الجمعة، 17 يناير 2014

كتاب كيف تنقذ حياتك؟

https://mail.google.com/mail/u/0/images/cleardot.gif
كيف تنقذ حياتك
"١٥ درسا. عن كيفية إيجاد الأمل في أماكن غير متوقعة"،
 مايكل جيتس جيل
اصدارات جرير، الطبعة الأولى ٢٠١١، حجم صغير "٢٤٥" صفحة.

عندما تم فصلي من وظيفتي ثم اكتشفت بعدها أنني مصاب بورم خبيث في المخ، ظننت أن حياتي قد انتهت.
وكنت محقاً في ذلك..
فحينئذ كانت حياتي القديمة قد انتهت.
ولكني بدأت حياة جديدة تماماً أفضل من الأولى.
ما لم أكن أتوقعه هو أنه كان بمقدوري أن أخلق حياة جديدة سوف تجعلني أكثر سعادة من أي وقت مضى، وبالرغم من أنه ما من أحد سيختار طواعية أن يتعرض للمآسي على المستوى الشخصي أو الوظيفي، إلا أن تلك التجارب الصادمة قد تكون نِعماً خفية.
في بعض الأحيان، حين تقع أكثر الأمور التي نخشاها، قد تفاجئنا الخسارة وتمنحنا الفرصة للعثور على مستوى جديد تماماً من السعادة.
ذلك لأن ما يُحدث الفارق هو ما تجلبه أنت للحياة وليس ما تجلبه لك الحياة.
لقد تعلمت هذه الدروس بصعوبة؛ فلم أكن أخطط لتعلم أي منها عن طيب نفس. إلا أن الحياة قد جذبتني من تلابيبي وألقتني من مكاني المميز في قمة المؤسسات الأمريكية، ولولا طردي لما استطعت تعلم هذا الدرس.
لقد كنت الابن المفضل لاب مشهور هو "براند جيل" الذي كان يعمل في مجلة نيويوركر.
تلقيت تعليمي في جامعة بيل، وبعد تخرجي قدم لي مالك أضخم وكالة إعلانية في العالم وظيفة عنده.
وحيث أنني كنت أملك كل شيء، فلم أكن على استعداد لخسارة أي شيء.
ولهذا السبب كنت كالمصعوق بينما أرى حلمي الأمريكي يتحول إلى أسوأ كابوس وأنا في الثالثة والخمسين من عمري.
لقد تمت دعوتي على الإفطار ثم فُصلت.
لقد تعلمت الدرس القاسي، فكوني مخلصاً لهم على مدار ستة وعشرين عاماً، وذهابي إلى كل مكان طلبوا مني الذهاب إليه، وقيامي بكل ما طلبوا مني القيام به لم يكن يعني أن يكونوا هم مخلصين لي. فالمكاسب كانت أهم من الأشخاص.
وأنا في الثالثة والستين ذهبت لإجراء فحص طبي روتيني فاكتشفت أنني مصاب بورم العصب السمعي، لم يكن ورماً سرطانياً ولكنه كان من الممكن أن يصبح ورماً خبيثاً في المخ.
وبينما كنت أعيش وسط غمامة من اليأس، ذهبت إلى زيارة الحي الذي قضيت فيه سنوات عمري الأولى، ولاحظت وقتها أن هناك مقهى ستاربكس يقع عند ملتقى شارعين.
وفي الداخل كانت هناك امرأة أمريكية من أصول افريقية، كانت مديرة المحل، وكانت تأمل في تعيين أي شخس في ذلك اليوم، فعرضت علي وظيفة، فوافقت دون تحمس.
ولحسن الحظ كنت احتفظ بمفكرة، اكتب فيها جملة أو جملتين قبل ذهابي إلى النوم كل يوم، وبعد مرور عام على عملي
في ستاربكس أعدت قراءة المفكرة، وقرات وصفي لمدى اليأس والاكتئاب الذي كنت عليه في البداية، ثم مدى السعادة التي أصبحت عليها بعد مرور عام من العمل هناك.
لقد أصبحت أرى أن هناك نوعاً من السرور في خدمة الآخرين وهو ما كان من المستحيل أن تراه وأنت تحاول التحكم في الآخرين.
كما توصلت إلى إدراك أنني لم أكن سيد الكون، ولكنني مجرد جُسيم من الطاقة في هذا الكون.

تنبع سعادتي في مقهى ستاربكس من أن الوظيفة مؤقتة الدوام التي منحها لي وفرت لي حياة رائعة "كاملة الدوام".
فيما سبق، كانت حياتي مليئة بمشاكل الإعلانات، وحتى عند تواجدي بالمنزل كنت أفكر في سياسات الشركة والاجتماع القادم... الخ
إن القيام بإعداد كوب قهوة أمر أكثر إرضاء وإمتاعاً بالنسبة لي من الجلوس في اجتماع، محاولاً اكتشاف كيفية التأثير على شخص ما لشراء ما ربما أنه لا يحتاج إليه.
إن مساعدة الأشخاص - زملائي وزبائني - حتى في أبسط الأمور، يرفع المعنويات بدرجة أكبر كثيراً من القلق بشأن رضا وسعادة رؤساء مجلس الإدارة ذوي الدخول الضخمة.
حين تتحدث عن مأساتك مع شخص آخر، فإنها تصبح أقل إيلاماً وتصير سبيلا للشعور بعاطفة جديدة أكثر عمقاً والتي يمكن أن تؤدي بدورها إلى طريقة أفضل للعيش.
بعد أن أغلقت مقهى ستاربكس الذي أعمل فيه، ونظراً لاحتمال عدم لحاقي بالقطار العائد إلى برونكسفيل، كان علي أن أتحرك. لقد كنت مندهشاً بشدة، هل من الممكن فعلا أن أكون سعيدا، بعدما انتهيت لتوي من تنظيف الأرضية بعد يوم عمل في "وظيفة متواضعة"!
لقد كنت أظن أنني من الممكن أن أكون سعيدا فقط إذا كنت جالساً على مكتب فخم ويقوم الآخرون على خدمتي.
لقد كانت حياتي كلها في مكتبي، وتركت كل شيء آخر وراء ظهري، ولم أفكر أبداً في الاستماع إلى قلبي لأرى ما إذا كان كل هذا الكفاح يشعرني بالسعادة أم لا.
والآن أخبرني قلبي أنني لم أكن في حاجة إلى كل تلك الزخارف الدنيوية للنجاح.
لقد ناضلت بكد طوال سنوات حياتي للحفاظ على تلك المنازل الكبيرة وشراء المزيد من الأشياء لملء تلك المنازل بها، وفي تلك الليلة شعرت بأنني متحرر من ذلك العبء.
عندما نسيت اهتمامي الشديد بالنجاح اكتشفت حياة جديدة تماماً باتباع ما يمليه علي قلبي.
لا يمكن أن تغفل عن الأشياء التي تهمك في الحياة إذا كنت على اتصال بقلبك.
لقد وجدت أن الحب ليس مورداً طبيعيا محدودا مثل الغاز والبترول. ولكن في الواقع كلما فتحت قلبك أكثر، بدا أن قلبك ممتلئ بالحب بقدر أكبر.
كل صباح، ابدأ يومي بترديد هذه الحكمة القديمة: "هذا اليوم نعمة من الله، ولهذا فهو يستحق أن تسعد فيه وأن تبتهج".
لقد أخبرني قلبي أنني لا أحتاج إلى وسائل الراحة المادية الضخمة تلك التي كنت يوماً أظن أنني لا أستطيع العيش بدونها
ولم يكن ذلك قاصراً على الزخارف المادية، ولكن على الآداب الاجتماعية كذلك.
ويا له من عبء ثقيل ذلك الذي رفع عن كاهلي بعدما أصبحت غير مضطر للقلق بشأن التوقعات الاجتماعية عالية المستوى.
لقد أدركت أن هناك حياة جديدة يمكن أن تزدهر عندما تضع بعض الحدود الاجتماعية.
منذ أن تركت حياتي السابقة، تعلمت أن السعادة الحقيقية بالنسبة لي تتمثل في التجارب اليومية الصغيرة، وليس في تواجدي داخل حشد من الأشخاص.

