الخميس، 6 فبراير 2014

كتاب كهف أفلاطون، سيرة ذاتية

https://mail.google.com/mail/u/2/images/cleardot.gif
كهف أفلاطون "عابرون على جسد التعليم"،
سيرة ذاتية لأحمد الشدوي،
نشر: مؤسسة بحسون، الطبعة ٢٠٠٨
(٢٥٢)صفحة.

كهف أفلاطون كتاب يتضمن مسيرة أحمد الشدوي، فقد خاض تجربته ردحاً من الزمن، في خضم رسالة مثلى، أرادها أن تكون مفيدة تذخر بالعطاء لتحقق الأهداف الإنسانية..
قد تتساءل عن علاقة العنوان "كهف أفلاطون" وموضوع التعليم، وإننا وتوخياً للأمانة، نضعك أمام المفهوم الذي تحدث عنه أفلاطون حين افترض مجموعة من الأشخاص وقد وضُعوا منذ نعومة أظفارهم داخل كهف، وقد تم تثبيتهم بحيث لا يرون إلا صفحة الكهف الداخلية ومن دون أن يروا وجوه بعضهم، بينما تدور خارج الكهف أحداث الناس وتفاعلاتهم ما بين فتحة الكهف والنار المتأججة في الخارج، فتنعكس ظلال تلك الصور على صفحة الكهف الداخلية بحيث أن أولئك القابعين داخل الكهف لا يرون ظلال الناس الذين يتفاعلون ويتحركون خارج الكهف فبنوا عليها كل تصوراتهم عن الحياة والكون.
وفي هذا المعنى تأتي فصول هذه المسيرة لتحكي عن تشعبات الحياة داخل المنظومة التعليمية..

لا أعلم على وجه التحديد متى أحببت أن أكون معلماً. والسؤال الذي أطرحه دائماً في عمق مشاعري هل أحببت أن أكون معلماً في صغري؟ ذلك لأن خليطاً من المشاعر أقلبها الآن داخل تلك الحقبة من طفولتي.
ألا أنني لم أرٓ سواه يملك السلطة والحكمة.
أم هل أحببت أن أكون معلماً كي أُمارس التعذيب على من أكره من زملائي؟ دعني أوضح لك، فخيالي الصغير يعتقد أنني سأكبر وأكون معلماً، وزملائي الذين أكرههم سيبقون تلاميذاً وسأعاقبهم.
أم هل أحببت أن أكون معلماً كي أتباهى على مجتمع القرية ويشيرون لي أنني رجل مهم؟
وإذا كنت قد أحببت أن أكون معلماً للتباهي على مجتمعي، فإن أول من سأتباهى عليه هو مجتمع الصغار في المدرسة، ومن هنا نتصور تلك المعرفة التي سيكتسبها الطلاب مني وأنا على تلك الحال.
أم هل أحببت أن أكون معلماً لأنه من أيسر الوظائف وأسهلها؟
حيث الإجازة الطويلة والانصراف المبكر، ووضوح العمل فيه لجميع الطلاب. وعليك التصور أي نوعٍ من الحماس ورفع الهمم سأبثه في الطلاب طوال تلك السنين؟
والذي يخفف حدة الألم الذي يمكن أن أعانيه من هذه الإجابات الصادمة، أنني تنبهت لها بعد مضي سنوات قليلة في التعليم، وأزعم أني عملت على تلافي سلبياتها.
في الثامن عشر من شهر شعبان عام ١٣٩٥، قام بتوصيلي للمدرسة الابتدائية التي تم تعييني فيها أحد المعلمين القدامى الذي كان يملك سيارة، وصلت المدرسة خلال إجازة الصيف للمباشرة كي يبدأ المرتب من هذا اليوم!
يمكن النظر لهذا الموقف على أنه بسيط ومكرر ولا جديد فيه، ويمكن النظر إليه على أنه العنوان القادم، الذي يحوي داخله تفاصيله ومداخلاته.
هناك في معهد المعلمين تلقينا دروساً وتطبيقات في التربية العملية ربما بحثت عنها في هذا اليوم فلم أجدها!
ما الذي أفادتني به التربية العملية في نظرتي كمعلم لنفسي وللطالب وللمدرسة وللتنظيم؟
أليس من الأولى أن تكون هي المادة التي ترافقني وبالأخص منذ الحصول على المؤهل، حتى دخول الفصل؟
ما الذي أضفته للمدرسة من هذا التوقيع غير المأسوف عليه؟


في السنة الأولى لي كمعلم في المرحلة الابتدائية، سريعاً ما اكتشفت أنني باستثناء "معلم فلسطيني" الأكثر قوة علميا وثقافيا، فانبريت أدرس مادة الرياضيات "التي أسندت إلي" باقتدار على قدر المتوافر.
وبدافع داخلي عملت على إثبات وجودي كمعلم، لا سيما وأن اسمي لا يزال يكتب بقلم الرصاص، أي تحت التجربة.
ومع هذا الحماس كانت العصا لا تفارق يدي، فلا بد لهؤلاء الأولاد غير المهتمين بالمدرسة من التعليم وحل الواجبات والانتباه داخل الفصل.
فالعصا خلقت من الجنة، ويداي لا تزال ملتهبتين مما تلقتاه من العصي في مراحل الدراسة المختلفة.
هل كانت نفسي مريضة؟ والسن بالسن، مع أن هؤلاء الأولاد لم يكونوا البادئين.
أي ثقافة كان يحملها الآباء حتى يوافقوا على ضرب أبنائهم من المعلمين، وأي ثقافة حملها الآباء في المقابل اليوم على أن يقوم أبناؤهم في المرحلة الثانوية بضرب المعلمين.
كلا الثقافتين واحدة لا تحمل وداً تجاه الأبناء، وتشطح بعيداً كلاهما عن الحنان الأبوي.
حين زارني المفتش، طلبت من الأولاد رفع أصابعهم عندما يسألهم المفتش حتى لو كانوا لا يعرفون الإجابة، وكأني ألمح في عيون هؤلاء الصغار نظرات تساؤل عن سرعة الضعف الذي لحق بها المنفوش أمامهم.
دخل المفتش الخبير للصف الرابع ومباشرة بدأ يسأل الطلاب في موضوعات المادة، ولا حياة لمن تنادي، وبدأت من خلف المفتش أغششهم الإجابة، ولا أحد يجيب.
ثم خرج من الفصل أمام ذهولي من هذه الحالة، وعلى الفور انتقل للصف الخامس، وبدأ يسألهم ولا مجيب، ثم خرج من الفصل لمكتب المدير. فما الذي حدث بالضبط؟
قيمني المفتش بجيد مرتفع!، ولم تنتابه أي حالة غضب وغيرة على مستوى الطلاب!
بل طلب مني بذل مزيد من الجهد في بقية العام، هكذا (بذل مزيد من الجهد) كيف؟ لا أعرف.
والخبير ليس لديه وقت ليقول لي كيف أعمل.
وما لبثت أن عرفت شيئاً مهماً. ذلك أن المفتش سأل طلاب الصف الرابع عن دروس طلاب الصف الخامس، وسأل طلاب الصف الخامس عن دروس لطلاب الصف السادس. أخبرني بهذا الطلاب أنفسهم.
عدت للمفتش أناقشه في هذا الخطأ الجسيم، وعندما تبين له ذلك رفع تقديري إلى جيد جيداً.
كنا كمعلمين مراهقين خارج المدرسة وكهولاً داخلها، كنا نتقبل الحوار والنقاش خارج المدرسة، ونضرب بلا هوادة كل من يناقشنا من الطلاب داخل المدرسة.
كنا في مناكفات مع آبائنا فيما إذا انتقدونا وفي الوقت عينه نعتبر مناكفة الطلاب لنا من سوء الخلق.
كنت المسؤول عن طابور الصباح، وكنا لا نقبل أي تأخر صباحي من أي طالب، وللحقيقة فإن ما لا يقل عن حصتين يومياً نهدرها نحن المعلمون، ومع ذلك كنت أعاقبهم يومياً على هذا التأخير.
أعرف اليوم كم بذلوا من الجهد كي لا يتأخروا.
أحد هؤلاء الطلاب ربما جاوز السابعة عشرة، (لم يكن ذلك غريباً في حينه) وربما كانوا يخشون أن يقابلهم أحد السباع لذا كان يحمل خنجراً كبيراً يشد به وسطه، ومع أنه كان يخبئه في إحدى الأشجار القريبة من المدرسة، إلا أن المنظر لا يروق لي، لأني اعتبره سلاحاً ضدي، لم لا وأنا أقوم بجلده بالعصا في بعض الحصص.
المهم أني طلبت منه ألا يحمله مرة أخرى، وأمعنت في عقابه مع زملائه، لم يشرح لي سبب إحضاره للخنجر، والآن أتساءل كيف له أن يشرح لي ذلك في هذا الجو التعليمي القاسي؟
عندما طلبت منه الدوران ذات يوم دار  مرة ووقف، رفض الدوران أكثر، أكاد اليوم أشعر بأرجله التي أنهكها السير في الجبال والأودية داخل الظلام. أشعر بقرفه من هذه المعاملة. كان إنساناً يشعر بالإهانة، لم يحتمل، فرفض الدوران. قمت بجره، (نعم جره) إلى مدير المدرسة، أخبرته بما حدث كيف له أن يتجرأ ويعصي معلمه، هذه إهانة للمعلم!
قام المدير من مكتبه وطلب مني أن أجلده في يديه أربع جلدات، فعلت ذلك، أنفاسه تتصاعد من الغضب، لم أقم بإهانة رجولته فحسب، بل أهنت كل معاني الإنسانية، وجميع من كتب وعلّم التربية، جلدته الرابعة وأن أسأل الله ألا يمد يده علي، هذا الجلاد المنفوش المتعالم يدق قلبه خوفاً من التلميذ المجلود.
لم أفهم كلمة واحدة مما درسته في التربية النظرية، بل أفهم ما توارثه بعض الأغبياء أمثالي عن شخصية المعلم. في نهاية اليوم الدراسي حمل حقيبته وخرج من المدرسة، ولم يعد إليها أبداً.
والآن أتساءل بمرارة لم حدث ذلك. أيُّ معلم أنا وأيّ مدرسة هذه؟


