مالك؟ قال: أخشى أن يسألني الله عز وجل يوم القيامة: لم شممت طيب المسلمين في بيت المال؟
دخل عليه أضياف ليلاً، فأنطفأ السراج في غرفته، فقام يصلحه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، اجلس، قال: لا، فأصلح السراج، وعاد إلى مكانه، وقال: قمت، وأنا عمر بن عبد العزيز، وجلست، وأنا عمر بن عبد العزيز.
قالوا لأمرته فاطمة بعد أن توفي: نسألك بالله، أن تصفي عمر؟ قالت: والله ما كان ينام الليل، لقد اقتربت منه ليلة فوجدته ينتفض، كما ينتفض العصفور بلله القطر، قلت: ما بالك يا أمير المؤمنين؟ قال: مالي!
توليت أمر أمة محمد "صلى الله عليه وسلم" وفيهم الضعيف المجهد والفقير المنكوب، والمسكين الجائع، والأرملة، ثم لا أبكي. سوف يسألني الله يوم القيامة عنهم جميعاً، فكيف أجيب؟
خاطرة: أعد لكل مسؤولية تتولاها إجابة.
....
(شخصية مبادرة)
في إحدى أمسيات ديسمبر 1955، جمعت "روزا باركس" ذات البشرة السمراء التي كانت تعمل خياطة حاجاتها، وتجهزت للعودة إلى بيتها. وفي أثناء انتظارها للحافلة كانت تشاهد في ألم منظراً مألوفاً في أمريكا آنذاك، وهو قيام الرجل الأسود من كرسيه ليجلس مكانه رجل أبيض. تلك الممارسات العنصرية كانت تصيب "روزا" بحالة من الحزن والغضب، وعندما وقفت الحافلة، أبرمت روزا في صدرها أمراً، فما أن وجدت مقعداً خالياً، حتى ارتمت عليه، إلى أن جاءت المحطة المقبلة وقد امتلأت المقاعد، فاتجه إليها رجل أبيض بانتظار أن تقوم من كرسيها ليجلس مكانها، لكنها نظرت إليه غير مبالية! ثارت ثائرة الرجل الأبيض، وأخذ الركاب البيض يسبونها ويتوعدونها إن لم تقم من فورها، وتجلس الرجل الأبيض الواقف. لكنها أصرت على موقفها. فما كان من سائق الحافلة إلا أن يتوقف عند أقرب مركز شرطة، وتم التحقيق معها وتغريمها. ومن هنا انطلقت الشرارة في سماء أمريكا، فثارت ثائرة السود في أمريكا وقرروا مقاطعة المواصلات، والمطالبة بحقوقهم. وبعد (381) يوماً خرجت المحكمة بقانون إلغاء ذلك العرف الجائر وكثير من القوانين العنصرية الأخرى.
وفي 27 أكتوبر 2001، وبعد مرور 46 سنة على هذه الحادثة، تم إحياء ذكراها في التاريخ الأمريكي، حيث أعلن ستيف هامب، مدير متحف هري فورد عن شراء الحافلة القديمة المهترئة من موديل الأربعينيات التي وقعت فيها حادثة السيدة "روزا باركس"
وفي أكتوبر 2005 احتشد الآلاف من المشيعين في جنازة "روزا باركس" التي توفيت عن عمر يناهز 92 عاماً.
وقد تم تكريمها بأن رقد جثمانها في أحد مباني الكونجرس، وهو إجراء تكريمي لا يحظى به سوى الرؤساء والوجوه البارزة.
تدبر: كل حدث تاريخي جلل، وكل موقف كبير مشرف، كان وراء شخصية مبادرة تؤمن بقدرتها على قهر ما اصطلح الناس على تسميته (المستحيل)، فكيف يصبح المرء منا شخصية مبادرة؟ كيف يمكن أن نصنع بأيدينا العالم الذي نحيا فيه؟
...
شاب هولندي أسلم على يديه المئات في مدة وجيزة على الرغم من قلة علمه الشرعي، وقرب عهده بالإسلام. سُئل عن سر محبة الناس له، وما الذي سهل مهمته في الدعوة؟ فأجاب: فقط تصرفت بوصفي مسلم.
تدبر: قبل كل شيء كن لطيفاً مع نفسك، ففاقد الشيء لا يعطيه، فاللطفاء مع أنفسهم رصيدهم من الثقة كبير؛ لذا تجدهم أقرب إلى العطاء بعكس الذين يكرهون أنفسهم فهم في سعي دائم للأخذ والاستئثار بكل شيء.
(أدب التغافل)
من المواقف الجلية في أدب التغافل، ما ذكره ابن جريج عن عطاء بن أب رباح، قال: إن الرجل ليحدثني بالحديث، فأنصت إليه، كان لم أسمعه قط، وقد سمعته قبل أن يولد.
وقال ابن الأثير، متحدثاً عن صلاح الدين الأيوبي، بلغني أنه كان جالساً، عند جماعة، فرمى بعض المماليك بعضاً بنعل فأخطأه، ووصل إلى صلاح الدين، فأخطأه ووقع بالقرب منه، فالتفت إلى الجهة الأخرى يكلم جليسه ليتغافل عمّا حدث.
وقال عمرو بن عثمان المكي: المروءة التغافل عن زلل الإخوان.
وعن أبي بكر بن عياش قال: قال كسرى لوزيره: ما الكرم؟ قال: التغافل عن الزلل.
وقال المهاجري: قال أعرابي لرجل: قد استدللت على عيوبك بكثرة ذكرك لعيوب الناس؛ لأن طالبها متهم بقدر ما فيه منها.





الخميس، 10 أبريل 2014

كتاب أنا تتحدث عن نفسها

كتاب أنا تتحدث عن نفسها، " من عرف نفسه عرف ربه
 للمؤلف: د. عمرو شريف، دار النشر: مكتبة الشروق الدولية،
 الطبعة الأولى ٢٠١٣، (٤٠٦) صفحة

المنهج الذي اتبعته في عرض فصول هذا الكتاب، هو أن أعرض في بداية كل فصل بعض المفاهيم المتعلقة به وأحللها، وربما أطرح حولها بعض التساؤلات، ثم أعرض المزيد من الأفكار عن طريق إدارة حوار مع عالمٍ معاصر - التقيت به أو لم ألتقِ - عالي التخصص في هذا المجال.
قد يبدو الكتاب من النظرة الأولى غير متناسق، فهو يحوي موضوعات شتى، تتراوح بين البيولوجيا، والفيزياء، والكيمياء والطب، وعلم النفس، والطب النفسي، والفلسفة، والأنثروبولوجيا (علم الإنسان)، والدين. ولكن أليست الأنا على هذا التباين، بل أشد. إن الخيط الذي ينتظم هذه اللآلئ التي انتقيتها لك هو "الذات الإنسانية."
- أنا ذات عاقلة
إن الإنسان ظاهرة غامضة، يقف العلم الحديث عاجزاً حيال معظم مفرداته الإنسانية التي بالإمكان رصدها ملاحظة وتجريباً. إن كلاً من التشابه والتباين الشديدين بيني وبين الحيوان له دلالته الهامة في فهم حقيقة الإنسان.
إن الوقائع التجريبية تشهد كل يوم بوجود أصول أخرى للظاهرة الإنسانية غير الأصل الحيواني، وفي الوقت نفسه يعجز العلم المعاصر عن تحديد تلك الأصول، وقبل أن ننطلق في البحث عنها، ينبغي أولاً أن نتأمل سماتي الإنسانية التي سمت بي فوق كل الكائنات.
أنا ذات واعية: إن لوعيي ثلاث مستويات: وعي بنفسي، وعي بعالمي الداخلي، ووعي بالوجود الخارجي
أنا ذات فاهمة مفكرة: يطرق مخي في الثانية الواحدة عدد هائل من المعلومات، وبالرغم من عظم هذه المشتتات، يقوم المخ بتكوين تصور متناسق للعالم من حولي.
أنا ذات متوحدة متجسدة، ذات خصوصية: لا شك أن "الواحدية" من أهم صفاتي،
 فجميع سمات الذات وروافدها تصب في أنها تخص "شخص واحد"، لذلك فالقرارات التي يتخذها العقل تكون لمصلحة ذلك الشخص الذي هو "أنا"."
. أنا ذات حرة لها إرادة، وقادرة على الاختيار
ويمكن تعريف حرية الإرادة بأنها قدرتي على الاختيار بوعي بين بدائل، في الوقت الذي يمكنني فيه أن أقوم باختيار آخر.
أنا ذات ممتدة عبر الزمن وقادرة على الانتقال فيه.
أنا كائن خيالي: فالإنسان هو الكائن الوحيد القادر على انتزاع نفسه من الواقع، وطرح التساؤل: كيف كان الحال يبدو لو كان الأمر على غير ما هو عليه الآن؟
أنا ذات ذكية مبدعة: اطلعت مؤخراً على النظريات الحديثة التي تبين أنني أتمتع بأنواع متعددة من الذكاء، وأن لكل نوع مركز محدد في المخ، إذا أصابه العطب تأثر هذا النوع من الذكاء دون سواه..
أنا ذات مدركة.
أنا ذات تؤمن بالسببية.
 أنا ذات تحب الاستطلاع والبحث.
أنا ذات تعاطفية اجتماعية.
 أنا ذات بيان: فلغة الإنسان تميزها عن الرموز والأصوات التي تستخدمها الحيوانات في التواصل عدة سمات:
تتميز لغة الإنسان بثراء شديد في المفردات.
. لغة الإنسان قادرة على التعبير عن الماضي والمستقبل أو عن معنى افتراضي تخيلي
تستخدم اللغة الإنسانية المجاز والاستعارة والتشبيه بشكل شديد التركيب.

(الوعي يقهر اللاوعي)
الفطرة أم التنشئة: أيهما المتحكم في سلوك الإنسان، عوامله الوراثية التي تنتقل إليه من والديه، أم ما ينشئونه عليه من مفاهيم.
أثبتت مراجعة الأبحاث العديدة التي أجريت على مدى عقود، أن لتنشئة الوالدين لأطفالهما تأثير كبير على حالتهم النفسية والعقلية ويبدأ هذا التأثير من مرحلة ما قبل الولادة.
وقد أظهرت الأبحاث الحديثة أن نشاط المخ البشري يتطور مع المراحل العمرية، بحيث يصبح مؤهلاً لبرمجته بكم هائل من السلوكيات والمعتقدات.
فما بين الولادة وسن العامين تكون الموجات الكهربائية السائدة في المخ هي موجات دلتا البطيئة، ثم تسود موجات ثيتا الأنشط قليلاً بين العامين والستة أعوام. ومع موجات دلتا وثيتا يكون المخ أكثر قابلية للبرمجة والإيحاء، فيراكم مخ الطفل كمّاً هائلاً من المعارف السلوكية والمعتقدات. لذلك ننصح بعدم توجيه الملاحظات السلبية لأطفالنا (مثل أنت غبي، أنت لا تستحق...) حتى لا يتم برمجتها وبالتالي يعتبرها المخ من الحقائق البديهية التي يصعب تغييرها فيما بعد.
طرح دانييل سيجل في أحد كتبه مفهوم "أن التنشئة نوع من الهندسة الوراثية"؛ فسألته ما الذي ينبغي على الوالدين فعله حتى تنتج هندستهما الوراثية منتجاً جديداً؟
فأجابني قائلاً: إن ذلك يبدأ قبل حدوث الحمل!
فلقد أثبتت الدراسات أن في آخر مراحل نضج البويضات والحيوانات المنوية (التي ستكون الجنين) يتم ضبط نشاط مجموعات معينة من الجينات المسؤولة عن الكثير من صفات الطفل؛ لذلك فإن ما يجري في حياة الوالدين في هذه المرحلة يكون له تأثير كبير على جسم وعقل أبنائهما.
وفي أثناء الحمل يتجاوب الجنين مع كل فعل للأم أو فكرة أو شعور، وينعكس ذلك على تشكل مخ الجنين وعقله وعلى مزاجه وشخصيته.
واستطرد د. سيجل في حديثه عن عمق تأثير التنشئة وعلاقتها بالفطرة فقال: إذا كان للجينات بعض دور في تحديد صفاتنا العقلية والنفسية والسلوكية (الإيجابية والسلبية)، فإن تلك الجينات يتم تفعيلها وتوجيهها من قِبل الظروف المحيطة. لذلك لن يفيد كثيراً أن يمتلك الجنين (ثم الطفل) جينات إيجابية بدرجة كبيرة، إذا كان سيواجه الإهمال وسوء التوجيه الذي سيعطل تلك الجينات.
سألت سيجل: هل من سبيل لإعادة برمجة المفاهيم السلبية لإيجابية؟
قال: إن إعادة برمجة ما تم دمغه في اللاواعي من مفاهيم سلبية هو جوهر العلاج عن طريق جلسات التحليل النفسي، وهو ما يعرف بالعلاج المعرفي السلوكي.