لخص "دويتش" كل كفاحاتي بهذا السطر المميز: "أنت لم تعرف ما عليك أن تفعل لأنك منحت كل شيء طوال حياتك".
لقد كان على حق. فنظراً إلى أنني قد منحت كل شيء، لم أعرف كيف أحصل على أهم الأشياء بالنسبة لي.
إن القفز إلى الأمام بثقة بدلاً من الانكماش في خوف كان ضرورياً لتغيير حياتي.
فحين تقفز بثقة، بدلاً من الانكماش والانزواء في خوف متراخياً وعاجزا. بفعل  خوفك، يستطيع الآخرون أن يقدموا لك يد العون، حين تتقدم إلى الأمام.
لقد اكتشفت أن أية وظيفة - تقريباً - خير من عدم وجود وظيفة على الاطلاق.
إن هذه الوظيفة التي حصلت عليها كانت مشبعة على نحو خاص، حيث كنت أشعر بالتحدي على نحو منعش كل يوم في مواجهة مواقف جديدة علي تماماً.
فالقيام بأي شيء جديد للمرة الأولى يشبه في الغالب المجيء إلى الحياة من جديد.
إن الحصول على وظيفة تقوم على استخدام طاقتك لخدمة الآخرين، بدلاً من الشعور بالقلق إزاء نفسك هو نوع خاص من العلاج المميز عند مواجهة الأوقات العصيبة.
نظراً إلى أنني مُنحت الكثير منذ سن صغيرة جداً، لم أعرف أبداً كيف أطلب المساعدة.
لقد كنت شخصاً فخوراً بنفسي، وكنت أشعر بالإحراج الشديد حين أجد أنني في حاجة إلى المساعدة في الحياة إلى درجة أن مجرد طلب المساعدة بالنسبة لي كان بمثابة إهانة علنية.
والآن، بعد ما مررت بذلك السقوط من أعلى الحظوة التي كنت أتمتع بها إلى حياة أفضل أكثر واقعية، أدركت أن طلب المساعدة هو أن تكون متواضعاً بالمعنى الأفضل لهذه الكلمة.
إذا لم تطلب المساعدة حين تكون في أشد الحاجة إليها، فإنك تجازف بالبقاء عالقاً في عالم الحزن الخاص بك.
إن خدمتي للآخرين جعلتني أكثر سعادة مما كنت عليه عند خدمة الآخرين لي.
لقد توصلت اليوم إلى الإيمان بأن البشر يكونون في أقصى سعادتهم حين يفكرون في الآخرين ويجدون طريقة ما للخدمة وتقديم العون كل يوم.
إن خدمة الآخرين هي أعظم نعمة نمتلكها، خاصة باستخدام تلك الطرق البسيطة التي يمكننا خدمة بعضنا البعض بها كل يوم.
ألا يسترعي انتباهك بشكل خاص قيام شخص آخر  بابقاء الباب مفتوحاً لك أو يدعك تدخل إلى المترو قبله؟
من الممكن أن تكون أبسط الخدمات أمراً مرضياً وذلك لأن - على ما أعتقد - خدمة الآخرين بمعناها الأساسي هي ما قد خُلقنا على الأرض لنقوم به.
إن الحياة تكون أكثر إشباعاً حين تحصل على المساعدة من الآخرين وتجد طريقة لمساعدة الآخرين.
لو أنني لم أفصل - طردت خارج نادي الدعاية والإعلان ذلك - لما كنت أبصرت العالم المدهش الموجود وراء العصابة التي كنت أرتديها على عيني.
عندما خلعت العصابة عن عيني، تكشفت لي مجموعة مختلفة من الأشخاص، واليوم أدركت أن كل شخص ألتقي به لديه القدرة على الارتقاء بحياتي.
تذكر: إننا لسنا ما يدل عليه مظهرنا وإنما ما تعبر عنه شخصيتنا.

في كتابه حول "كول بورتر"، يقر أبي حقيقة حياتية واضحة، فيقول: "إن هؤلاء الذين يعانقون الحياة، تتقدم بهم السنون، ولكنهم لا يهرمون أبداً".
لقد عانق أبي الحياة عناقاً متقداً لدرجة أنها منحته روحاً شابة لم تهرم أبداً.
لقد أحبت أمي الحياة واعتبرت كل لحظة بمثابة "مناسبة خاصة". إن روحها هدية عظيمة لي تلهمني وتملأ علي حياتي.
كانت أمي تبدأ كل وجبة بالدعاء الآتي: "تبارك الله الذي من عنده تتنزل النعم، والذي يستحق الحمد من كل البشر"
وكانت تصر على أن ندعو نحن أيضاً بهذا الدعاء ونحن نمسك بأيدي بعضنا حول مائدة الطعام.
لم تتوقف أمي عن شكر الله أو الشعور بالحب والامتنان لكل المخلوقات الأرضية.
بينما كنت أتحدث إلى مجموعة من الأشخاص في متجر الكتب، شمرت كمي، وكشفت عن رسغي. وهتفت قائلاً: "تخلصوا من ساعاتكم"!
رفع الجميع رؤوسهم على إثر صيحتي القوية، وتوقف القليل منهم عن النظر إلى ساعات أيديهم وأجهزة البلاك بيري الخاصة بهم، شاعرين بالذنب.
لقد كنت مثل هؤلاء المذنبين الذين يراقبون ساعات أيديهم؛ حيث كنت دائم النظر إلى ساعة يدي في البيت، وأثناء وجودي مع زملائي في المكتب أو أصدقائي، كنت أنظر خلسة إلى ساعة يدي خائفاً من أن أكون متأخراً عن أي شيء!
إنني أشعر بالقلق على هؤلاء الأطفال الذين يقضون العطلات، وكل الأيام في القيام بأنشطة مجدولة كثيرة جداً لدرجة أنهم بالكاد يجدون فرصة للتوقف والتأمل في الطبيعة أو في أي شيء آخر!
ينبغي علينا أن نخصص بعض الوقت من حين إلى آخر للتأمل في الحياة والشعور بالبهجة التي لا يمكن أن تشعر بها أبداً إلا إذا توقفت عن العمل الدائم وبدأت في الاستغراق في تأمل الوجود من حولك.
واليوم أصبحت أستيقظ من النوم، وأنهض من الفراش ببطء، وأذهب للمساعدة على فتح مقهى ستاربكس الذي ما زلت أعمل فيه في إعداد القهوة.
في وردية الصباح المبكر هذه، لا يكون لدينا وقت لنضيعه، ولكن مع حلول وقت الظهيرة أو في الساعة الواحدة بعد الظهر، أكون حراً في الخروج والاستمتاع ببقية اليوم.
يمكنني أن أذهب للسير، أو قضاء الوقت مع أبنائي، أو قضاء الوقت مع نفسي؛ فبإمكاني أن أتامل، أو أن أقرأ، أو أن أكتب.
لقد منحني عملي في وظيفة بدوام جزئي حياة بدوام كامل.
هل تلاحظ أننا في أمريكا حين نلتقي بشخص جديد، فإننا دائماً ما نسأله: "ماذا تعمل"؟، كما لو أن العمل أكثر أهمية من الوجود.
إننا نطلق رأينا على الآخرين بناء على ما يفعلونه وليس بناء على كينونتهم الحقيقية.

إن الحياة مثل حالة الطقس: يمكنك أن تتحدث عنها كثيراً، ولكنك، جوهرياً، لا يمكنك التحكم فيها بشكل كامل، قم بما في وسعك، ثم لا تشغل بالك وأسلم أمرك لخالقك.
إن السعادة ليست في غياب شعورنا بأننا بشر فانون ولكن في تقبل هذه الحقيقة.
إن السعادة ليست في غياب الشعور بالألم ولكنها في تقبله باعتباره جزءاً من الحياة نتعرض له في كل مرحلة عمرية وفي كل الظروف.
لم أتوقع قط أن آخر سنوات عمري ستكون أفضلها، ولكن هذا ما أشعر به الآن.
لقد حدثت لي في هذه السنوات الأخيرة العديد من المفاجآت السعيدة التي لم أكن لأتخيلها.
وبطريقة ما، أعتقد أن الله قد ادخر لي الأفضل لأتمتع به في آخر العمر.
أذكر أن "وينستون تشرشل" عندما أصبح رئيساً للوزراء في عقده الستين، قال: "ما كانت حياتي إلا استعداداً لهذه الساعة".
لقد أصبحت قدرتي على الملاحظة في هذه الأيام كما لو أنني قد اكتسبت وضوحاً خاصاً.
لا ريب في أن الحياة تتحسن بأشكال عدة حين تتقدم بنا السن؛ حيث إننا نصير أكثر وعياً بالحياة ونتمتع بالحكمة.
حين قال "ميس فان دير روه": "كلما كانت الأشياء أبسط، كان ذلك أفضل"، فإنه كان يتحدث عن الهندسة المعمارية، ولكن فكرته كانت تنطبق على الحياة كذلك.
إننا جميعاً نأتي إلى هذه الحياة دون متاع؛ ولكن ما إن وصلت إلى الخمسينيات من عمري، كنت مثل هؤلاء المسافرين الذين تراهم يصارعون على نحو هستيري عبر المطار، محملين بالكثير من الحقائب الزائدة الممتلئة بالأشياء التي اشتروها خلال رحلتهم..
لقد أمضيت معظم حياتي أعمل جاهداً لمراكمة الممتلكات المادية، ولم أدرك أنني مع كل رغبة شديدة في الشراء كنت أضيف حملاً على العالم الذي أحمله على عاتقي.
إن الممتلكات الشخصية لها طريقة خاصة في شغل ليس فقط عقلك، ولكن قلبك وروحك كذلك، ودائماً لا يمكنك التوقف عن التفكير في ممتلكاتك حين تتطلع إلى الحصول عليها ثم بعد ذلك تخشى خسارتها.
في السنوات الأخيرة، جعلنا الحلم الأمريكي - إلى حد ما - يصبح مرادفاً للطموح في الامتلاك.
إن الحياة والحرية والبحث عن السعادة لا تعني الرغبة الجشعة في الحصول على المزيد من الممتلكات.
حين انفجرت فقاعة التميز التي كنت أحيا بداخلها، شعرت بالفزع.
ولكن اتضح أن خروجي من فقاعتي هو أفضل شيء حدث لي في حياتي..
لقد حررني لأكون نفسي.
https://mail.google.com/mail/u/0/images/cleardot.gif


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق