الخميس، 26 سبتمبر 2013

كتاب الأيام، سيرة ذاتية لطه حسين




الأيام، لطه حسين، دار النشر: مركز الأهرام للترجمة والنشر.
هذا حديث أمليته في بعض أوقات الفراغ لم أكن أريد أن يصدر في كتاب يقرؤه الناس، ولعلي لم أكن أريد أن أُعيد قراءته بعد إملائه، وإنما أمليته لأتخلص بإملائه من بعض الهموم الثقال والخواطر المحزنة التي كثيراً ما تعتري الناس بي حينٍ وحين.
الذين يقرأون هذا الحديث من المكفوفين، سيرون فيه حياة صديق لهم في أيام الصبا تأثر بمحنتهم هذه قليلاً قليلاً حين عرفها، وهو لم يعرفها إلا شيئاً فشيئا حين لاحظ ما بينه وبين إخوته من فرق في تصور الأشياء وممارستها.
كان يخاف أشد الخوف أشخاصاً يتمثلها قد وقفت على باب الحجرة فسدته سداً، وأخذت تأتي بحركات مختلفة أشبه شيء بحركات المتصوفة في حلقات الذكر، وكان يعتقد أن ليس له حصن من كل هذه الأشباح المخوفة والأصوات المنكرة، إلا أن يلتف في لحافه من الرأس إلى القدم وكان واثقاً أنه إن ترك ثغرة في لحافه فلا بد من أن تمتد منها يد عفريت إلى جسمه فتناله بالغمز والعبث.
كان سابع ثلاثة عشر من أبناء أبيه، وخامس أحد عشر من أشقته، وكان يشعر بأن له بين هذا العدد الضخم مكاناً خاصاً يمتاز به.
على أنه لم يلبث أن تبين أن لغيره من الناس عليه فضل وإن إخوته وأخواته يستطيعون ما لا يستطيع، وأحس أن أمه تأذن لإخوته وأخواته في أشياء تحظرها عليه،، وكان ذلك يحفظه، ولكن لم تلبث هذه الحفيظة أن استحالت إلى حزن صامت عميق، ذلك أنه سمع إخوته يصفون ما لا علم له به، فعلم أنهم يرون ما لا يرى.
كان قليل الأكل لا لأنه كان قليل الميل إلى الطعام، بل لأنه كان يخشى أن يوصف بالشره أو أن يتغامز عليه إخوته.
وقد آلمه ذلك أول الأمر، ولكنه لم يلبث أن تعوده حتى أصبح من العسير عليه أن يأكل كما يأكل الناس.
كان أهل القرية يحبون التصوف ويقيمون الأذكار، وكان صاحبنا يحب منهم ذلك، ولم يبلغ التاسعة من عمره حتى كان قد وعى من الأغاني والتعديد والقصص وشعر الهلاليين والأوراد والأدعية جملة صالحة، وحفظ إلى ذلك كله القرآن.
ولكنه لا يعرف كيف حفظ القرآن، ولا يذكر كيف بدأه، ولا كيف أعاده، وإن كان يذكر من حياته في الكتاب مواقف كثيرة، منها ما يضحكه ومنها ما يحزنه؛ يذكر أوقاتاً كان يذهب فيها إلى الكتاب محمولاً على كتف أحد أخويه، لأن الكتاب كان بعيداً، ولأنه كان أضعف من أن يقطعه ماشياً تلك المسافة.
أصبح صبينا شيخاً وإن لم يتجاوز التاسعة لأنه حفظ القرآن، ومن حفظ القرآن فهو شيخ مهما تكن سنه.
كان ينتظر أن يكون شيخاً حقاً، فيتخذ العمة ويلبس الجبة والقفطان، وكان من العسير إقناعه بأنه أصغر من أن يحمل العمة ومن أن يدخل في القفطان.. وكيف السبيل إلى إقناعه بذلك وهو شيخ قد حفظ القرآن! وكيف يكون الصغير شيخاً! وكيف يكون من حفظ القرآن صغيراً هو إذاً مظلوم ... وأي ظلم أشد من أن يُحال بينه وبين حقه في العمة والجبة والقفطان!
وما هي إلا أيام حتى سئم لقب الشيخ، وكره أن يُدعى به، وأحس أن الحياة مملؤة بالظلم والكذب، وأن الإنسان يظلمه حتى أبوه، وأن الأبوة والأمومة لا تعصم الأب والأم من الكذب والعبث والخداع.
كان لا يزال صغيراً، ولم يكن من اليسير إرساله إلى القاهرة، ولم يكن أخوه يحب أن يحتمله، فأشار بأن يبقى حيث هو سنة أخرى..
وأن يقضي هذه السنة في الاستعداد للأزهر، ودفع إليه كتابين يحفظ أحدهما جملة، ويستظهر من الآخر صُحفاً مختلفة. فأما الكتاب الذي لم يكن بد من حفظه فألفية ابن مالك، وأما الآخر فمجموع المتون، وأوصى الأزهري قبل سفره بأن يبدأ بحفظ الألفية..
وكم كان فرحاً مختالاً حين غدا إلى الكُتاب يوم السبت، وفي يده نسخة من "الألفية"! لقد رفعته هذه النسخة درجات وإن كانت قذرة..
وكان وأقرانه يقرأون كتب السحر ومناقب الصالحين وكرامات الأولياء، ويتأثرون بها، ثم لا يلبثون أن يتجاوزوا القراءة والإعجاب إلى الاقتداء والتجربة، وإذ هم يسلكون مناهج الصوفية ويأتون ما يأتيه السحرة من ضروب الفن، وكثيراً ما يختلط في عقولهم السحر والتصوف، فيصبح كلاهما شيئاً واحداً، غايته تيسير الحياة والتقرب إلى الله.
أما في هذه المرة فستذهب إلى القاهرة مع أخيك، وستصبح مجاوراً، وستجتهد في طلب العلم، وأنا أرجو أن أعيش حتى أرى أخاك قاضياً وأراك من علماء الأزهر، وقد جلست إلى أحد أعمدته ومن حولك حلقة واسعة بعيدة المدى. قال الشيخ لابنه آخر النهار في يوم من خريف سنة ١٩٠٢، وسمع الصبي هذا الكلام فلم يُصدق ولم يُكذب، ولكنه آثر تصديق الأيام له.
أطال التفكير في قول أبيه: إني لأرجو أن أعيش حتى أرى أخاك قاضياً وأراك صاحب عامود في الأزهر. وفيما هو يفكر في هذا ويتمنى أن يمس أعمدة الأزهر ليرى أهي كأعمدة هذا المسجد، وللطلاب دوي غريب، أحس أن هذا الدوي يخفت ثم ينقطع، وغمزه أخوه بيده قائلاً في صوت خافت: لقد أقبل الشيخ. اجتمعت شخصية الصبي كلها حينئذ في أذنيه. وأنصت، ماذا يسمع؟ يسمع صوتا خافتا هادئاً رزيناً ملؤه شيء قل إنه الكبر، أو قل إنه الجلال، أو قل إنه ما شئت، ولكنه شيء غريب لم يحبه الصبي.