(أنا في العلوم الإنسانية)
يقول الفيلسوف إيمانويل كانت، في كتابه الأشهر "نقد العقل الخالص"؛ إن شيئين يملآن عقله بالإعجاب والإجلال المتجددين والمتزايدين على الدوام: السماوات المرصعة بالنجوم من فوقه، والقانون الأخلاقي في داخله. فالسماء ترمز عنده إلى معرفتنا عن العالم الفيزيائي ومكانتنا في هذا العالم. والأخلاق تتصل بالذات غير المرئية؛ بالشخصية الإنسانية خاصة حرية الاختيار.
قد يفهم البعض من نظرية "كانت" المترددة بين نجوم السماء وبين الذات الإنسانية، أن على الإنسان أن يتبنى إما النظرة المادية وإما النظرة الإنسانية. ولكني في الحقيقة أرى بين النظرتين علاقة تبادلية، فنظرة الإنسان لذاته تتوقف إلى حد بعيد على نظرته لما حوله.
(الذات الإنسانية في الفكر الشرقي القديم)
إذا كانت المشكلة الرئيسية التي تواجه الفكر الإنساني هي مشكلة "معاناة" الإنسان في هذه الحياة، فقد أرجعها الفكر الشرقي القديم إلى "الهوة" بين ما يكونه المرء وما يملكه بالفعل، وبين ما يريد أن يكونه أو يملكه، لذلك كانت المعاناة حتمية. فالفقير الذي يتعلق بالثروة يعاني، والضرير الذي يتعلق بالإبصار يعاني
ولما كان الأمر كذلك، فإن الحل للتخلص من المشكلة "المعاناة" هو أن يتطابق ما هو كائن وما هو مرغوب، وليس لذلك من سبيل إلا أحد طريقين، إما السعي لتحصيل ما يتطلع إليه المرء، كالاجتهاد لتحصيل الثروة إذا كان المرء فقيراً...، ولكن ستظل هناك رغبات يستحيل تحقيقها كالخلود للميت
لذلك تدور الحكمة الشرقية حول مفهوم "اللاتعلق"".
يحتل مفهوم المعاناة في الفكر البوذي مكانة محورية، ويعرف بالدوخا، وهي كلمة تعبر عن جميع أشكال معاناة الإنسان. ومع الأخذ في الاعتبار أن الوجود الفاني يتسم كله بالمعاناة، فإن هدف البوذية النهائي هو القضاء تماماً على الدوخا.
تعرف السعادة في البوذية بالنيرفانا، ويتم التوصل إليها عن طريق "القضاء على الجهل" الذي "يوهمنا بوجود الأنا". عند ذلك تتلاشى الرغبات وتفنى الأغراض الشخصية الباطلة، التي تجعل الحياة دنيئة وذليلة ومروعة، وبتعبير بوذا: كل من شاء أن ينقذ حياته عليه أن يخسرها.

?(كيف بنيت الحضارة)
لا شك أن مؤسسة الأسرة كانت أكبر وأرسخ ابتكارات الإنسان منذ بداية بنائه لحضارته وحتى الآن، حتى يمكننا القول إنه لولا استقرار الأسرة عبر التاريخ لأصاب الإنسان الإنقراض كما حدث لكائنات أخرى.
وفي كل المجتمعات، تعتبر مراسم وطقوس الزواج بمثابة إعلان لقبول الشخصين "بشكل أبدي" الالتزام بقيم مجتمعهم والعمل على تأصيل ثقافته وتوارثها من جيل إلى جيل، وفي المقابل يعلن المجتمع رضاءه عن هذه العلاقة.
وفي نظرة سريعة لتاريخ أسلافي منذ أن خلق الله تعالى الإنسان وحتى الآن، نجد أنه قد عاش على سطح الأرض حوالي ١٠٠ بليون نسمة. وقبل اثني عشر ألف عام، "تمثل حوالي ٥٠٠ جيل إنساني فقط" بلغ عدد سكان الأرض حوالي عشرة ملايين نسمة جميعهم يعيشون حياة الصيد وجمع الثمار، وفي هذا التوقيت تقريباً بدأ الإنسان في بضعة أماكن في زرع النبات وتدجين الحيوان واستعمال مصادر للطاقة غير عضلاته.
إن رحلة أسلافنا لبناء الحضارة، ملحمة تفوق في معاناتها كل ما خط في ألف ليلة وليلة، ولشغفي بتلك الملحمة، ولإدراكي بأن حديث الذات الإنسانية عن نفسها لا يكتمل دون عرضها، لجأت إلى خبير بها لأحاوره وهو الدكتور بيتر فارب:
يقول بيتر فارب: كان أسلافنا يحيون "حياة مجتمع الرفاهية الحقيقية."
وقد أظهرت الدراسات الميدانية الكثير عن أسلوب حياة أسلافنا هؤلاء. ولا شك أن أول ما يلفت النظر هو تقسيم المهام بين الرجل والمرأة، فكانت المرأة مسؤولة عن جمع الفواكه والثمار، وكان الرجل يعزز هذا الغذاء بلحم الصيد الغني بالبروتين.
ولا يعرف هؤلاء الأسلاف مفهوم اختزان الطعام لأوقات الحاجة في المستقبل!
حتى إن مفاهيم الحرص والادخار لم تكن معروفة لديهم، كذلك كان مفهوم الملكية الفردية الخاصة عندهم ضعيف.
لماذا لم نعد نراهم؟
سألت بيتر فارب ما بالنا نجد أن هذا النمط قد انقرض، أو كاد؟
قال: يكمن سر التضاؤل السريع في أعداد الصيادين وجامعي الثمار في أن المزارعين، وهم أقوى منهم، ومن بعدهم سكان المجتمعات الصناعية، وهم أقوى كثيراً من الاثنين، استولوا على الأراضي التي كان يعيش عليها الصيادون وجامعوا الثمار.
"الثورة المدنية"
قلت لبيتر فارب: بعد أن انتقل الإنسان من الحياة الحرة الطليقة التي ميزت معيشة الصيادين وجامعي الثمار، إلى الحياة المستقرة المتحفظة للمزارعين، فإنه قد انتقل إلى الحياة في المدن، فكيف تمت هذه النقلة الهائلة؟
فأجاب: يعتقد معظم الأنثربولوجيين أن الزراعة قد نشأت أولاً، ثم نشأت القرى الزراعية، ثم تطورت إلى البلدة، وأخيراً المدينة.
وهذا يعني أن المدن كانت طفيليات تطفلت على الزراعة.
وقد كانت التجارة من أهم العوامل التي أدت إلى نشأة الحياة المدنية.

(حقيقتي بين الكينونة والتملك)
لقد جُبل العقل البشري على إدراك الموجودات "مادية ومعنوية" على هيئة ثنائية، تمثل قطبين متقابلين.
وإذا كان التملك أمر بديهي لحياة الإنسان في هذه الدنيا، فإن ما يرفضه "إيريك فروم" هو أن يصبح مقدار ما نملكه هو مقياس قيمة الإنسان.
لذلك قامت الديانات السماوية بالحث على ألا يطغى نمط التملك على كينونة الإنسان وإلا خسر إنسانيته.
وإذا كان النمط التملكي في الحياة يُذهب بجوهر الإنسان وهو كينونته، فإن له سلبية كبيرة أخرى؛ فإذا كنت أنا هو ما أملك، ثم فقدت ما أملك، فماذا يتبقى لي من نفسي؟
الكينونة نقيض التملك، ويعني الارتباط بالعالم بروابط حقيقية أصيلة، كما يعني الاهتمام بالجوهر الصادق للشخص كنقيض للمظهر الخادع.
وفي أسلوب الكينونة لا يتعاظم الإحساي بالقلق وانعدام الأمان الناشئين من خطر فقدان الممتلكات. فإن كنت أنا من أكون ولست ما أملك، فلن يسلبني فقدان شيء أمني أو ينال من إحساسي بتكاملي وتماسك شخصيتي.
(أنا والموت)
مستويات موت المخ:
يفرق الطب بين موت الأجزاء المختلفة للمخ كالآتي:
موت القشرة المخية، مع بقاء جذع المخ سليماً.
موت جذع المخ.
موت المخ الكلي.
(الدين والموت)
يبين لنا القرآن أن "الموت هو المقابل أو النقيض للحياة"، ويظهر هذا جلياً في مقابلة الموت بالحياة في أكثر من ستين موضعاً في القرآن.
الحياة غير الروح..
ومما يؤكد الطبيعة المختلفة للروح عن حياة الجسد هو مغادرة الروح للجسد أثناء النوم، وبالرغم من ذلك فالنائم ليس ميتاً.
موت الإنسان بالمنظور الديني:
بما أن الموت هو نقيض الحياة، فإنه يتكون أيضاً من مرحلتين، هما:
مغادرة الروح الجسد.
توقف الحياة (الموجودة أصلاً في الجسد قبل نفخ الروح).