(معلم يساوي طبشورة)
كانت المناقشة بيني وبين أحد مديري التعليم (كنت قد حصلت على البكالوريوس) خلال اشتراكي معه في دورة تدريبية على حسابنا الخاص، وفي معرض نقاشنا ذكر أنه يهتم بتأمين معلم للمادة بالقدر نفسه الذي يهتم فيه بتأمين الطباشير، ولأنني في ذلك الوقت كنت معلماً ولست مدير لمدرسة فقد أفزعتني هذه المقارنة بين المعلم والطباشير، وبدأت أبين له سوء العبارة.
 وأن التأمين يكون للأمور المادية، والمعلم هو الإنسان الذي يجب أن يحظى بالاحترام الحقيقي في المؤسسات التعليمية.

كنت قد أنهيت السنة الثالثة في كلية الاقتصاد والإدارة بنظام الانتساب عندما بدأنا نعرف أن هناك كلية متوسطة لإعداد المعلمين بالطائف.
في ذلك الوقت كانت رغبتي في الاستمرار بعملي كمعلم قد وصلت للحد الأدنى، وكنت أحلم بالتخرج في الجامعة، وأحصل على وظيفة خارج التعليم.
لم أشعر يوماً بالاعتزاز بعملي، وبخاصة داخل أروقة إدارة التعليم والفروع الملحقة بها.
تأملت كثيراً، هل التحق بالكلية المتوسطة، أو أكمل الجامعة؟ والمقارنة هي:
في الكلية المتوسطة، يحصل الملتحق بها من المعلمين على راتبين شهرياً ولمدة عامين ونصف ثم يعود للتدريس على المرتبة السابعة.
في الجامعة، يتبقى عام دراسي، ثم يترقى المتخرج إلى المرتبة السابعة.
في الحسابات البسيطة يتبين أن الدراسة بالكلية المتوسطة أكثر نفعاً من الناحية المالية.
بينما في الحساب الحقيقي تكون الجامعة أكثر نفعاً مالياً على المدى الطويل، لأن هناك علاوتين ستضيعان علي إن أنا أجلت الجامعة، بخلاف نقاط المفاضلة للترقية في المراتب.
وقد اجتزت الدراستين في الكلية المتوسطة، وكلية الاقتصاد والإدارة في نهاية العام بتقدير جيد جداً لكليهما.
التربية العملية في الكلية المتوسطة لم تنتج لنا ثقافة تربوية تستحق هذه الجهود والمصروفات والهدر.
ولم نتعظ نحن فنحرك التنظيم في الكلية للإجابة عن تساؤلاتنا السابقة في التدريس، فنستبدل السلوك الذي كان يجب أن تمنحنا إياه الدراسة بالسلوك الذي لم يحقق النجاح المطلوب في تدريسنا السابق.
فلم يتبدل شيء في دفتر التحضير (إعداد الدروس) عما كنت أفعله في المعهد، وكذا إجراءاتنا داخل الفصل عدا ما اكتسبه بعضنا من مواقف شخصية تمت مقارنتها مع السابق لها.

تصادف أن كنت أدرس الماجستير مع أحد الأشخاص الذين يعملون في مجال التعليم بمنطقة أخرى، نشأت بيننا صداقة ثم زمالة وصداقة، كثيراً ما نجلس في مكتبة الكلية للقراءة والبحث، سبق له أن عمل معلماً ثم اتجه إلى العمل الإداري بالتعليم، كنا نتبادل النقاش في القضايا التعليمية، نقف عند قضايا تربوية، نختلف حولها فنتبادل نظرات عتاب.
قضايا كثيرة تلك التي كنت أحفظ عباراتها المنمقة، لكنني لا أعمل على تطبيقها، كنت أوردها في النقاش، أستخدمها إذا أردت إيقافه، والذي لم أكن أعلمه أنه يؤمن بها، والذي لم يكن يعلمه أنني لا أعمل بها ولكني أحفظها.. أتعاطف معها داخليا، غير أنها تهزم عند التطبيق.


(عملي في التوجيه التربوي ١٤٠٨/١٤٠٣)

وجدت أحد الموجهين لا يزال يعتقد أن مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب يعني فقط توزيع الأسئلة بين فئات الطلاب لتثبيت التحصيل داخل الفصل..
وجدت بعض الزملاء يعتبر أن عناد الطلاب في المرحلة الثانوية حتى لو كان بسيطاً فهو عبارة عن قلة أدب.
وجدت بعض الزملاء يأمر بإيقاف جميع الأنشطة خلال الاختبارات الشهرية فهي تلحق ضرراً بالتحصيل العلمي للطلاب (يقصد الحفظ) مما قد يؤدي إلى خفض درجاتهم.
وجدت بعض الزملاء يكرر دائماً أن يحذر المعلمين من التأخر عن الحصة لأن ذلك يلحق ضرراً وأن غياب المعلم يلحق ضرراً أكبر بالطلاب وأن جلوس المعلم يلحق ضرراً بالطلاب أيضاً، فعجبت من هذا الربط بين أي تقصير في أداء المعلم والطالب.
إن غياب المعلم وتأخيره وتقاعسه هو تقصير في أدائه لعمله، ويجب أن تبذل الجهود لتحسين ذلك التقصير أو اتخاذ الإجراءات العقابية، من المفروغ منه أن هذا التقصير خلل في عمله وعلينا تعديله من دون أن نبث يوماً العداء بينه وبين الطالب.
وجدت أن بعض الموجهين لا يطلعون المعلمين كثيري النقاش والجدال على تقارير الأداء الوظيفي الخاصة بهم لأنهن سيكثرون من نقاش لا جدوى منه.

وصلت إلى تعليم جدة طالباً تعييني في مدرسة ثانوية مطورة كي أتمكن من تدريس مادة تخصصي.
ولم ألحظ في نفسي أن لدي أسف أو غضاضة في أن أمتطي حصان التدريس داخل الفصل، أقول هذا الآن، لأنني شاهدت قبل عام من كتابة هذا المؤلف مجموعة من المشرفين، طلبت منهم الوزارة العودة للتدريس لأمور تنظيمية فثارت ثائرتهم.
 ذهلت لما رأيت إصرار الكثير منهم على عدم العودة للتدريس؛ أعتقد أن الاصرار من قبل المشرفين على عدم العودة للتدريس يعتبر مؤشراً يحمل دلالات في منتهى الخطورة.
فطالما هذه نظرة المشرفين (الغالبية ولا أقول كلهم) للتدريس فمن أين لهم أن يتمكنوا من رفع الروح المعنوية للمعلمين؟
إنها قد تؤخذ كمؤشر لنظرة هؤلاء تجاه التدريس في الفصل.
يجب أن نكون واضحين، فإذا كان الإشراف ترقية وظيفية فيجب أن يمر بجميع اشتراطات الترقية، عندئذ يحق للمترقي ألا يعود لوظيفة أقل ويحصل على مزايا الترقية.
وإذا كان تكليفاً فكيف يضل هذا التكليف قائماً حتى النهاية.
يمكنني طرح السؤال التالي: طلبت الوزارة منذ عام ١٤٠٣ه، أن تضل جميع الوظائف في التعليم بمسمى معلم، وأن لا يستمر تكليف المعلم في عمل خارج الفصل أكثر من أربع سنوات ثم يعود للتدريس، لفصل دراسي على الأقل، والسؤال هل تم تطبيق هذا ولو لمرة واحدة؟

الصبر أهم الجهود التربوية.
أصبحت أعامل الطلاب في الفصل كرجال لهم حقوق وعليهم واجبات، يصادف هذا النوع من التعامل في بدايته مصاعب جمة فيحتاج إلى جهد أكبر، ومع كل نجاح يتحقق أجد لذة ما بعدها لذة.
الإشراف التربوي عمل جيد ورائع يساند عملية التدريس فوظيفته الأساسية هي تحسين عملية التدريس.
وفي وظيفة مثل هذه تتفتح مجالات الإبداع وتتفتح الأنفس الخيرة لتعطي بلا حدود، وتتضح الفروق الفردية في العطاء والإنتاج والإبداع.
الأنفس العالية تعطي بلا مقابل وليست في حاجة لانتظار المكافأة والمديح، والأخرى تتقوقع في نرجسيتها أن تذيب مكوناتها وطاقاتها في مزاعم ردات الفعل وتخريج الغثاء.
أول المشاهدات التي رصدتها في زياراتي كمشرف تربوي، انخفاض العمل الفني لمديري المدارس، لا تكاد ترى زيارات صفية مفعلة، العمل التعليمي داخل الفصول من آخر اهتمامات مديري المدارس.
والمشاهدة الثانية كثرة المباني المستأجرة وضيقها والتصاقها بالمنازل الشعبية المحيطة.
في الإشراف التربوي تستطيع أن تقدم خدمات جيدة للمعلمين حتى لو كنت في إشراف الإدارة المدرسية.
هناك بعض المعلمين الذين يعانون من كثرة الغياب والتأخير.
إنني أعتقد أن التوثيق واتخاذ الإجراءات الرسمية عمل مهم، غير أن بذل الجهد لانتشال مثل هؤلاء من الحالات التي يمرون بها هو أكثر أهمية، والرأي أن تتخذ الحالتان معاً.
قمت بزيارات متكررة لكلية المعلمين بجدة، والتقيت بأساتذة أفاضل يحملون مؤهل الدكتوراه في علم النفس، وطلبت منهم أن نُعد برنامجاً متخصصاً في تدريب بعض مديري المدارس على كيفية تعديل التوجهات السلبية لدى بعض المعلمين.
عندما تؤمن بأهمية عملك قد تواجهك بعض المصاعب، كان مفهوم التعامل مع المعلم كثير الغياب أو التأخير على أنه مريض وفي حاجة لمساعدتنا، مفهوماً غريباً، وكنت الوحيد الذي ينادي به.

الشيخوخة ليست كما تعارفنا عليه دوماً من حيث تماهيها مع سنوات العمر، لكنها كما يقول فدريكو فيلليني: إن الشيخوخة تبدأ حين تصبح الحياة رتيبة.
ما كنت أتأكد أن الحياة في العمل رتيبة حتى عزمت على التقاعد.
لم يكن هناك شيء يضايقني في عملي، ما كان يضايقني هو تكرار ما عملته من قبل، لم يكن مرحباً بغير ذلك في العمل.
وقفت الكثير من الاقتراحات للتغيير والتطوير معقودة بنواحي طبيعة العمل وطبيعة الرؤوساء.
ويزداد السؤال وضوحاً لماذا لا نرى من أحلامنا شيئاً في الواقع؟


هناك تعليق واحد:

  1. هذا هو واقع مرير للتعليم في بلادنا العربية ،ولهذا نحن نتجه للاسفل ونتأخر للوراء ولانتقدم للأمام ابدا.
    ما ذكره الكاتب يصور بحق معاناة المعلم في بلادنا العربية، ولذلك لاتجد مختعين أو عباقرة تخرج من بلادنا العربية.

    ردحذف