حين أرسل الصبي إلى القاهرة ليختلف إلى دروس العلم في الأزهر كان في الثالثة عشرة من عمره، كان صبي جد وعمل، نحيفاً شاحب اللون مهمل الزي أقرب إلى الفقر منه إلى الغنى، تقتحمه العين اقتحاماً في عباءته القذرة وطاقيته التي استحال بياضها إلى سواد قاتم، وفي هذا القميص الذي يبين أثناء عباءته وقد اتخذ ألواناً مختلفة من كثرة ما سقط عليه من الطعام، ومن نعليه الباليتين المرقعتين.
لقد كان ينفق الأسبوع والشهر لا يعيش إلا على خبز الأزهر، وويل للأزهريين من خبز الأزهر؛ إن كانوا ليجدون فيه ضروباً من القش وألواناً من الحصى وفنوناً من الحشرات.
كان جاداً مبتسما للحياة والدرس، محروما لا يكاد يشعر بالحرمان. حتى إذا انقضت السنة وعاد إلى أبويه وأقبلا عليه يسألانه كيف يأكل؟ وكيف يعيش؟ أخذ ينظم لهما الأكاذيب كما تعود أن يقص القصص، وما كان يدفعه إلى هذا الكذب حب الكذب، إنما كان يرفق بهذين الشيخين ويكره أن ينبئهما بما هو فيه من حرمان، وكان يرفق بأخيه الأزهري، ويكره أن يعلم أبواه أنه يستأثر دونه بقليل من اللبن.
أقام في القاهرة أسبوعين أو أكثر، لا يعرف من أمره إلا أنه ترك الريف وانتقل إلى العاصمة ليطيل فيها المقام طالباً للعلم في الأزهر..
كان يخرج من ذلك المكان المسقوف، فيجد حر القهوة على صفحة وجهه من شمال، وتبلغ قرقرة الشيشة أذنه اليمنى، فيستقبل حانوتاً كان له في حياته أثر عظيم: حانوت الحاج فيروز الذي كان يبيع لأهل الحي أكثر ما كانت تقوم عليه حياتهم من الغذاء وكان للحاج فيروز خطر عظيم آخر في حياة هؤلاء الطلاب؛ فباسمه كانت ترسل الرسائل التي تحمل إليهم أخبار الأسر، والتي تحمل إليهم في طياتها أحياناً تلك الورقة الضئيلة التي كانوا يذهبون بها إلى مكتب البريد فيدخلون وجيبوهم خالية، ويخرجون ورنين الفضة في جيوبهم.
كان صاحبه يقول له: هذه هي المفارق الأربعة، إن مضيت عن يمينك فإلى السكة الجديدة، وإن مضيت عن شمالك فهي الدراسة، ولكننا سنمضي أمامنا فنسلك شارع الحلوجي، وهو شارع العلم والجد والعمل، ضيق تكاد تبلغ جانبيه إذا مددت يديك عن يمين وشمال، ولكنك تمضي بين حوانيت صغيرة تباع فيها الكتب جديدها وقديمها، جيدها ورديئة، مطبوعها ومخطوطها، وكم كانت للصبي في ذلك الشارع الضيق وقفات ممتعة.
لم يكن يعلم من الأمر الأزهر وما يحتويه شيئاً، وإنما كان يكفيه أن تمس قدميه الحافيتين أرض هذا الصحن، وإذ هو يشعر أنه في وطنه...
كان يشعر شعوراً غامضاً ولكنه قوي بأن هذا العلم لا حد له، وبأن الناس قد ينفقون حياتهم كلها ولا يبلغون منه إلا أيسره.
كان قد سمع من أبيه الشيخ ومن أصحابه الذين كانوا يجالسونه من أهل العلم أن العلم بحر لا ساحل له، فلم يأخذ هذا الكلام على أنه تشبيه أو تجوّز، وإنما أخذه على أنه الحق كل الحق.
كانت هذه الخواطر كلها تثور في نفسه الناشئة فجأة، فتملؤها وتملكها وتنسيها تلك الغرفة الموحشة وتلك الطريق المضطربة الملتوية بل تنسيها الريف ولذاته، وتشعرها بأنها لم تكن مخطئة ولا غالية حين كانت تتحرق شوقاً إلى الأزهر وضيقاً بالريف.
كان الصبي يحب الأزهر في هذه اللحظة حين ينفتل المصلون من صلاة الفجر وينصرفون وفي عيونهم النعاس، ليتحلقوا حول هذا العمود أو ذاك.
لم يكن الصبي يفرغ لنفسه إذا أخذ مجلسه على ذلك البساط في ركن من أركان الغرفة، إنما كان يستعرض الخواطر التي كانت تملأ رأسه خواطر الطريق، وصحن الأزهر وما سمع من أستاذ الحديث والفقه، كان يستعرض هذه الخواطر ويعيش معها لحظات لا تطول؛ فإن أخاه لم ينصرف عنه حين ألقاه في مجلسه ذاك ليفرغ لنفسه وحدها، وإنما انصرف عنه ليعد طعام الإفطار. وكان هذا الإفطار يختلف بين يوم ويوم لا في مادته، ولكن فيما يحيط به من الظروف، فقد كان صامتاً يوما وناطقا مصطخباً يوماً آخر، صامتاً حين يخلو الصبي إلى أخيه فيفطران معا إفطارا سريعا مظلما لا يكاد أحدهما ينطق فيه بشيء، وناطقا مصطخباً حين يشارك فيه زملاء الشيخ، حيث يهمل الصبي إهمالا تاماً.
جماعات ضخمة من أبناء الريف التي كانت تفد على القاهرة لتدرس العلم والدين في الأزهر؛ فتصيب من العلم والدين ما تستطيع، ولكنها تُصيب معها ألواناً من علل الأجسام والأخلاق والعقول أيضاً.
أقبل اليوم المشهود، فأنبئ الصبي بعد درس الفقه أنه سيذهب إلى الامتحان في حفظ القرآن توطئة لانتسابه إلى الأزهر، ولم يكن قد أنبئ بذلك من قبل، فلم يتهيأ لهذا الامتحان، ولو قد أنبئ به لقرأه على نفسه قبل ذلك ولكنه لم يفكر في تلاوته منذ وصل القاهرة.
انتظر أن يفرغ الممتحنان من الطالب الذي كان أمامهما، وإذ هو يسمع أحد الممتحنين يدعوه بهذه الجملة التي وقعت من أذنه ومن قلبه أسوأ وقع: "أقبل يا أعمى".
ولولا أن أخاه أخذ بذراعه فأنهضه في غير رفق وقاده إلى الممتحنين في غير كلام، لما صدق أن هذه الدعوة قد سيقت إليه؛ فقد تعود من أهله كثيراً من الرفق به وتجنباً لذكر هذه الآفة بمحضره.
جلس أمام الممتحنين وطُلب إليه أن يقرأ سورة الكهف، فلم يكد يمضي في الآيات الأولى منها حتى طُلب إليه أن يقرأ العنكبوت، فلم يكد يمضي في الآيات الأولى منها حتى قال له أحد الممتحنين: "انصرف يا أعمى، فتح الله عليك".
جعل أخو الصبي يحفظ ديوان الحماسة ويُحفظه لأخيه، وربما قرأ عليه شيئاً من شرح التبريزي، وكان يقرؤه على نحو ما كان يقرأ كتب الفقه والأصول، ويتفهمه على نحو ما يتفهم هذه الكتب. وكان الصبي يحس أن هذا الكتاب لا ينبغي أن يقرأ ولا أن يُفهم على هذا النحو.
كان الصبي قوي الذاكرة، فكان لا يسمع من الشيخ كلمة إلا حفظها، ولا رأياً إلا وعاه، ولا تفسيراً إلا قيده في نفسه.
كانت الإجازة تمكنه من أن يفرغ لنفسه فيفكر - وما أكثر ما كان يفكر! - ومن أن يخلو إلى إخوته فيقرأ، وما أكثر ما كان يقرأ..
كان شباب الأسرة يعودون من معاهدهم ومدارسهم وقد ملئوا حقائبهم بتلك الكتب التي لا تتصل بدراستهم المنظمة، ولا يتاح لهم أن يقروءها.
بلغ القاهرة وأقام فيها مع خادمه، يختلف معه إلى دروس الأزهر، ويهيئ له طعام الإفطار، ويقرأ له قراءة محطمة متعثرة أثناء فراغه.
ولكن الجامعة قد أنشئت، وإذا صاحبنا يقبل عليها وينتسب إليها. وإذا هو يختلف مع غلامه إلى الأزهر مصبحا وإلى الجامعة ممسياً.
وإذا هو يجد للحياة طعماً جديداً، وإذا هو يتصل ببيئة جديدة وبأساتذة لا سبيل إلى الموازنة بينهم وبين أساتذته في الأزهر.
لم يكد يتصل بالجامعة حتى رثت الأسباب بينه وبين الأزهر، فأصبح لا يمنحه من الوقت إلا أقصره، ولا يعطيه من الجهد إلا أيسره.
ولم تكن الجامعة وحدها هي التي صرفته عن الأزهر، وإنما صرفه عنه قبل ذلك زهده فيه، وضيقه به، وملله من أحاديثه المعتادة.
وما هي إلا أن أخذ يجرب نفسه في الكتابة، كما جرب نفسه في الشعر بين يدي أستاذه المرصفي، ولم يكد الفتى يأخذ في الكتابة حتى عرف بطول اللسان والإقدام على ألوان من النقد، قلّما كان الشباب يقدمون عليها في تلك الأيام.
لم تكن حياة الجامعة عيداً متصلا رائع الإمتاع لمكان الأساتذة الأجانب فحسب، بل كان فيها أساتذة مصريون يضيفون إلى روعتها روعة..
ولم ينسى الفتى طائفة من هؤلاء الأساتذة كان لهم في حياته أبعد الأثر وأعمقه، لأنهم جددوا علمه بالحياة وشعوره بها وفهمه لها.
ألقى الشيخ عبدالعزيز جاويش في روعه فكرة السفر إلى فرنسا، فماله لا يفكر في هذا السفر؟ وما يمنعه أن يبتغي إليه الوسيلة؟
تحقق الحلم السعيد الذي داعب نفس الفتى أعواماً، وأصبح صاحبنا عضواً في بعثة الجامعة إلى فرنسا..
استقبل الفتى حياته في مدينة مونبلييه سعيدا بها إلى أقصى ما تبلغ السعادة، فقد حقق أملا لم يكن يقدر أنه سيحققه في يوم من الأيام.
وهو على قلة حظه من إحسان اللغة الفرنسية لم يكن يجد كثيراً من المشقة، ولا يبذل كثيرا من الجهد ليفهم من الدرس فهما يغنيه ويرضيه.
عرض له في أثناء إقامته في فرنسا ما أحيا في نفسه آمالا لم تكن تخطر له ببال. فهو قد عرف أنه يستطيع أن يكون كغيره من الناس..
أنفق السنة الأولى من حياته في باريس لا يخرج من بيته إلا إلى السوربون، فكان سجيناً أو كالسجين، وربما خلا إلى نفسه اليوم كله.
كان غريباً في وطنه، وكان غريباً في فرنسا، وكان يرى أن ما يصل إليه من حياة الناس ليس إلا ظواهر لا تكاد تغني عنه شيئاً.
كان قد أعطى الجامعة قبل أن يسافر ذلك العهد الذي كان يعطيه أعضاء البعثة قبل سفرهم ألا يتزوج في أثناء إقامته طالباً للعلم.
وهو لم ينقض العهد لأنه خطب ولم يتزوج ولكنه عجل إلى الزواج، فليس بد من استئذان الجامعة، وقد أزمع أن يستأذنها، وكتب إليها في ذلك..
أذنت له الجامعة، ولكنه هو لم يأذن لنفسه ولم تأذن له الفتاة حتى يظفر بدرجة الليسانس التي لم يظفر بها مصري بعد..
والغريب في أمر صاحبنا أنه لم يكن في ذلك العام يتهيأ لامتحان الليسانس وحده، وإنما كان في الوقت نفسه يعد رسالة الدكتوراه، وقد زاده إذن الجامعة له بالزواج جداً وكداً ونشاطاً، حتى كان العام الأول لخطبته غريباً حقا، كلف فيه نفسه وخطيبته من الأمر أعسره..
وألقي نبأ النجح إلى الفتى، فلم يصدقه حتى صحبته خطيبته إلى السوربون وقرأت له اسمه بين أسماء الناجحين، وأصبح الفتى من غده وأبرق إلى الجامعة، ولم يمض يومان حتى أبرقت له الجامعة تهنئة وترسل له مكافأة قدرها عشرون جنيهاً، في ذلك اليوم قرر الخطيبان أن يُتما زواجهما

الخميس، 19 سبتمبر 2013

كتاب أنا وأخواتها .. رحلة في أسرار الذات

أنا وأخواتها.. رحلة في أسرار الذات، د. سلمان العودة، نشر: الإسلام اليوم.
كتاب يقتحمك مباشرة بدون مُقدمات، يأخذك في رحلة لاستكشاف أسرار ذاتك، يجعلك في مواجهة معك ثم يرحل دون خاتمة ولا كلمة وداع!
قد يُطلق الإنسان لقباً وظيفياً كالوزير والمدير والمشرف مما تقتضيه الحاجة، ويُعد جزءاً من تحمل المسؤولية، لكن ما الداعي لأن يُضيف: سماحة، أو معالي، أو فخامة، أو فضيلة، أو سعادة..؟ أو أن يُحاسب الآخرين حينما يخلون بهذا البروتوكول الممل الذي يستنزف الأوقات، ويُثقل الاسماع، ويُفسد الأذواق، خاصة إذا تكرر، أو تجاوز حده، أو مُنِح لمن لا يستحقه؟
بعض التعريفات المتبوعة بسابق، تبدو وكأنها محاصرة لصاحبها في دائرة الماضي، وحُكم عليه بالمؤبد!
ليس يُعاب الإنسان باللقب العلمي ما دام صادقاً وغير مزور، وما لم يتحول إلى ادعاء أو تضخيم، على أن القيمة الحقيقية ليست في الشهادة، بل بالمعرفة والأخلاق، والاعتراف بفضل الآخرين وسبقهم.
إذا كان "السرطان الروحي" هو تضخم الأنا، فالزهد المُعتدل الواعي يُمثل التجرد.
الزهد ليس بتحريم الحلال، ولا بترك الطيبات، هو تجرد القلب والروح من حظوظ النفس.
الزهد هو الدافع وراء انجازات عظيمة آثر أصحابها ألا تنسب إليهم. كان الشافعي يقول: "وددتُ أن الخلق تعلموا هذا العلم وأنه لم يُنسب إليّ منه حرف".
حين تضع إنجازك إلى جوار تراكم حضاري بشري عمراني وفكري إبداعي وتقني ستقول: "فص ملح وذاب!".
وحين يتمثل الإنجاز حياً أمامك عليك ألا تطيل الوقوف أمامه، والتأمل في تمثاله، والتغني بجودته أعطه ظهرك وانهمك في بناء جديد.
الإنجازات المتسلسلة، والنجاحات، والإخفاقات، والخبرة تحفر مجراك في أرض الحياة، وتجعل لحياتك معنى.
كلما كان الإنسان عفوياً بعيداً عن التكلف كان أكثر محاكاة لذاته.
لن تسمح الأنا لأحد بانتقاصها؛ فثمة حارس يحرسها من الانتهاك.
عندما ينتقدني أحد أو يلومني، فإن ذلك يُعد نقصاً للنفس، وستحاول الأنا أن تُصلح الإحساس النفسي بالتبرير والدفاع واللوم.
وسواءً كان الآخر على صوابٍ أم لا، فـ"الأنا" مهتمة بالحفاظ على النفس أكثر من الحقيقة.
تظل "الأنا" حيّة حتى بعد موتك! أحدهم كان يطمع أن يكثُر الناس في جنازته، ليُقال: جنازة مشهودة!
الأنا الطاغية تبدأ بـ"أنا"، وتنتهي بـ"من أنتم؟"، و "الكبرُ بطرُ الحق وغمطُ الناس".
استعلاء الذات يعني ازدراء الآخرين، والنظر للشعوب على أنها "دهماء، ورعاع، وهمج"، فلا بد من الوصاية عليها، وحمايتها من نفسها.
وشرع العبادة والسجود والقرب من الله لقمع الذات الطاغية المنفصلة عن ربها (كلا إن الإنسان ليطغى* أن رآه استغنى)
سنكون سعداء حين نشرح معاناتنا لأحد فيبدأ في التعاطف معنا، وإلقاء اللوم على الآخرين، بينما نعد من الخذلان أن يحاول تمرير رسالة مفادها أننا (ربما) نتحمل بعضُ المسؤولية.
الذي ينتقد الأعداء يتحدث عن قضية مشتركة مجمع عليها، فالجميع يصفق له ويثني عليه، لأنه يتحدث في منطقة آمنة لا خوف فيها ولكن ربما أفرط وبالغ حين صوّر إخفاقاتنا وكأنها من صُنع أعدائنا ولا يد لنا فيها.
النقد ليس تشفياً ولا تصفية حساب، لكنه طريق إلى الفهم والإصلاح والتدارك، وحين نكون مخلصين فيه سندرك أن الحق هو أن نبدأ بأنفسنا ولا نجعلها استثناء، ولا نتعالى عن هذا الواقع وكأننا أوصياء عليه من خارجه.
الشهرة السريعة قد تفقد الشاب اتزانه، فيتصرف بطريقة يندم عليها، وبسبب الأضواء ترتبك رؤيته عن ذاته.
والطفل حين يشتهر يفقد جزءاً من براءته وعفويته، ويعتاد على الترسيم والتمظهر!
يقول ابن عطاء السكندري: إذا تعاطيت أسباب الشهرة في بدايتك، قلّ أن تفلح في نهايتك!
كثير من المشاهير يأخذون مقالب في أنفسهم، ويكبر لديهم الوهم بتميزهم، وينسون ما كانوا عليه بالأمس، وما يمكن أن يكونوا عليه غداً.
سُئل ابن المبارك عن معنى العُجْب؟ فقال: أن ترى أن عندك شيئاً ليس عند غيرك!
لا شيء يمنح الحيوية للحياةِ ذاتها، وللأحياء مثل التنافس في الخير، والتسابق إليه.
أصل السبق هو سبق القلوب، وهو ما يقل التنافس فيه لخفائه ودقته وغفلة معظم الخلق عن تحقيقه.
من دون الآخرين ستظل تجهل أشياء كثيرة عن نفسك ومن نفسك.
اللغة مؤسسة اجتماعية تقتضي وجود آخر تتفاهم معه وتسمع صداه.
حين تحاول انتهاك الآخر؛ فأنت تُحرّض على فعل المثل في حقك. وحين تحفظ مقامه وحقه؛ فأنت تؤسس لمجتمع الحقوق.
الإبتسامة صدقة منك على نفسك، بتجردك من الكبر أو التعاظم، ورؤية الذات، أو الانقباض والتشاؤم.
وهي - أي الإبتسامة - صدقة على الآخرين، لأنك تمنحهم بها أُنساً وسعادة ونفساً خاصة حين تكون تعبيراً صادقاً عما في قلبك لهم.
قد تصاب نحن بطغيان الأنا، فيصبح تسلطا على البشرية. جماعات وأمم تلبس لبوس الكفر، وتتحدث بلغة الاستعلاء، وتدعي أن قولها الفصل.
طغيان الأنا الجماعية يجعل حكومة ما محكمة العالم، ويمنحها حق شن الحروب والتصفيات، وتصنيف العالم إلى أخيار وأشرار.
قد ينظر شعب إلى نفسه على أنه شعب الله المختار، ويمنح نفسه حق تصفية شعب آخر وحرمانه من وطنه كما يفعل الصهاينة.
الشعور بـ"الأنا" مثل النظر في المرآة، والمرآة هنا هي الدائرة المحيطة فلا يشعر الإنسان بذاته إلا عبر معاملة من حوله، ونظرتهم له.
حين تُلاحقك أشباح الماضي، وتحرمك متعة الحاضر، جرب أن تستغفر الله عشراً ومائة وألفاً، دون ملل، قرر أن يكون الخطأ سبباً في صواب أعظم، كما فعل عمر رضي الله عنه حين قال يوم الحديبية.... "فعملت لذلك أعمالاً".
عند بعضهم ممنوع أن تُخطئ، وإذا أخطأت فممنوع أن تتكلم عن خطئك، وعند آخرين جاهزية للتشهير والفضيحة وكأنهم ملائكة أطهار!
اللامبالاة مصيبة، كما التأنيب المفرط حين يحمل على الكآبة والعجز والانقطاع.
ثم حالات عابرة يجب نسيانها أو تناسيها، بل يمكن للإنسان أن يشكك في حدوثها أصلاً، ربما كان الأمر توهماً أو ظناً في غير محله.
فكر بالمستقبل وكيف تكون إيجابياً في التعامل مع العصبية، وليس في الماضي فحسب، فلست قادراً على تغيير الماضي مهما يكن أسودا.
حاذر اللغة السلبية التي تُبعدك عن الله ولا تقل: حتى ربي يكرهني! البلاء خير بشرط أن تعتبره خيراً.
الموت ليس فناءً ولا نهاية، إنه انتقال من ضفة إلى أُخرى، ميلاد جديد، عبور إلى عالم آخر.
"الموت" يجعلنا نصر على تجاوز التوافه والحماقات والعدوات الشخصية، ونتجه صوب ثلاث مقاصد:
١ ما الذي يجعلنا نعيش حياتنا سعداء منتجين؟
 ٢- ما الذي سيقوله الناس عنا بعد الموت؟ وما الإلهام الذي سيجدونه في سيرنا؟
3- - ما الذي سنجده في الدار الآخرة من الأعمال الصالحة؟
معظم إبداعات البشر كان الموت حاضراً فيها، المسلمون وغيرهم، علي رضي الله عنه كان يقول: "أنفاس المرء خطاه إلى أجله".
ستيف جوبز يقول: "عش يومك وكأنه اليوم الأخير في حياتك، ستكون صائباً يوماً ما!".
اللغة الهادئة المحببة المشفقة هي اللائقة بالناصحين، وليس لغة الزجر والإغلاظ؛ التي تدعو إلى النعت والنفور، خاصة حين
تُخاطب المكلومين والمصابين، ولعل جُلّ الناس كذلك!
الخيال تمرّدٌ على ظروف الزمان والمكان! كل تغيير في الحياة يسبقه خيال.
الخيال أهم من المعرفة. "اينشتاين" هل هذا صحيح؟ في حالات كثيرة نعم. لأن المعرفة تحدد كل ما نعلمه الآن، أما الخيال فيتجاوز الحاضر ويُشير إلى ما قد نكتشفه في المستقبل.
يبدو أن الإنسان مدرسة لنفسه، لو أنه كاشفها وصارحها وخلا بها بعيداً عن عيون الناس، وصبر عليها لفجر من منابع الخير فيها وجفف من منابع الشر والعدوان ما لا تصل إليه عيون الرقباء.
"الغربة" تُلهم، فالغربة حرمان، والمحروم يقرأ بشكل مختلف، ويلتقط المعنى من زاويته الخاصة.
الصفائية الذاتية مصدر إلهام، فمن صحّ جنانه فصح لسانه، والتقي النقي يُلقّى الحكمة.
لا تجعل الهمّ في بؤرة العناية ولا تلحّ، فشدة الإلحاح تعرقل الإلهام، ولا تعجل فالعجلة "لمة الشيطان".
أن تدرب القلب، كما العقل، كما البدن، أن يكون عصياً على الاستفزاز والإيذاء، عصياً على تقبل الحقد والكراهية، محافظاً على صفائيته فذلك معناه أن تكون ذا جاهزية عالية لتقبل الإلهام.
الهدف حلم مؤقت له مدة ينتهي إليها؛ أما الحلم فهو شوق دائم متصل بنبض القلب وخفق الروح وتطلع العقل وسبح الخيال.
حين يتحقق الحلم كأنه يتبخر، إذا قطفته مات، فأجمل ما في العمر هو الانتظار، لحظات الترقب مشحونة بتفاعل غريب هو ذروة الحياة.
الحلم نقلة من ضيق اللحظة إلى سعة المستقبل، من الإحباط إلى الأمل والتفاؤل، من الخوف إلى الرجاء والتطلع.
ثمّ من يحاصر الحياة وأسوأ منه من يحاصر الأحلام، فلا يريد من الناس أن يحلموا، أو أن يمتد خيالهم إلى أبعد من معاناتهم اليومية.
شعورك بأنك يجب أن تضيف شيئاً إلى الحياة، أنك تعيش مخلصاً لحلم تنتظره ... هذا يكفي!
حين تربط حلمك بالله تمنحه أزلية وسرمدية؛ ليتحول من حلم فرد إلى أحلام أمة، من حلم دنيوي معزول إلى أفق فسيح ممتد إلى حيث الآخرة والعدل والقسط والفضل الرباني، في نعيم لم تر عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على بال.
العتب العابر حياة للحب، ما لم يتحول إلى ملامة دائمة توحي بانفكاك رباط الوصل!
لِمَ لا تعود قلبك نسيان الآلام ليكون أقدر على استقبال موجات الفرح والسعادة؟
نكونُ أحراراً في كل شيء إلا في مشاعرنا، حين نفقد السيطرة عليها.
ثلاثة أمور ينبغي أن تكون في حياتك، لتكون حيا بجدارة: شيء تفعله، شيء تحبه ،شيء تأمله. حين نعمل ونكدح فسوف نحب الحياة وتحبنا.
حين لا تعمل والزمن يمر، يتساوى عندك الليل والنهار، والساعات والدقائق، وهنا يلح عليك السؤال: لماذا أعيش؟
العمل والدراسة ليس لكسب الرزق والوظيفة فحسب، بل للشعور بالانتماء للحياة وصناعة الأهمية لها وللنفس.
أكثر ما يغضب الناس تجاهلهم الذي يعني ازدراء أشخاصهم، أو عدم احترامهم.
السجن ليس هو الجدران والأقفال والشبابيك والقيود والأحكام. السجن الحقيقي هو إشعار المرء بالمهانة والاحتقار، وأنه زائد على الوجود، ولا أهمية له يحيا أو يموت، يغضب أو يرضى، يقترب أو يبتعد.
"احترم نفسك"؛ كلمة يقولها الآخر وهو يهم بالإيقاع بك، وبذا تحولت من لغة جميلة صادقة إلى تهديد ترتعد له الفرائص.
احترام النفس يعني احترام الإنسان ذاته.
حين يستحضر الجندي معنى الشرف والاحترام سيكون "إنساناً" في كل شأنه، وليس مجرد أداة للبطش والفتك.
الجندية المقترنة بالخوف والرعب والانتهاك ليست هي الحامي ولا المؤهل للبقاء، بل جندية الأرواح الصامدة التي لا تقهر، والتي علاقتها الحب والاحترام وحفظ الجميل.
ربما يتظاهر المرء بالهدوء وفي أعماقه براكين من الانفعالات والغضب الذي يوشك أن ينفجر.
الهدوء الروحاني ليس استعلاء على الآخرين ولا فوقية، وإنما هو سلوك يستلهم منه الآخرون مواقفهم، ويشجعهم على الاستجابة.
حين يمر المرء بتجارب الحياة سيدرك أن من السهل أن يقول، ومن الصعب أن يعمل ويمتثل.
لا تسمح للاحتمالات المخيفة أن تنغص عيشك، وهي غالباً لا تقع. علمياً ثبت أن ٩٠٪ مما يخافه الناس لا يقع.
أصدق ما يكون الإنسان حين يعبر عن ذاته، وقديماً قال حكيم: "لأن أعبر عن ذاتي ويكرهونني، خير من أن أعبر عنهم ويحبونني"!
محمد صلى الله عليه وسلم كان مثالاً في العفوية وعدم التكلف، في الجريان مع الطبع البشري والفطرة السليمة، قال لرجل: "هون عليك، فإنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة".
العفوية هي شخصية الإنسان حين تتجرد من الصنعة والزيف، وتتألق كما خلقها ربها.
الصمت ليس ضعفاً، هو القوة الحقيقية في مواجهة النفس، ما يقوله الآخرون لا يضرك إلا إذا شئت.
وقع لي غير مرة أن أجد نفسي في مرمى سهام كثيرة، بعضها "نيران صديقة" لم أجد أروح لنفسي من الصمت، وترديد حسبنا الله ونعم الوكيل.
أثناء الحملة لا يجدر بك أن تدخل في حرب تختلط فيها النوايا، ويخوضها العالم والجاهل، وبعد هدوء الحملة تجد أن الأمر لا يستحق الرد.
لا تنس أن الصمت أحيانا هو "أنا" سلبية، متدثرة بلباس التعالي والغرور، فحذار أن يكون صمتك استعلاءً على الناس، أو ازدراءً لهم.
الإيمان بالذات وقدراتها وتطلعاتها، هو إيمان بخالقها المبدع الذي قدر فهدى، والذي خلق فسوى.
والوهم تدمير للذات، وتسلط لقوى سلبية عليها، تنهكها حتى الموت.
المبتلى بالريبة والشك لا يزال في اضطراب، يحسب كل صيحة عليه، وهو يظن أن من الذكاء والفطنة أن يحاصر الآخرين بالأسئلة والحق أن يحاصر نفسه، ولا يزال الشك يفتك بنفسه حتى يشك بأقرب الناس إليه، فلا يبقى له صديق.

يعتقد كثيرون أن الاخطاء تكشف ضعفهم، ولا يحبون الاعتراف بها، إذا كان الخطأ ضعفاً فالاعتراف قوة!

الجمعة، 13 سبتمبر 2013

كتاب ثم صار المُخُّ عقلاً

ثم صار المخ عقلاً، د. عمرو شريف، نشر: مكتبة الشروق الدولية.
عند شروعي في تجميع مادة الكتاب العلمية كان في داخلي قناعة معينة، عن العلاقة بين المخ والعقل، وإذ بقناعتي أثناء رحلتي مع الكتاب تتغير أكثر من مرة، ولم أكن أدري على أي شاطئ ستحط بي السفينة في نهاية الرحلة. "المؤلف"
مما يلفت الانتباه أن لفظ "العقل" في صيغته الاسمية لم يرد في القرآن مطلقاً، لكن وردت مشتقاته في صيِغه الفعلية مثل عقلوا ويعقلون ونعقل ويعقل.. قرابة ٥٠مرة، أما الألفاظ التي تدل على النشاط العقلي بصفة عامة، مثل التفكير والتدبر والعلم والنظر والتفكر والتبصر، فقد وردت مئات المرات.. وربما يرجع عزوف القرآن عن استخدام الصيغ الاسمية إلى اهتمامه بالأفعال ونتائجها أكثر من اهتمامه بالتفاصيل النظرية.
يمارس الإنسان العديد من النشاطات الحركية والحسية والنفسية والعقلية بدقة متناهية، وبتلقائية شديدة، حتى أصبحنا نعتبر أن هذه النشاطات من البديهيات، ومن ثم فقدنا القدرة على تصور مدى التعقيد المذهل في الآليات المخية والعقلية وراء هذه
النشاطات، وبالتالي لم نعد نُنزل المخ/ العقل المنزلة التي يستحقها..
ومن أجل أن تعود لنظرتنا للمخ/ العقل نضارتها، مما يزيد من فهمنا واستمتاعنا في رحلتنا مع الكتاب، دعنا نقف مع بعض
عجائب المخ/العقل: إن قطعة من نسيج المخ تبلغ حجم حبة الرمل، تحوي قرابة مائة ألف خلية عصبية، وملايين الألياف العصبية ومع إن كتلة المخ تبلغ أقل من ٢٪ من كتلة الجسم، فإنه يستأثر بحوالي٢٠٪ من كمية الأوكسجين المستخدمة في الجسم، مما يعكس مقدار نشاطه. ثم هل تعلم أن تلفاً ما بالمخ يمكن أن يجعل إنساناً محتفظاً بكامل قدراته الإدراكية والعقلية، يتنكر لوالديه ويعتقد أنهما محتالان يتقمصان شخصيتهما، ويتنكر لنفسه أيضاً ويعتقد أنه قد مات، بل ويشم رائحة جسده الذي تعفن!
(المخ البشري، بنيته، وظائفه، آلياته) يتمتع المخ هذا العضو الهلامي بحماية بالغة، تقدمها ثلاثة أغلفة تحيط به، كما
يطفو فوق سائل يمتص عنه الصدمات، ثم يُحفظ في صندوق عظمي قوي.
ثبت للعلماء أن المخ تكوين ديناميكي يُعدل من تركيبه خلال سويعات، كاستجابة للتغيرات داخل الجسم وخارجه، وتصل هذه
الاستجابة إلى درجة تكوين خلايا عصبية جديدة وهو أمر كان يُعتقد باستحالته فيما مضى! وتعرف بظاهرة المرونة العصبية
فمثلاً يؤدي فقد الإبصار إلى زيادة شديدة في حساسية أطراف الأصابع، مما يمكن هؤلاء المرضى من القراءة بطريقة برايل.
يرى إيرك كاندل: أن لكل إنسان عقله الذي لا يُشابهه عقل آخر، وذلك بسبب غزارة وتنوع التواصل بين تريليونات الوصلات المخية.
كما يرى " كاندل": أننا لا نعيد نفس الفكرة أو نفس الشعور في حياتنا مرة أخرى، إذ إن بعد كل فكرة وكل إحساس تتبدل بنية المخ.
أثبت العلم أن هناك نظامين مختلفين تماماً للمعرفة والإدراك، يتفاعلان فيما بينهما لبناء حياتنا العقلية.
النظام الأول: "العقل المنطقي" وهو مسؤول عن فهم ما ندركه تمام الإدراك وما هو واضح وضوحاً كاملاً في وعينا، وكذلك إدراك ما يحتاج التفكير فيه منا إلى عمق وتأمل.
النظام الثاني: "العقل الانفعالي العاطفي" وهو نظام قوي ومندفع، يتعامل مع مشاعرنا ومع أمور مبهمة وغامضة في فكرنا، بل ويتعامل مع مشاعر وأمور لا ندركها على المستوى الواعي على الإطلاق.
هناك توازن دقيق بين العقل المنطقي، والعقل الانفعالي، فالعقل الانفعالي يُغذي ويزود عمليات العقل المنطقي بالمشاعر والانفعالات، بينما يعمل العقل المنطقي على تنقية مدخلات العقل الانفعالي بإخضاعها للمنطق فيقبلها.
في حياتنا اليومية يستقبل المخ فيضاً من المدخلات التي يقوم بتصفيتها وترتيبها ووضعها في "منظومته الاعتقادية" التي شكلها الإنسان خلال حياته، وفي كل مرة ترد معلومة جديدة يتم تسييفها في موضع يتفق مع نظرتنا للوجود ويقوم بذلك الفص الأيسر.
لكن إذا استقبل المخ معلومات جديدة لا تنسجم مع منظومته الاعتقادية، فكيف يسلك؟ أحد البدائل أن يمزق أوراقه القديمة ويبدأ في عمل تصور آخر يستوعب المعلومات الجديدة. المشكلة أننا إذا فعلنا ذلك مع كل جديد لا ينسجم مع منظومتنا فستكون أفكارنا وسلوكياتنا مشوشتين غير مستقرتين، ماذا يفعل نصف دماغنا الأيسر تجاه ذلك الموقف؟ إما أنه سيهمل المعلومة تماماً أو أنه سيلويها ويُحرّفها لتتلاءم مع منظومته.
ظهر حديثاً باستخدام تقنيات تصوير المخ أن رؤية حركة ما تُنشط في مخ الرائي المراكز العصبية المسؤولة عن القيام بهذه
الحركة، فعلى سبيل المثال، فإن رؤية إنسان يمارس لعبة تنس الطاولة مثلاً، ليست مجرد رؤية وفقط، لكنها تُنشّط العصبونات
المسؤولة عن ممارسة اللعبة، ومن ثم يكتسب الإنسان قدراً من المهارة دون ممارسة اللعبة، فإذا شرع في ممارستها، أداها كأن له بها خبرة عملية سابقة.
كذلك يفسر مفهوم عصبونات المحاكاة ما نستشعره من تعاطف عند رؤية شخص في محنة، فإذا كانت محنته تنشط بعضاً من المراكز في مخه، فإنها تنشط أيضاً نفس المراكز في مخ من يشاهده.
إن التأمل في مفهوم عصبونات المحاكاة، يطرح على بال المرء خاطراً مثيراً، إن هذه الخلايا العصبية تجعل البشر جميعاً
كأنهم شخص واحد؛ يتعلمون "فعلياً" من بعضهم البعض، ويجعل ما اكتسبه الفرد من خبرة كأنه خبرة "حقيقية" للآخرين، كما يجعلنا نستشعر "فعلياً" ما يشعر به الآخرون من سعادة أو معاناة.
في السنوات الأخيرة تطرق اهتمام علماء النفس إلى أنواع من الذكاء لا تعتمد على القدرات العقلية للتحصيل الدراسي أهمها: نظرية الذكاء المتعدد: تقوم هذه النظرية على ركيزتين رئيسيتين: الأولى تؤكد أنه لا يوجد نوع واحد من الذكاء الإنساني
بل توجد عدة أنواع، يشغل كلٍ منها مركزاً مستقلاً في المخ. أما الركيزة الثانية: فهي أن أنواع الذكاء تتفاعل فيما بينها للقيام بمهام الحياة المختلفة، فالتفاوض بين بائع ومشتر على سعر منزل مثلا، يتطلب تعاوناً بين الذكاء اللغوي والذكاء المنطقي الرياضي وذكاء العلاقة مع الآخرين.
منذ أكثر من ١٢٥ عاماً لاحظ العلماء علاقة الذكاء بالفص الجبهي بالمخ، وقد زاد الاهتمام بالعلاقة الوظيفية بين المخ والذكاء بعد اختراع جهاز رسم المخ الكهربائي، وبعد استخدام التصوير بتقنية الانبعاث البوزيتروني لدراسة الذكاء، وجد الباحثون أن الأشخاص الأكثر ذكاء يبذلون مجهودا عقليا أقل عند أداء اختبار عقلي، بينما احتاج الأقل ذكاء إلى بذل مجهود عقلي أكبر، كما ثبت أن التدريب على أداء الاختبار يؤدي إلى انخفاض نشاط أجزاء المخ المُشاركة في الأداء، مما يعني أن التعلم يوفر الكثير من الطاقة والجهد المبذولين.
في عام ٢٠٠٤، وضع المتخصصون تقسيماً جديدا للذاكرة، فقسموها إلى نوعين: أ. الذاكرة التقريرية ب. الذاكرة غير التقريرية
والذاكرة التقريرية هي التي تساعد الإنسان في القيام بالأمور التي يفعلها بتلقائية، ولا يتعمد التفكير فيها كحك الجلد ووضع ساق على الأخرى..
ثم قسم المتخصصون الذاكرة التقريرية إلى ذاكرة الأحداث، وذاكرة الألفاظ.
تقابل ذاكرة الأحداث دفتر مذكراتنا اليومية، ففيها نسجل الأحداث اليومية المتغيرة (الذكريات).
أما ذاكرة الألفاظ، فتُشبه القاموس ودوائر المعارف، ففيها نُسجل الثوابت والحقائق المحيطة بنا (المعلومات).
لما كانت ذاكرة الأحداث مرتبطة بتتابع الأحداث عبر الزمن، فإنها تمثل جزءا من ملكة هامة وهي "الانتقال العقلي عبر الزمن"
التي تعني القدرة العقلية على استرجاع أحداث مضت، وكذلك تصور ما يمكن أن يحدث في المستقبل، وقد ثبت أنها صفة إنسانية لا تتمتع بها الحيوانات.
أهم مراكز المخ البشري وأكبرها مراكز اللغة؛ تفكيراً ونطقاً وسمعاً وفهماً وتمثل اللغة فارقا جوهريا بين الإنسان وباقي الكائنات الأخرى.
وينبغي أن نميز بين مفهوم التواصل بصفة عامة وبين اللغة بصفة خاصة، إن التواصل ببساطة هو نقل المعلومات عن طريق الكلام أو الكتابة أو الإشارات أو السلوك، ولا شك أن الحيوانات تستطيع التواصل مع أفراد جنسها بوسائل مختلفة، كالروائح وغيرها أما اللغة، فهي مهارة، أو فعل أو القدرة على التعبير عن الأفكار والمشاعر والمدركات، وكذلك التواصل مع الآخرين نطقاً وكتابة.

كيف يُمارس المُخ التعقل؟ يقول روبن دنبر: الإنسان هو الكائن الوحيد القادر على انتزاع نفسه من الواقع، وطرح التساؤل كيف كان الحال يبدو لو كان الأمر على غير ما هو عليه الآن؟ إنه لأمر هائل، أن يكون للإنسان حياة عقلية داخلية خيالية، إن هذا الخيال يقف وراء العلم والأدب والفلسفة والدين. فالعلم يقوم على التساؤل؛ لماذا صار العالم على ما هو عليه الآن.
كيف نُدرك العالم من حولنا؟ توجد في قشرتنا المخية الحديثة عدة مناطق للتربيط، تقوم بإثراء فهمنا للعالم من حولنا، وذلك عن طريق التعرف على محتوياته، وتوجيه استجاباتنا الانفعالية والمعرفية والسلوكية تجاهه، وأهم هذه المناطق الأربعة منطقة تربيط التشكيل، منطقة تربيط الانتباه، منطقة تربيط المفاهيم اللفظية، منطقة تربيط الأبصار.
إن مناطق التربيط أهم همزات الوصل بين المخ والعقل، فبالإضافة لدورها في إدراك الوجود، فإنها (مع مشاركة أجزاء أخرى من القشرة المخية) تعيننا على فهمه، وذلك من خلال قيامها بمهام نطلق عليها "آليات المعرفة - الفهم".
الآليات المعرفية هي التي تمكننا من أن نفكر ونستشعر ونُخبر العالم من حولنا بالطريقة التي تناسب العقل البشري وتميزه إن هذه الآليات تشكل كل أفكارنا ومشاعرنا، وهي في نفس الوقت ليست بالأفكار ولا المشاعر، إنها "المبادئ المنظمة لأداء المخ" إنها قدرتنا الفطرية الغريزية التي تعمل في تجانس من أجل أن نصبح الكائن المفكر الواعي المستشعر، الذي يفهم ويحلل.
ومن هذه الآليات: آلية التجميع: وهي التي تمكننا من رؤية عدة مكونات منفصلة ككل واحد، فنحن نرى الأوراق والفروع والجذع واللحاء كشجرة واحدة. آلية الترميز: وتعتبر القدرة على الترميز من أهم سمات العقل الإنساني، فالعقل البشري
يستطيع أن يحول قصداً أو عفواً أي تجربة حسية واقعية أو تخيلية إلى رموز نحتفظ بها لأنفسنا أو ننقلها للآخرين، من خلال اللغة أو الموسيقى أو الرسم أو رموز الكمبيوتر أو غيرها.
إذاً إن عملية التعقل تتم على مرحلتين؛ الأولى، مرحلة الإدراك (الانتباه) والمسؤول عنها في المقام الأول مناطق التربيط المختلفة بالقشرة المخية، والمرحلة الثانية، هي مرحلة الفهم، وهي سمة مميزة للإنسان، وقد تقف هذه المرحلة وراء ما يميز الحضارة الإنسانية من إبداع وابتكار.
(معضلة الوعي)؛ المعضلة الكبرى التي تواجه العلماء والفلاسفة، هي كيف ننتقل من نظام كهروكيميائي كالذي يمارسه المخ، إلى استشعارنا الذهني غير المادي؟ كيف يترجم الدماغ موجات ذات أطوال معينة تسقط على شبكية العين إلى الوعي بها؟
لا شك أن ظاهرة العقل والذات الإنسانية تجد الإجابة عنها في سلاسة ويسر في الديانات، وتتمثل في كلمة واحدة وهي "الروح".
لكن هل تتفق الفلسفة والعلم مع الدين في وجود مثل هذا الجوهر غير المادي للإنسان؟
يخبرنا الفيلسوف دافيد شالمرز أنه قد تصدى لهذه القضية اتجاهان رئيسيان: الاتجاه المادي الفيزيائي الذي يعتبر أن الوعي ظاهرة مادية من نتاج المخ، وأن كهرباء وكيمياء المخ يمكن أن يفسرا لنا عمليات التعقل، وما يمارسه الإنسان من وعي ومشاعر وأفكار مجردة، ومن ثم فليس هناك شيء آخر خارج المخ. أما الاتجاه المادي: فيرى أن عمليات التعقل غير فيزيائية غير مادية وإن كانت على اتصال بالظواهر الفيزيائية، ويرى هذا الاتجاه أن هناك عقلاً مسؤولاً عن هذه الظواهر يختلف تمام الاختلاف عن المخ، وأنهما ينتميان إلى عالمين مختلفين، المخ ينتمي إلى عالم المادة، بينما ينتمي العقل إلى عالم غير مادي لا ندركه.
(عالم العباقرة)؛ إن العبقرية ليست كما يعتقد معظمنا مجرد زيادة كبيرة في معدل الذكاء، فمعظم العباقرة بالرغم من تميزهم الفائق في أحد المجالات، كانوا عاديين تماماً في المجالات الأخرى، أي يمكن مقارنتهم بالمعتوهين الموهوبين!
إذا كان الذكاء محصلة لمجموعة من القدرات العقلية، وكانت هذه القدرات تحت تحكم الجينات، فقد يحدث - من حين لآخر - اندماج لبعض الجينات، فنحصل على نتائج مبهرة. فقد تتحد مثلاً القدرات البصرية مع المهارات الرقمية فنحصل على نتائج متفاوتة، قد يصل بعضها إلى درجة العبقرية! لقد كان اينشتاين يقول أنه يُبصر معادلاته.
لكن هذا التفسير لا يجيب عن تساؤلين هامين: لماذا تكون الملكات المتفردة أكثر شيوعاً في المعتوهين؟ فهي توجد في ١٠٪ من المتوحدين مقابل ١-٢٪ في باقي المجتمع. كذلك فإن حدوث مثل هذا الاندماج يحتاج لدقة متناهية ليؤدي إلى هذه النتائج المبهرة، فهل يتم ذلك عشوائياً، أم بتوجيه إلهي؟
لقد ظل الفلاسفة طوال قرون يعتبرون أن هناك هوة بين المخ والعقل، لا يمكن عبورها، لكن هل هذا صحيح؟ نعم الهوة لم يمكن عبورها بعد، ولكن هل لن يمكن عبورها؟ يجيب راماشانران على هذا التساؤل قائلاً: إن الفجوة بين المخ والعقل (بين المادي واللامادي) فجوة ظاهرية سببها اللغة والترجمة! فنحن نتعامل مع لغتين مختلفتين عن بعضهما تمام الاختلاف، اللغة الأولى التي نترجمها هي لغة النبضات العصبية التي تُمكننا من الرؤية والسمع و... وهي عبارة عن موجات، واللغة الثانية التي نترجم إليها، هي لغة الكلمات التي ننقل بها ما نحسه للآخرين، وهي أيضاً موجات!
كيف يعتقد المخ أن شيئاً ما حقيقي؟! (العلم المادي والوجود الغيبي) يحدد العلم نوعين من الوجود الحقيقي؛ الوجود المادي الموضوعي الخارجي وهو العالم المحيط، والوجود العقلي الذاتي الداخلي؛ وهو الهيئة التي يدرك عليها الإنسان الوجود الخارجي، فالكرسي الذي أمامك مثلاً له وجود خارجي، وله وجود في عقلك عندما تراه وتتحسسه وتجلس عليه وتفكر فيه، ولا شك في أن هذين الوجودين حقيقيات وأن معظمنا يستطيع تقبل وجودهما في وقت واحد، ولا شك أنهما مختلفين عن بعضهما أيضاً، لكن أيهما الأصل الذي يتوقف عليه الآخر، أي أيهما هو الحقيقة القصوى (حقيقة الحقيقة)، ومن ثم يكون الآخر هو التابع؟
بعد سنوات من البحث توصل آندرونيوبرج وإيوجين في مركز الدراسات الروحية والعقلية بجامعة بنسلفانيا إلى أن المخ البشري مزود بآلية عصبية تمكنه من التسامي، وقادرة على محو الشعور بالذات وبأي وعي بالعالم المادي الخارجي، بل ومؤهل للتسامي واستشعار "وجود غيبي متوحد مطلق" يستوي على عرشه إله واحد.
لقد توصل الباحثان لهذه الفرضية في البداية من مناظرة الأشخاص المتدينين، ثم صارت الفرضية يقيناً حين استطاعا رصد هذه
الآلية العصبية وتسجيل مراكزها في المخ تصويرياً باستخدام آلة تصوير spect.
المخ كالعضلات يزداد قوة بالتدريب.
أثبتت الدراسات الطبية والعصبية والنفسية والاجتماعية المهتمة بتأثير التدريبات العقلية على أداء المخ:
١- أن الممارسات الدينية والروحية، ولو بقدر بسيط، تحسن من الصحة ومتوسط العمر، ما لم يصحبها التركيز على صورة الإله ذي البطش..
 ٢- أن الممارسات الدينية والروحية الأطول، مع التأمل العميق تحسن بشكل دائم الوظائف العصبية لمناطق عديدة من المخ، ويصحب ذلك تقليل التوتر والاكتئاب ويخسن تعاطفنا وعلاقاتنا مع الآخرين، ويحسن القدرات العقلية والنفسية.
إن التبسم وإن كان مفتعلاً يكسب الإنسان نظرة متفائلة للحياة، ويحسن من حالته المزاجية ويجعل الآخرين يتعاملون معه بود..