الجمعة، 6 سبتمبر 2013

كتاب الإنسان كما أعرفه



 

كتاب: الإنسان كما أعرفه

المؤلف: محمد إبراهيم الماضي

إن فهم الإنسان لنفسه والآخرين من حوله يُعد الركيزة الأولى والأساسية نحو إقامة علاقات إنسانية نافعة ومثمرة لكل الأطراف.

ومن المهم بل من الضروري أن يكون لكلٍ منا فلسفته الخاصة به تجاه الحياة والأحياء على حدٍ سواء، وكلما كانت هذه الفلسفة قائمة على العقلانية والموضوعية كلما أدى ذلك بدوره إلى تذليل كل الصعاب والعقبات.

في كتاب الإنسان كما أعرفه يستعرض بنا مؤلفه محمد الماضي، عدد من التجارب الحياتية لكبار الأدباء والمفكرين والفلاسفة والعلماء، ما يُعد عاملاً مساعداً لنا على فهم السلوك الإنساني.

الفيلسوف اليوناني سُقراط دعا طوال حياته الإنسان إلى معرفة نفسه بعمق وفهم كمرحلة أولى لمعرفة الآخرين فقال: "اعرف نفسك"

ولكن هل استطاع صاحب هذه الدعوة أن يتوصل إلى معرفة نفسه كما يجب؟

يُجيب سُقراط على ذلك قائلاً: "أنا أعرف عن نفسي أنني لا أعرفُ شيئاً".

الأديب عباس محمود العقاد يرى أن الطمع في إنصاف الناس هو الكثير الذي ما بعده كثير.

ومن تجارب الحياة التي مرّ بها العقاد خرج بقناعة  "أن الناس تُغيظهم المزايا التي ننفرد بها ولا تغيظهم النقائص التي تُعيبنا".

أما عن فلسفة العقاد في الحياة مع الناس: "كنت أتعب في معاملتهم ثم عرفت ما أنتظره منهم، فأرحت نفسي من التعب.. واتخذت لنفسي شعاراً معهم (ألا تنتظر منهم كثيراً، ولا تطمع منهم في كثير)

وعن سؤال هل يعرف الإنسان نفسه؟ يُجيب العقاد: كلا بلا تردد. فلو أنه عرف نفسه لعرف كل شيء..

إنما يعرف الإنسان نفسه بمعنى واحد وهو أن يعرف حدود نفسه.

برناردشو الأديب الإيرلندي الشهير يقول: الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يثير فيّ إحساساً جباناً بالخوف الكامل.

فلسفة برناردشو في الحياة: "كن أفاقاً أو كن مليونيراً: كلاهما لا يعني الكثير. أما ما يعني، فهو أن تكون فقيراً ذا أقارب أغنياء وهذا هو البلاء نفسه.

بعد أن فقد المتنبي ثقته في الناس لجأ إلى نفسه وإلى ذاته يخاطبها قائلاً: خليلك أنت لا من قلت خلي ،،

وإن كثر التجمل والكلام

 

غادة السمان أديبة عربية بارزة، واجهت في بداياتها الأدبية الكثير من الصعوبات كما واجهت الكثير من القسوة من بعض البشر الذين التقت بهم في حياتها..

تقول: أنني أمسك بالأفاعي ولم يحدث أن لدغتني مرة... عكس البشر.

وعن فلسفتها في الحياة تقول: إن قدرتي على أن أكون وحيدة هي الصداقة الأولى في حياتي، لأن الإنسان لا يكون وحيداً قط حينما يكتشف ذلك الإيقاع الداخلي بين ضربات قلبه وضربات قلب التراب والليل والبحر وكل ما هو شاسع ونقي.

غازي القصيبي هو شاعر وناثر وروائي، وبعبارة مختصرة هو نجم، وهذه النجومية لها ضريبة يدفعه المبدع شاء أو أبى.

يقول القصيبي: يبدو أن قدر المرء يتأرجح بين كونه منسياً مغموراً أو مشهوراً مُثيراً للجدل.

عمل القصيبي كوزير أتاح له معرفة للبشر لم تكن لتتاح له لولا الوزارة التي خرج منها بتجربة مريرة اختصرها بقوله: لا أقول إنني أصبحت بعدها أقل ثقة بالناس ولكنني أقول إنني أصبحت أكثر معرفة بهم.

زكي نجيب محمود من أشهر الفلاسفة العرب في العصر الحديث، خرج من طفولته وبيئته التي نشأ فيها مروراً بالقاهرة التي بدأ فيها حياته الصحفية وعرف من خلالها

نماذج غريبة من البشر بهذه الفلسفة: أخرج من سجن نفسك إلى الطبيعة وإلى الناس من حولك وكن على يقين أن الحوائل الموهومة التي تصدك

عن السير والحركة كثيراً ما تكون قضباناً من ضوء.

د. لويس عوض أحد أبرز أدباء مصر: "نحن آل عوض لا نخالط الناس و لا نشجع الناس على مخالطتنا.. ولا ننتظر شيئاً من الناس ولا نعطي شيئاً للناس إلا للمستحقين.

نشأ لويس عطية في أسرة مفككة يصفها بالقول: انطباعي العام أننا أسرة مفككة.

فلسفته في الحياة: لقد كنت دائماً أقول للسائلين: عملك وزوجتك اخترهما بمفردك، بقلبك وعقلك وحدك، ولا تنتصح فيهما أحداً فهما يعايشانك

في الليل والنهار. فإذا أخطأت فلا تُشرك الغير في أخطائك فليس هذا من سمات الشرفاء.

حمد الجاسر علامة الجزيرة العربية تقول فلسفته: إذا اتقى الإنسان ربه وأخلص عمله واتجه بأفعاله وجهة الخير فإنه لا يضره ولو عاداه الناس كلهم.

 

المؤرخ العربي عبدالرحمن الرافعي المولود في القاهرة يشتكي من حسن ظنه بالناس أكثر مما يجب فيقول: إنني أُحسن الظن بالناس أكثر مما يجب، ويلزمني أن أتعلم

المثل القائل: "إن سوء الظن من أقوى الفطن.

فلسفة الرافعي عبدالرحمن في الحياة: ليكن الإنسان متغابياً ومتجاهلاً، لكي يستطيع أن يبقى مكافحاً ومناضلاً فالحياة مرادفة للكفاح والنضال.

محمد عبدالحليم عبدالله أديب مصري هيأت له أسرته الظروف أن يقرأ ويتعرف على أكبر كُتاب عصره.

اهتم محمد عبدالحليم طوال حياته بالإنسان والإنسانية فصور الإنسان في لحظات ضعفه وصوره أيضاً في لحظات قوته وجبروته. صوره ظالما ومظلوما.

الإنسانية عند محمد عبدالحليم هي "فكرة" أساسها "العطاء"، وهذه الفكرة غير مقيدة بجنس ولا قومية.

أحب الناس وأحاول أن أرى في عدوي ميزة لأن من طبعي أن أنظر إلى مزايا الناس ولو كانوا أعدائي. هذه  فلسفة محمد عبدالحليم في الحياة.

مكسيم جوركي الأديب الروسي الشهير كان جده يعظه قائلاً: إن خشية الله ضرورية للإنسان مثلما اللجام ضروري للحصان، ليس هناك من ناصر لنا غير الله، فالإنسان هو العدو الألد للإنسان.

كان يقول: عش في المجتمع البشري مع الناس، لكن تذكر دائماً إنك وحيد أرهف سمعك إلى الناس جميعاً، لكن لا تصدق أحداً، إذا صدقت أحداً خسرت.

وعن فهمه الخاطئ للحياة يقول: لقد عانيت كثيراً الرعب، عانيت هذه الحياة القاسية، ولقد تخلصت من هذا الرعب بعدما فهمت أن الناس ليسوا أشراراً بهذا القدر

وأن الذي يخيفني ليسوا هم وليست الحياة، بل كان مصدر خوفي هو جهلي ووقوفي أعزل دون سلاح أمام هذه الحياة.

جبران خليل جبران يصف العلاقة بين أبيه وأمه قائلاً: لم يكن يؤلم أبي وخز الشوك، والصراع مع الصخر، والصراع مع أطباعها، بقدر ما كان يؤلمه وخز لسان أمي.

كانت بينهما اصطدامات لعلها أبشع وأوجع ما أحمله حتى اليوم من ذكريات صباي.

مصطفى أمين الكاتب والصحفي المشهور يكاد يكون من القلة القليلة من الكتاب والأدباء العرب الذين تحدثوا بإيجابية وحب عن الإنسان، على الرغم مما عانه هو شخصياً من أخيه الإنسان.

كتب مصطفى أمين يقول: أجمل ما في الدنيا هم الناس، متعتي الكبرى في الحياة أن أعرف الناس أن أعرفهم من الخارج والداخل، أن أدرسهم وأحبهم...

 

الاختلاف إذاً وليس التشابه والتماثل هو ما نخرج به من قراءة هذه التجارب الإنسانية، وبدونه لا يصبح للحياة شكلها وهويتها.

وهذه الشهادات التي قد نختلف أو قد نتفق معها إلا أنها في المحصلة النهائية تكتسب حيويتها وجدارتها من كونها صادرة عن تجربة إنسانية  معاشة  وخبرة مكتسبة لعقول مفكرة لها وزنها

وحضورها المؤثر في حياتنا.

ولعل الفائدة الأهم من كل هذه التجارب إدراك الإنسان أن سعادته وشقاءه مرهونان بمدى قدرته

على فهم نفسه وفهم الآخرين من حوله.

ولعل الإنسان يُدرك بقراءة مثل هذه التجارب أن بإمكانه توظيف هذا الاختلاف بين البشر لصالحه

وصالحهم وذلك عبر تفهمه وقبوله لهذا الاختلاف باعتبار الإنسان كائناً غير كامل، فالخطأ والنقص ملازمان له.

 

إذا تبقى وقت من الندوة بالإمكان الطلب من المتابعين طرح رؤاهم حول الإنسان كما يعرفونه.
 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق