الخميس، 3 أكتوبر 2013

اقرأ



اقرأ للدكتور/ ساجد العبدلي
دار النشر: مدارك
الكتاب دليل مختصر لكيفية جعل القراءة جزءاً من حياتك، وما هي مجموعات القراءة، وفوائدها؟
هناك مثل غربي يقول: "إذا أردت أن تُسعد إنساناً فحبب إليه القراءة"، وهذه حقيقة ولا شك، فملكة القراءة لمن يمسك بزمامها، تمنح صاحبها متعة لا تقاوم، وتسبغ عليه سحراً لا ينتهي، ففي الكتب عوالم لا تحدها حدود الخيال ولا يتصورها العقل.
إن القراءة تهب الإنسان خلاصة فكر من يقرأ لهم، لأنها تمده بالمعرفة التي أودعوها كتبهم، وهي تلك التي أمضوا زمنا من أعمارهم يكتبونها.
مجموعة القراءة كانت واحدة من المحركات الأساسية التي أبقتني لصيقاً بالكتب والقراءة طوال حياتي، ففي كل وقت كان هناك كتاب في يدي، في حلي وترحالي، في البيت وخارجه، ولهذا فقد أسميت هذا الكتاب" كيفية جعل القراءة جزءا من حياتك "لأنه سيصف لكم كيف صارت جزءا من حياتي.
إذا وجدت أنك لا تستمتع بقراءة نفس الكتاب مرة بعد مرة فاعلم بأنه لا داعي لأن تقرأه على الإطلاق. "أوسكار وايلد، أديب وناقد".
كيف تقرأ كتاباً إذا كنت لا تستمتع بالقراءة؟
كثيراً ما يأتيني هذا السؤال، كيف أستطيع أن أصبح من القراء الدائمين في حين أني لا أستمتع بعملية القراءة. الأمر ليس صعباً إن توفرت الإرادة الحقيقية عند الشخص لكي يصبح قارئاً، وإن هو بالفعل حرص على اتباع النصائح السريعة المركزة التالية:
أولاً: وقبل كل شيء لا تجبر نفسك على القراءة، اقرأ لأنك تريد ذلك وليس لأنك مجبر على فعل ذلك.
ثانياً: احرص على اختيار الكتاب المناسب، وإياك أن تعزف عن القراءة ككل، لمجرد أنك من بعد تجربة كتاب أو اثنين وجدت نفسك لم تستمتع بهما.
ثالثاً: حدد الهدف الذي لأجله تُريد القراءة.
رابعاً: لا تستعجل وتتسرع في عملية القراءة. خذ وقتك في القراءة، ولا تعش القلق لأنك بطيء في القراءة، خصوصاً بالمقارنة مع الآخرين.
خامساً: لا تتهيب من وضع علامات على الكتاب، أكتب ملاحظاتك وأفكارك ومشاعرك حول ما تقرأ، لتصنع بينك وبين الكتاب حالة من الارتباط..
سادساً: تظاهر بأنك تعيش حالة من الشغف مع الكتب.
احرص على اقتناء الكتب، حتى ولو كان ذلك بكثرة تتجاوز قدرتك على القراءة، فإن هذه العملية بحد ذاتها تقربك أكثر من عالم القراءة.
ليس هناك كتب أو أكوام من الأوراق الميتة على الأرفف،  بل هي عقول حيّة. "جلبرت وايت، عالم الطبيعيات الإنجليزي"
من أجل أن يتقن الإنسان فن القراءة، عليه أن يسيطر على سداسية فن القراءة، فيعرف الإجابة على: ماذا؟ ولماذا؟ ومتى؟ وأين؟ وكيف؟ وكم سأقرأ؟
ماذا اقرأ؟
 من خلال مشاهدات متعمقة لمسلك من حولي في تعاملهم مع القراءة، وجدت أن الكثيرين منهم لا يقرأون، لأنهم وبكل بساطة يجهلون ماذا يقرأون، ولأنهم حاولوا أن يقرأوا  ما لم يصح لهم أن يقرأوه أساساً فعجزوا عن إكماله، فعزفوا عن القراءة بالكلية.
والإجابة على سؤال ماذا اقرأ؟ بكل بساطة هي أن نقرأ ما نُحب.
على المرء الذي يود أن يشرع في الدخول إلى عالم الكتب والقراءة، أن يقرأ ما يحب، فالحب سيجلب له المتعة، والمتعة ستكون دافعه للقراءة.
ويظهر هنا سؤال آخر يقول: هل كل ما نحب قراءته سيكون مفيداً لنا؟ ربما سيكون مفاجئاً حين أجيب بنعم، كل ما نقرأه سيكون مفيداً لنا في قناعتي، لا يوجد شيء نقرأه فلا يكون مفيداً، لكن الفرق سيكمن في مقدار الفائدة المتحصلة من كل قراءة.
فحين يعرف القارئ بأن كاتباً ما يكتب كتباً سيئة، أو هامشية فكرياً، فإنه سيتحاشى القراءة له مرة أخرى، وهذه فائدة جليلة تحفظ له وقته.
السؤال الثاني: لماذا اقرأ؟
معرفة الإجابة على هذا السؤال، هي المفتاح لمعرفة مقدار الوقت والجهد الذي يجب على القارئ أن يصرفه لقراءة الكتاب الذي بين يديه، وهي مهمة كذلك لمعرفة ما يجب أن يصرفه من وقت وجهد في قراءة الأجزاء والفصول المختلفة من نفس الكتاب.
كثير من القراء يقعون في فخ يتمثل في اعتقادهم بوجوب قراءة كل ما هو مطبوع بين دفتي الكتاب الذي بين أيديهم، بينما يكون الأمر غير ذلك في أحيان كثيرة، والصحيح أن ينتقي القارئ من أجزاء الكتاب وفصوله ما يتلاءم مع احتياجاته، ويتوافق مع نفسه وفكره فقط.
السؤال الثالث: أين اقرأ؟
 الإجابة على هذا السؤال قبل الشروع في دخول عالم القراءة، أمر مهم جداً، لأنه إن اخطأ في اختيار المكان المناسب المتوافق مع نفسيته، فسيكتشف لاحقا بأن مقدار الفائدة التي يتحصل عليها من ذلك الوقت الذي يقضيه في القراءة متقلص جداً.
السؤال الرابع: متى اقرأ؟
 لكل منا ساعة ذهبية للقراءة، وفي هذه الساعة يجد القارئ أن تحصيله المعرفي والفكري واستمتاعه بما يقرأ يكون في أعلى مستوياته، قد لا تكون الساعة الذهبية ستون دقيقة تماما قد تطول أو تقصر، لكنها تظل مليئة بالحيوية الذهنية وصفاء النفس.
السؤال الخامس: كيف اقرأ؟
 بما أن القراءة فن، وكما أن لكل فنان أسلوبه وطريقته، فيجب أن يكون للقارئ، إن هو أراد التميز أسلوبه في القراءة، ومن أساليب القراءة على سبيل المثال، قراءة الاستطلاع العام، القراءة العابرة، الدراسية، والسريعة وغيرها.
السؤال السادس: كم اقرأ؟
يقولون دوماً أن المهم هو الكيف لا الكم، وهذا ينطبق على القراءة أيضاً، فليس مهماً أبداً عدد الكتب التي يقوم الإنسان بقراءتها، بقدر أهمية ماهية هذه الكتب وطبيعة محتواها، وما إذا كانت تحقق له الوصول إلى أهدافه المرجوة من قراءتها.
القراءة الذكية ومهاراتها: أولاً: عدم الابتعاد عن الهدف المحدد من القراءة، فمن يقرأ للاستمتاع يجب عليه أن لا يضيع وقته وجهده في حفظ كل المعلومات التي ترد في ما يقرأ، ومن يبحث عن معلومة معينة، فلا يجب أن يقرأ كل شيء بتعمق وإنما يمر بعينه سريعا وهكذا دواليك.
ثانياً: أهمية التفاعل مع الكتاب، وأن يُصبح القارئ قارئاً مفكراً؛ فلأجل قراءة حقيقية، لا يصح أن تمر المعلومة أو الفكرة على القارئ مرور الكرام، وإنما عليه أن يتوقف عندها ويمحصها لتثير في عقله التساؤلات حولها.
يقول الدكتور عبد الكريم بكار: "إن النص الجيد هو النص الذي يشتمل على فراغات معرفية، وملء هذه الفراغات من الآن فصاعداً صار من مهمة القارئ الجيد، وحين يشرع القارئ في سدها تبدأ رحلة التواصل بينه وبين الكاتب".
إن الكتب التي تتحدى ما لدى المرء من أفكار هي تماماً تلك الكتب التي يجدر به أن يقرأها.
ثالثاً: يجب على القارئ أن يتعلم كيفية اختيار الكتاب الذي ينفعه من كل فن وعلم يهمه.
رابعاً: يجب على القارئ الجيد أن يعرف كيف يتعامل مع كل كتاب على حدة، فليس كل كتاب مثل الآخر من حيث مقدار الوقت والجهد الذي يستحقه.
الكتب منارات منصوبة في بحار الزمن العظيمة. "الكاتب الأمريكي إدوين ويبل"
ما هي مجموعة القراءة؟
 هي تجمع لأفراد بهدف قراءة كتاب ما.
ما الهدف من مجموعة القراءة؟ مجموعة القراءة تهدف في المقام الأول، إلى جعل الإنسان يقرأ، وجعل القراءة جزءاً أساسياً من حياته.
ما فوائد مجموعة القراءة؟
الفائدة الأولى: عند دخول أي شخص في مجموعة القراءة وتفاعله معها فإنه يصبح قارئاً نشطاً بالفعل.
الثانية: الإلتزام بالوقت، سيجد المشارك في مجموعة القراءة نفسه مضطراً للالتزام بقراءة الكتاب المحدد في الوقت المتفق عليه.
الفائدة الثالثة: تُكسب مجموعة القراءة أعضاءها ملكة الحوار والنقاش، والقدرة على التعبير عن الرأي وعرض الأفكار والدفاع عنها.
 كيف تنشئ مجموعة للقراءة؟
لا بد لمؤسس، أو مؤسسي مجموعة القراءة أن يكونوا من عشاق القراءة، أو أن يكونوا على الأقل ممن يرغبون أن يصبحوا كذلك، حتى يظل الشغف بالقراءة هو دافعهم نحو الاستمرار في تنفيذ هذا المشروع.
ما العدد المثالي للمشاركين في مجموعة القراءة؟
هذا الأمر مرتبط جداً بعامل الوقت الذي سيتم قضاؤه في كل جلسة من جلسات مجموعة القراءة المقرر إنشاؤها، ومن خلال تجربتي، فإن ساعتين من الوقت هو الحد الأقصى للفترة التي يمكن تمضيتها بتركيز واستمتاع في مثل هذا النشاط الفكري الحواري، وبعدها سيبدأ المشاركون بالإحساس بحالة من الإرهاق الجسدي والعقلي والملل.
يجب أن لا يقل عدد المشاركين إلى ما دون الثلاثة وإلا فقدت المجموعة روحها وتحولت إلى مجرد حديث بين شخصين.
أين ومتى تجتمع مجموعة القراءة؟ يمكن الاجتماع في أي مكان، لذلك لا يوجد مكان صحيح ومكان خاطئ لعقد مجموعات القراءة.
ما هي آلية اختيار الكتب؟
الطريقة الأمثل لاختيار الكتب أن تقوم المجموعة نفسها، وليس شخصاً واحداً باختيار الكتب، ومن ثم يصوت عليها.
ما هي مواصفات الكتب الصالحة لمجموعات القراءة؟ نصيحتي للمجموعات الناشئة حديثاً أن تسلك المسلك التصاعدي في اختيار الكتب، لأنه سيكون من الثقيل جداً، ولعله من الخطأ، الابتداء بالكتب الصعبة والدسمة والكبيرة الحجم.
كما أنصح مجموعة القراءة التي تقرر أن تكون مجموعة للقراءة الثقافية العامة أن تقوم بالتنويع في مجالات الكتب.
ما مواصفات مدير مجموعة القراءة؟ مدير المجموعة هو العنصر الأهم لنجاح أي مجموعة قراءة. ومن أهم مواصفاته أن يكون قارئاً جيداً كذلك من المهم أن يكون لبقاً قادراً على إدارة دفة الحديث بحزم لا يخلو من مرونة وذكاء، حتى يتمكن من التعامل مختلف المشتركين.
تلجأ بعض المجموعات إلى استخدام أسلوب تداول الإدارة، أي أن يكون كل مشارك مديراً في وقت من الأوقات، وهذه طريقة جيدة.
هل من الضروري البحث في تاريخ المؤلف قبل قراءة أي كتاب؟ من المفيد جداً البحث في تاريخ وسيرة مؤلف الكتاب المطروح للمناقشة، وتخصيص جزء من الوقت للحديث عن ذلك في بداية الجلسة.
كما أن الاطلاع على سيرة الكاتب ومعرفة كتبه الأخرى قد يكون عنصر جذب لقراءة المزيد من مؤلفاته لاحقاً.
ماذا لو وجدت الكتاب مملاً؟
نصيحة عامة لكل قارئ يقرأ لأجل الثقافة العامة، لا تجبر نفسك على قراءة ما لا يستهويك لأي سبب كان لأنك ستنفق فيه وقتاً ثقيلا قد يطول، كان بإمكانك أن تستفيد منه في قراءة كتاب آخر أكثر متعة وفائدة لك.
قد يكون السبب الذي منع قارئاً ما من قراءة كتاب هو صعوبة لغته أو دسامة مادته وثقلها، أو ركاكة ترجمته، أو غير ذلك، لذا فإن وضع القارئ يده على السبب الذي منعه من إكمال الكتاب، سيكون بحد ذاته شيئاً مفيدا، وبوصلة تهديه في المرات القادمة نحو ما يناسب ذائقته.
كيف تجري جلسة مجموعة القراءة؟
أفضل ترتيب للجلوس في مجموعة القراءة هو الحلقة المستديرة والتي يتمكن الجميع من خلالها من رؤية المتحدث.
كيف تبدأ الجلسة النقاشية؟
(1)  من المهم أن يكون للجلسة موعد محدد تبدأ وتنتهي فيه، وأن لا يترك الأمر مفتوحاً، فالوقت له أهميته.
(2)  ليس شرطاً أن يتحرك النقاش بين الأعضاء بطريقة متتالية حسب جلوسهم، وإنما يمكن نقله وفقاً لمن يرغبون بالمشاركة.
(3)  كذلك من المفيد أن تبدأ الجلسة بمقدمة من مديرها يتم من خلالها وضع قواعد الجلسة حول طريقة الحوار والمناقشة.
(4)  على مدير الجلسة أن يلعب دور المستمع الجيد لما يقوله المتحدث، حتى يُشعر الجميع بأهمية ما يقولونه، ويتشجعون للمشاركة بالمزيد.
(5)  من الضروري أن يقوم المدير بتلخيص فكرة المتحدث بعد انتهائه منها، قبل نقل الحديث إلى متحدث آخر، بطريقة تساعد على بناء الأفكار.
كيف نجعل الأطفال يُحبون القراءة؟
ليس من طريقة تتسع بها آفاق وعوالم طفلك مثل تحبيبهم القراءة. "جاكلين كنيدي"
أوضحت الدراسات الاجتماعية أن الأطفال يصبحون أكثر وقرباً من القراءة إذا هم عاشوا نوعا من التواصل الإيجابي مع والديهم أثناء القراءة.
يجب أن يتذكر الوالدان دائماً أن القراءة ينبغي أن تكون تجربة ممتعة بالنسبة للطفل، وليس فرضاً او التزاماً روتينياً.
كما أن الطفل سيدرك أهمية القراءة في حياة الإنسان عندما يرى أباه وأمه يقرآن بشكل مستمر في المنزل.

إن إدخال الصغار إلى عالم القراءة وتعويدهم عليها وتحبيبهم بها، سيكون له أثر بالغ في جعلهم قراء دائمين عندما يكبرون.
يجب علينا قبل أن نوجه الناس إلى قراءة الكتب العظيمة أن نعلمهم حُبّ القراءة. "بورس فريدريك سكينر"


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق