الخميس، 19 سبتمبر 2013

كتاب أنا وأخواتها .. رحلة في أسرار الذات

أنا وأخواتها.. رحلة في أسرار الذات، د. سلمان العودة، نشر: الإسلام اليوم.
كتاب يقتحمك مباشرة بدون مُقدمات، يأخذك في رحلة لاستكشاف أسرار ذاتك، يجعلك في مواجهة معك ثم يرحل دون خاتمة ولا كلمة وداع!
قد يُطلق الإنسان لقباً وظيفياً كالوزير والمدير والمشرف مما تقتضيه الحاجة، ويُعد جزءاً من تحمل المسؤولية، لكن ما الداعي لأن يُضيف: سماحة، أو معالي، أو فخامة، أو فضيلة، أو سعادة..؟ أو أن يُحاسب الآخرين حينما يخلون بهذا البروتوكول الممل الذي يستنزف الأوقات، ويُثقل الاسماع، ويُفسد الأذواق، خاصة إذا تكرر، أو تجاوز حده، أو مُنِح لمن لا يستحقه؟
بعض التعريفات المتبوعة بسابق، تبدو وكأنها محاصرة لصاحبها في دائرة الماضي، وحُكم عليه بالمؤبد!
ليس يُعاب الإنسان باللقب العلمي ما دام صادقاً وغير مزور، وما لم يتحول إلى ادعاء أو تضخيم، على أن القيمة الحقيقية ليست في الشهادة، بل بالمعرفة والأخلاق، والاعتراف بفضل الآخرين وسبقهم.
إذا كان "السرطان الروحي" هو تضخم الأنا، فالزهد المُعتدل الواعي يُمثل التجرد.
الزهد ليس بتحريم الحلال، ولا بترك الطيبات، هو تجرد القلب والروح من حظوظ النفس.
الزهد هو الدافع وراء انجازات عظيمة آثر أصحابها ألا تنسب إليهم. كان الشافعي يقول: "وددتُ أن الخلق تعلموا هذا العلم وأنه لم يُنسب إليّ منه حرف".
حين تضع إنجازك إلى جوار تراكم حضاري بشري عمراني وفكري إبداعي وتقني ستقول: "فص ملح وذاب!".
وحين يتمثل الإنجاز حياً أمامك عليك ألا تطيل الوقوف أمامه، والتأمل في تمثاله، والتغني بجودته أعطه ظهرك وانهمك في بناء جديد.
الإنجازات المتسلسلة، والنجاحات، والإخفاقات، والخبرة تحفر مجراك في أرض الحياة، وتجعل لحياتك معنى.
كلما كان الإنسان عفوياً بعيداً عن التكلف كان أكثر محاكاة لذاته.
لن تسمح الأنا لأحد بانتقاصها؛ فثمة حارس يحرسها من الانتهاك.
عندما ينتقدني أحد أو يلومني، فإن ذلك يُعد نقصاً للنفس، وستحاول الأنا أن تُصلح الإحساس النفسي بالتبرير والدفاع واللوم.
وسواءً كان الآخر على صوابٍ أم لا، فـ"الأنا" مهتمة بالحفاظ على النفس أكثر من الحقيقة.
تظل "الأنا" حيّة حتى بعد موتك! أحدهم كان يطمع أن يكثُر الناس في جنازته، ليُقال: جنازة مشهودة!
الأنا الطاغية تبدأ بـ"أنا"، وتنتهي بـ"من أنتم؟"، و "الكبرُ بطرُ الحق وغمطُ الناس".
استعلاء الذات يعني ازدراء الآخرين، والنظر للشعوب على أنها "دهماء، ورعاع، وهمج"، فلا بد من الوصاية عليها، وحمايتها من نفسها.
وشرع العبادة والسجود والقرب من الله لقمع الذات الطاغية المنفصلة عن ربها (كلا إن الإنسان ليطغى* أن رآه استغنى)
سنكون سعداء حين نشرح معاناتنا لأحد فيبدأ في التعاطف معنا، وإلقاء اللوم على الآخرين، بينما نعد من الخذلان أن يحاول تمرير رسالة مفادها أننا (ربما) نتحمل بعضُ المسؤولية.
الذي ينتقد الأعداء يتحدث عن قضية مشتركة مجمع عليها، فالجميع يصفق له ويثني عليه، لأنه يتحدث في منطقة آمنة لا خوف فيها ولكن ربما أفرط وبالغ حين صوّر إخفاقاتنا وكأنها من صُنع أعدائنا ولا يد لنا فيها.
النقد ليس تشفياً ولا تصفية حساب، لكنه طريق إلى الفهم والإصلاح والتدارك، وحين نكون مخلصين فيه سندرك أن الحق هو أن نبدأ بأنفسنا ولا نجعلها استثناء، ولا نتعالى عن هذا الواقع وكأننا أوصياء عليه من خارجه.
الشهرة السريعة قد تفقد الشاب اتزانه، فيتصرف بطريقة يندم عليها، وبسبب الأضواء ترتبك رؤيته عن ذاته.
والطفل حين يشتهر يفقد جزءاً من براءته وعفويته، ويعتاد على الترسيم والتمظهر!
يقول ابن عطاء السكندري: إذا تعاطيت أسباب الشهرة في بدايتك، قلّ أن تفلح في نهايتك!
كثير من المشاهير يأخذون مقالب في أنفسهم، ويكبر لديهم الوهم بتميزهم، وينسون ما كانوا عليه بالأمس، وما يمكن أن يكونوا عليه غداً.
سُئل ابن المبارك عن معنى العُجْب؟ فقال: أن ترى أن عندك شيئاً ليس عند غيرك!
لا شيء يمنح الحيوية للحياةِ ذاتها، وللأحياء مثل التنافس في الخير، والتسابق إليه.
أصل السبق هو سبق القلوب، وهو ما يقل التنافس فيه لخفائه ودقته وغفلة معظم الخلق عن تحقيقه.
من دون الآخرين ستظل تجهل أشياء كثيرة عن نفسك ومن نفسك.
اللغة مؤسسة اجتماعية تقتضي وجود آخر تتفاهم معه وتسمع صداه.
حين تحاول انتهاك الآخر؛ فأنت تُحرّض على فعل المثل في حقك. وحين تحفظ مقامه وحقه؛ فأنت تؤسس لمجتمع الحقوق.
الإبتسامة صدقة منك على نفسك، بتجردك من الكبر أو التعاظم، ورؤية الذات، أو الانقباض والتشاؤم.
وهي - أي الإبتسامة - صدقة على الآخرين، لأنك تمنحهم بها أُنساً وسعادة ونفساً خاصة حين تكون تعبيراً صادقاً عما في قلبك لهم.
قد تصاب نحن بطغيان الأنا، فيصبح تسلطا على البشرية. جماعات وأمم تلبس لبوس الكفر، وتتحدث بلغة الاستعلاء، وتدعي أن قولها الفصل.
طغيان الأنا الجماعية يجعل حكومة ما محكمة العالم، ويمنحها حق شن الحروب والتصفيات، وتصنيف العالم إلى أخيار وأشرار.
قد ينظر شعب إلى نفسه على أنه شعب الله المختار، ويمنح نفسه حق تصفية شعب آخر وحرمانه من وطنه كما يفعل الصهاينة.
الشعور بـ"الأنا" مثل النظر في المرآة، والمرآة هنا هي الدائرة المحيطة فلا يشعر الإنسان بذاته إلا عبر معاملة من حوله، ونظرتهم له.
حين تُلاحقك أشباح الماضي، وتحرمك متعة الحاضر، جرب أن تستغفر الله عشراً ومائة وألفاً، دون ملل، قرر أن يكون الخطأ سبباً في صواب أعظم، كما فعل عمر رضي الله عنه حين قال يوم الحديبية.... "فعملت لذلك أعمالاً".
عند بعضهم ممنوع أن تُخطئ، وإذا أخطأت فممنوع أن تتكلم عن خطئك، وعند آخرين جاهزية للتشهير والفضيحة وكأنهم ملائكة أطهار!
اللامبالاة مصيبة، كما التأنيب المفرط حين يحمل على الكآبة والعجز والانقطاع.
ثم حالات عابرة يجب نسيانها أو تناسيها، بل يمكن للإنسان أن يشكك في حدوثها أصلاً، ربما كان الأمر توهماً أو ظناً في غير محله.
فكر بالمستقبل وكيف تكون إيجابياً في التعامل مع العصبية، وليس في الماضي فحسب، فلست قادراً على تغيير الماضي مهما يكن أسودا.
حاذر اللغة السلبية التي تُبعدك عن الله ولا تقل: حتى ربي يكرهني! البلاء خير بشرط أن تعتبره خيراً.
الموت ليس فناءً ولا نهاية، إنه انتقال من ضفة إلى أُخرى، ميلاد جديد، عبور إلى عالم آخر.
"الموت" يجعلنا نصر على تجاوز التوافه والحماقات والعدوات الشخصية، ونتجه صوب ثلاث مقاصد:
١ ما الذي يجعلنا نعيش حياتنا سعداء منتجين؟
 ٢- ما الذي سيقوله الناس عنا بعد الموت؟ وما الإلهام الذي سيجدونه في سيرنا؟
3- - ما الذي سنجده في الدار الآخرة من الأعمال الصالحة؟
معظم إبداعات البشر كان الموت حاضراً فيها، المسلمون وغيرهم، علي رضي الله عنه كان يقول: "أنفاس المرء خطاه إلى أجله".
ستيف جوبز يقول: "عش يومك وكأنه اليوم الأخير في حياتك، ستكون صائباً يوماً ما!".
اللغة الهادئة المحببة المشفقة هي اللائقة بالناصحين، وليس لغة الزجر والإغلاظ؛ التي تدعو إلى النعت والنفور، خاصة حين
تُخاطب المكلومين والمصابين، ولعل جُلّ الناس كذلك!
الخيال تمرّدٌ على ظروف الزمان والمكان! كل تغيير في الحياة يسبقه خيال.
الخيال أهم من المعرفة. "اينشتاين" هل هذا صحيح؟ في حالات كثيرة نعم. لأن المعرفة تحدد كل ما نعلمه الآن، أما الخيال فيتجاوز الحاضر ويُشير إلى ما قد نكتشفه في المستقبل.
يبدو أن الإنسان مدرسة لنفسه، لو أنه كاشفها وصارحها وخلا بها بعيداً عن عيون الناس، وصبر عليها لفجر من منابع الخير فيها وجفف من منابع الشر والعدوان ما لا تصل إليه عيون الرقباء.
"الغربة" تُلهم، فالغربة حرمان، والمحروم يقرأ بشكل مختلف، ويلتقط المعنى من زاويته الخاصة.
الصفائية الذاتية مصدر إلهام، فمن صحّ جنانه فصح لسانه، والتقي النقي يُلقّى الحكمة.
لا تجعل الهمّ في بؤرة العناية ولا تلحّ، فشدة الإلحاح تعرقل الإلهام، ولا تعجل فالعجلة "لمة الشيطان".
أن تدرب القلب، كما العقل، كما البدن، أن يكون عصياً على الاستفزاز والإيذاء، عصياً على تقبل الحقد والكراهية، محافظاً على صفائيته فذلك معناه أن تكون ذا جاهزية عالية لتقبل الإلهام.
الهدف حلم مؤقت له مدة ينتهي إليها؛ أما الحلم فهو شوق دائم متصل بنبض القلب وخفق الروح وتطلع العقل وسبح الخيال.
حين يتحقق الحلم كأنه يتبخر، إذا قطفته مات، فأجمل ما في العمر هو الانتظار، لحظات الترقب مشحونة بتفاعل غريب هو ذروة الحياة.
الحلم نقلة من ضيق اللحظة إلى سعة المستقبل، من الإحباط إلى الأمل والتفاؤل، من الخوف إلى الرجاء والتطلع.
ثمّ من يحاصر الحياة وأسوأ منه من يحاصر الأحلام، فلا يريد من الناس أن يحلموا، أو أن يمتد خيالهم إلى أبعد من معاناتهم اليومية.
شعورك بأنك يجب أن تضيف شيئاً إلى الحياة، أنك تعيش مخلصاً لحلم تنتظره ... هذا يكفي!
حين تربط حلمك بالله تمنحه أزلية وسرمدية؛ ليتحول من حلم فرد إلى أحلام أمة، من حلم دنيوي معزول إلى أفق فسيح ممتد إلى حيث الآخرة والعدل والقسط والفضل الرباني، في نعيم لم تر عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على بال.
العتب العابر حياة للحب، ما لم يتحول إلى ملامة دائمة توحي بانفكاك رباط الوصل!
لِمَ لا تعود قلبك نسيان الآلام ليكون أقدر على استقبال موجات الفرح والسعادة؟
نكونُ أحراراً في كل شيء إلا في مشاعرنا، حين نفقد السيطرة عليها.
ثلاثة أمور ينبغي أن تكون في حياتك، لتكون حيا بجدارة: شيء تفعله، شيء تحبه ،شيء تأمله. حين نعمل ونكدح فسوف نحب الحياة وتحبنا.
حين لا تعمل والزمن يمر، يتساوى عندك الليل والنهار، والساعات والدقائق، وهنا يلح عليك السؤال: لماذا أعيش؟
العمل والدراسة ليس لكسب الرزق والوظيفة فحسب، بل للشعور بالانتماء للحياة وصناعة الأهمية لها وللنفس.
أكثر ما يغضب الناس تجاهلهم الذي يعني ازدراء أشخاصهم، أو عدم احترامهم.
السجن ليس هو الجدران والأقفال والشبابيك والقيود والأحكام. السجن الحقيقي هو إشعار المرء بالمهانة والاحتقار، وأنه زائد على الوجود، ولا أهمية له يحيا أو يموت، يغضب أو يرضى، يقترب أو يبتعد.
"احترم نفسك"؛ كلمة يقولها الآخر وهو يهم بالإيقاع بك، وبذا تحولت من لغة جميلة صادقة إلى تهديد ترتعد له الفرائص.
احترام النفس يعني احترام الإنسان ذاته.
حين يستحضر الجندي معنى الشرف والاحترام سيكون "إنساناً" في كل شأنه، وليس مجرد أداة للبطش والفتك.
الجندية المقترنة بالخوف والرعب والانتهاك ليست هي الحامي ولا المؤهل للبقاء، بل جندية الأرواح الصامدة التي لا تقهر، والتي علاقتها الحب والاحترام وحفظ الجميل.
ربما يتظاهر المرء بالهدوء وفي أعماقه براكين من الانفعالات والغضب الذي يوشك أن ينفجر.
الهدوء الروحاني ليس استعلاء على الآخرين ولا فوقية، وإنما هو سلوك يستلهم منه الآخرون مواقفهم، ويشجعهم على الاستجابة.
حين يمر المرء بتجارب الحياة سيدرك أن من السهل أن يقول، ومن الصعب أن يعمل ويمتثل.
لا تسمح للاحتمالات المخيفة أن تنغص عيشك، وهي غالباً لا تقع. علمياً ثبت أن ٩٠٪ مما يخافه الناس لا يقع.
أصدق ما يكون الإنسان حين يعبر عن ذاته، وقديماً قال حكيم: "لأن أعبر عن ذاتي ويكرهونني، خير من أن أعبر عنهم ويحبونني"!
محمد صلى الله عليه وسلم كان مثالاً في العفوية وعدم التكلف، في الجريان مع الطبع البشري والفطرة السليمة، قال لرجل: "هون عليك، فإنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة".
العفوية هي شخصية الإنسان حين تتجرد من الصنعة والزيف، وتتألق كما خلقها ربها.
الصمت ليس ضعفاً، هو القوة الحقيقية في مواجهة النفس، ما يقوله الآخرون لا يضرك إلا إذا شئت.
وقع لي غير مرة أن أجد نفسي في مرمى سهام كثيرة، بعضها "نيران صديقة" لم أجد أروح لنفسي من الصمت، وترديد حسبنا الله ونعم الوكيل.
أثناء الحملة لا يجدر بك أن تدخل في حرب تختلط فيها النوايا، ويخوضها العالم والجاهل، وبعد هدوء الحملة تجد أن الأمر لا يستحق الرد.
لا تنس أن الصمت أحيانا هو "أنا" سلبية، متدثرة بلباس التعالي والغرور، فحذار أن يكون صمتك استعلاءً على الناس، أو ازدراءً لهم.
الإيمان بالذات وقدراتها وتطلعاتها، هو إيمان بخالقها المبدع الذي قدر فهدى، والذي خلق فسوى.
والوهم تدمير للذات، وتسلط لقوى سلبية عليها، تنهكها حتى الموت.
المبتلى بالريبة والشك لا يزال في اضطراب، يحسب كل صيحة عليه، وهو يظن أن من الذكاء والفطنة أن يحاصر الآخرين بالأسئلة والحق أن يحاصر نفسه، ولا يزال الشك يفتك بنفسه حتى يشك بأقرب الناس إليه، فلا يبقى له صديق.

يعتقد كثيرون أن الاخطاء تكشف ضعفهم، ولا يحبون الاعتراف بها، إذا كان الخطأ ضعفاً فالاعتراف قوة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق