الخميس، 11 يوليو 2013

كتاب (المخ ذكر أم أنثى)؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
 

مقدمة:
حتى وقت قريب كان يتم ارجاع الاختلاف في أسلوب تفكير وسلوك كل من الذكور والإناث إلى "العوامل التربوية"، حيث يقوم الوالدان بتنشئة أولادهما بناء على مفاهيم اجتماعية وموروثات حضارية تُحدد ما ينبغي أن يكون عليه كل من أبنائنا وبناتنا، ثم اتجهت أنظار العلماء لتفسير هذا الاختلاف الفكري والنفسي والسلوكي بين الذكور والإناث إلى الفروق الكيميائية بين الجنسين والمتمثلة في "الهورمونات الجنسية الذكورية والهورمونات الجنسية الأنثوية"، لكن هذه الهورمونات لم تستطع وحدها تقديم الإجابة الكاملة، فهل لبنية المخ ووظيفته دور في هذه الفوارق بين الجنسين؟
**
بالرغم من أن البشر جميعاً يُدركون تماماً أننا ننتمي إلى جنسين مختلفين؛ فإن معظم الناس يتصرفون كأن هذه الحقيقة
البديهية لا وجود لها، أو كأنها سر من الأسرار وينبغي أن تظل كذلك، ومن ثم علينا أن ننكر ما تُخبرنا به عقولنا وحواسنا
الخمس، بل علينا أن نفقد الثقة بهذه الأدوات.
**
عند بلوغ الشهر السادس بعد الولادة تحدث طفرة كبيرة في افراز الهورمونات الجنسية في الأطفال، وتُعرف هذه الفترة بـ"البلوغ الطفولي" وتستمر حوالي 9أشهر في الذكور وسنتين في الإناث، ويتم فيها قطع شوطاً هاماً آخر في عملية تذكير وتأنيث المخ. ويدل هذا الفارق الزمني على أن تشكل المخ في كلا الجنسين لا يتم بنفس الآلية بل إنها عملية تحتاج إلى قدر كبير من التشكيل والانضاج تقوم به الهورمونات الجنسية بعد الولادة.
**
إن التعرف على الفوارق بين المخ الذكوري والمخ الأنثوي يُفسر لنا الاختلاف في طريقة التفكير وفي السلوك بين الرجال والنساء، ومن ثم فإن ادراك هذا الاختلاف يُفيد في تحقيق تعامل أفضل بين الأشخاص من الجنسين، كما يُمكّننا من تقديم خدمة أفضل لكل منهما في مجالات الصحة والتعليم وعلم النفس".
"وليس معنى وجود هذه الفوارق أن أحد الجنسين أفضل من الآخر، بل إن الخسارة ستكون كبيرة لو حاول البعض أن يستغل اقرار العلماء بهذه الفوارق ليدّعي تفوقاً لجنس على الجنس الآخر".
**
عند بداية الحمل يكون مخ الجنين على هيئة واحدة في كلا الجنسين (أقرب إلى الهيئة الأنثوية). وابتداءً من الأسبوع الثامن من الحمل يبدأ الهورمون الجنسي الذكوري(التستوستيرون) في ممارسة دوره في عملية تجنيس المخ على النمط الذكوري في الأجنة الذكور، ويستمر هذا الدور طوال فترة الطفولة. بينما يؤدي غياب الهورمون الجنسي الذكوري ووجود الهورمونات الأنثوية في الأجنة الإناث إلى نشأة المخ على النمط الأنثوي الذي هو أقرب إلى النمط المبدئي لبنية المخ. وبحلول الأسبوع الثامن عشر تكتمل معظم بنية مخ الجنين، ومن ثم فإن الفترة من 8-18 أسبوع هي الفترة الحرجة في عملية تجنيس المخ.
**
أظهرت الأبحاث التي أجراها د. ريتشارد هاير أستاذ علم النفس بجامعة كاليفورنيا ، أن حجم المادة الرمادية (الخلايا العصبية) المسئولة عن معالجة المعلومات أثناء عملية التفكير تكون في الرجال أكثر من النساء بستة أضعاف ونصف الضعف! بينما تكون المادة البيضاء (المحاور العصبية) المستخدمة في تبادل المعلومات أثناء التفكير أغزر بعشرة أضعاف في النساء عنها في الرجال. أي أن الرجال يعتمدون في عملية التفكير على معالجة المعلومات بدرجة أكبر من النساء اللاتي يعتمدن بشكل أكبر على تبادل المعلومات بين مناطق المخ المختلفة.
**
كذلك وجد العلماء أن أجزاء الجهاز الحوفي الواقعة في الفص الصدغي في الرجال هي الأكثر نشاطاً، وهي المناطق المسئولة عن الاستجابات العضلية. أما في الإناث فالجزء المسئول عن الاستجابات النفسية (يُعرف باسم التلفيف الحزامي) هو الأكثر نشاطاً.ويُفسر ذلك لماذا تكون استجابة النساء للمواقف المستفزة عن طريق الكلام بينما تكون الاستجابة هي استعمال القبضات عند الرجال.
**
قسم د.كوهين عقول البشر إلى ثلاثة أصناف أساسية بناءً على نوع القدرات الغالبة:
1-العقل التعاطفي
2-العقل التنظيمي
3-العقل المتوازن
وبالإضافة إلى هذه الأنواع الثلاثة الشائعة من عقول وأمخاخ البشر، يُمكن الاشارة إلى نوعين
آخرين، أقل شيوعاً وعلى قدر من الخطورة:
- عقول وأمخاخ متطرفة الذكورة.
- عقول وأمخاخ متطرفة الأنوثة.
وإذا كانت نظرة واحدة إلى وجوه وأجسام من نتعامل معهم تُخبرنا عن جنسهم (ذكر أو أنثى)فإنها لا تخبرنا بالقطع عن جنس عقولهم، بل إن الانسان يعجز غالباً عن تحديد جنس عقله، ويتطلب ادراك ذلك الخضوع لاختبارات عقلية ونفسية فهناك إناث يمتلكن أمخاخاً وعقولاً ذكورية، كما أن هناك ذكوراً يمتلكون أمخاخاً وعقولاً أنثوية.
**
إذا كان للمرأة رأي مخالف، عرضت ذلك بطريقة لطيفة، ربما من خلال طرح سؤال أو اظهار الاندهاش، أو بأن توافق وتعترض في الوقت نفسه كأن تقول: ربما يكون رأيك صوابا، لكن ألا يمكن أن يكون...كذا
أما الأسلوب الذكوري في الاعتراض فيعتمد على المواجهة ولا يواري، فيقول الرجل: معذرة رأيك هذا غير صواب، وربما كان الاعتراض أشد: إنك مخطئ وقد يعترض بحدة على ما يُطرح: (كلام فارغ، إيه الغباء ده)
**
يرى المتخصصون في علم النفس السلوكي أن المرأة التي تفقد شريك حياتها تمتص الصدمة وتتعافى أسرع من الرجل الذي يفقد شريكة حياته، كذلك تتجاوز البنات اللاتي يفقدن أحد الوالدين المحنة أسرع من الأولاد وبخسائر نفسية أقل. هذا بالرغم من أن الفكرة العامة عن المرأة كمخلوق عاطفي قد توحي بعكس ذلك.
**
إن إعادة فتح المواضيع المحسومة، وعدم الالتزام بما أُتفق عليه، هو أسلوب أنثوي سائد.ويُرجع علماء النفس ذلك إلى ضعف قُدرات الحسم عند النساء وإلى الرغبة في إعادة النظر في الموضوع "فقد تجد في الأمور أمور". ويمكن أن تُضيف سبباً غير خفي، ألا وهو رغبة المرأة في الحوار.... حبذا مع زوجها.
**
إذا كُنا نسمع كثيراً من المُحَاور الرجل عبارة (هل أثقلت عليك بحديثي)؟
فإننا نادراً ما نسمع امرأة تسأل هذا السؤال لمن تُحدثه، إذ إنها تُدرك ذلك الأمر بنفسها.
أن النساء يُدركن أشياء لا يُدركها الرجال، وهو ما تعارف عليه الناس بـ "القدرة الحدسية". إن هذه القدرة ليست مجرد شعور غامض ليس له أساس عصبي عضوي، لقد ثبت وجود نشاط كبير في منطقتين من مناطق المخ عند السيدات اللاتي يتمتعن بهذه القدرة، وقد أُعتبرت هاتان المنطقتان مركز القدرة الحدسية في الانسان.
**
لقد أظهرت الدراسات أن الأولاد في مراحل التعليم الأولى يحصلون في اختبارات الرياضيات على درجات أدنى من البنات، ومع التقدم في المراحل التعليمية تتراجع درجات البنات ويظهر تفوق الأولاد.
أن الرياضيات التي تحتاج إلى "تطبيق مباشر" كالعمليات الحسابية والمسائل الهندسية البسيطة تتقدم فيها البنات. أما الرياضيات المتقدمة التي تحتاج إلى قدرات عالية في "استنباط علاقة" بين قواعد وقوانين مختلفة لحل موقف مُشكل وتحتاج إلى تفوق في الذكاء الرياضي، وكذلك الرياضيات التي تحتاج إلى تصور الأشكال الفراغية وتعتمد على الذكاء البصري الفراغي فيتفوق فيها الأولاد، لذلك كلما زادت صعوبة الرياضيات ظهر تفوق الأولاد.
**
يحسم مارك بردلف أستاذ الغدد الصماء بجامعة كاليفورنيا قضية التنشئة أم الفطرة بقوله:" لقد أصبحنا على يقين من أن مخ الأطفال ليس صفحة بيضاء نخط فيها البرامج التي نريدها ليتصرف الطفل كذكر أو كأنثى. إن الأطفال يولدون وقد تجنست عقولهم على هيئة معينة (مخ/ عقل ذكوري أو مخ/ عقل أنثوي). أي أن الطفل يولد بمخ ذيهوية جنسية معينة، مخ تم تشكيله داخل الرحم بعيداً عن تلاعب المهندسين الاجتماعيين الذين ينتظرونهم خارج الرحم. أما دور التنشئة فهو دفع العقول في الاتجاه الجنسي الذي تم تحديده مسبقاً.
**
إذا كان جسم المرأة مُعداً بطريقة تُمكنه من تحمل الاجهاد طويل المدى (مثل حمل جنين لمدة تسعة شهور متصلة) فإن جسم الرجل قد أُعد للقيام بالمجهودات العنيفة قصيرة المدى التي غالباً ما تنتهي بنهاية اليوم.
**
إن هورمون التستوستيرون المسئول عن تفوق الذكور في بعض القدرات العقلية مسئول أيضاً عن أن مخ الذكور أقل عرضة للاجهاد من مخ الإناث. قد يعترض البعض بأن أولادهم لا يستطيعون المذاكرة لفترات طويلة كما تفعل أخواتهم البنات، لقد أثبتت الدراسات أن ذلك لا يرجع لاجهاد العقل ولكن يرجع إلى الملل الذي يُصيب الأولاد قبل البنات.
**
صممت المرأة ككائن حي لتكون أكثر صموداً وتحملاً من الرجل، بل لقد صممت لتحيا لفترة أطول منه. فمع بداية القرن الحادي والعشرين بلغ متوسط عمر النساء في الولايات المتحدة 79،7 سنة مقابل 72،8 سنة للرجال، أي أن متوسط عمر المرأة يزيد عن متوسط عمر الرجل بحوالي سبع سنوات. هذا وإن كانت النساء قد بدأن مؤخراً في تبني السلوكيات التي تقصف عُمر الرجال وأهمها تبني طموحات الرجال والتعرض لما يتعرضون له من ضغوط، وذلك بالإضافة إلى التدخين.
**
لا شك أن استمرار العلاقة بين الأم وأبنائها بعد أن يكبروا وقيام الأم بدور في حياة أبنائها وأحفادها في المجتمعات الشرقية له أهمية كبيرة في اشعار المرأة بذاتها وأهمية وجودها في الحياة في هذه المرحلة التي قد تقع فيها فريسة للاكتئاب، وهذا وضع أمثل لا يُعادله أي من الحلول التي تُقدمها المجتمعات الأخرى للمشكلات المصاحبة لتقدم المرأة في السن.
**
حتى ندرك خطورة عدم فهم التباين العقلي والنفسي بين الرجال والنساء فلنتأمل الدراسة التي أجراها "روبرت ليفنسون" من جامعة بيركلي بكاليفورنيا معتمداً على شهادة151 من الأزواج والزوجات الذين مضى على زواجهم سنوات طويلة. أظهرت الدراسة أن النساء –في الأغلب- لا يترددون عن الاندفاع والتهور والدخول في شجار زوجي لأتفه الأسباب، بينما يجد الأزواج أن هذا التوتر والشجار أثناء الخلافات الزوجية أمر بغيض إلى نفوسهم.
وفي مثل هذه المشاحنات الزوجية يكون الزوج عادة أكثر صبراً من زوجته، بل ويحاول جاهداً ألا يصل إلى مرحلة "الانفعال الذي يطفح عنده الكيل"، وإذا وصل الزوج إلى هذه الدرجة من الانفعال يزداد افراز هورمون الأدرينالين (الذي يعد الجسم للنزال ويزيد من انفعال الفرد) ويجري في شرايينه بمعدل أكثر من معدله عند الزوجه، لذلك يحتاج الزوج إلى وقت أطول من الزوجة للتعافي من هذه الحالة والعودة إلى هدوئه.
**
ترجع مشكلة عدم التواصل بين الزوجين (بالإضافة إلى افتقاد التقدير المتبادل) إلى اعتبارات بيولوجية. فالرجال لا يقصدون عدم التحاور مع زوجاتهم، لكنهم أقل قدرة على التعبير عن مشاعرهم باستخدام الكلمات، لذلك يلجأون للهدايا والمجاملات البسيطة، هذا في الوقت الذي يُمثل التعبير بالكلمات احتياجاً لا غنى عنه عند المرأة، ومما يزيد الهوة أن الرجال يرون أن تعبير النساء المفرط عن مشاعرهن بالكلمات أمر مُبالغ فيه.
**
ترى د.آليس روزى (إحدى عالمات الاجتماع الأمريكيات الشهيرات) إن الحركات النسوية ينبغي أن تتبنى "الدعوة إلى المساواة في الحقوق والواجبات بين الرجال والنساء في اطار طبيعة كل جنس ودوره في المجتمع وفي الحياة، بدلاً من أن تدفع بالمرأة في طريق مليئ بالتعاسة من خلال انكارها للفوارق البيولوجية.
إن السؤال المحوري الذي ينبغي أن يُطرح في هذا المجال هو: لماذا اعتبرت الداعيات إلى المماثلة بين الجنسين أن قيم الرجال هي القيم الأساسية التي ينبغي أن تتبناها النساء، وأنها هي المقياس والمرجع الذي نحكم من خلاله على الأفضلية؟ إن هذه النظرة تقف وراء المصائب كلها. وتعلن د. روزى بوضوح شديد: إن أي محاولة لأن تكون المرأة أكثر شبهاً بالرجل تعني أنها ستكون أقل سعادة كامرأة.
**
إذا كان الأطفال يمثلون أوثق رباط بين المرأة والرجل في مؤسسة الأسرة، فلا شيء مثل الأمومة والأبوة يُظهر الفروق بين المخ الأنثوي والمخ الذكوري.
أثبت العلم أن الأمومة تُغير البنية العقلية والنفسية والسلوكية للمرأة حتى نهاية العمر، وذلك من خلال احداث تعديلات في بنية ووظيفة المخ. وتؤدي هذه التعديلات إلى توسيع تعريف "الذات الانسانية" للأم ليشمل الطفل بالإضافة إلى المرأة نفسها، إذ تُصبح احتياجات الطفل جزءً عضوياً من احتياجات أمه وربما أهم.
عقب الولادة تصبح الأم شخصاً آخر، مرة أُخرى تتبدل أولوياتها ومشاعرها، صارت تشعر أنها قادرة على أن توقف بذراعيها قاطرة تسير إذا هددت طفلها. تُعيد المرأة جدولة حياتها وترتيب البيت من أجل مصلحة وأمان الطفل، بل تعيد تقييم زوجها: هل هو قادر على توفير الرعاية وتحقيق الأمان لطفلها؟
وترى بعض النساء في اهتمام زوجها بالوليد والمشاركة في تحمل مسئوليته مظهراً من مظاهر الرجولة التي تُثير مشاعرها الأنثوية إلى حد بعيد.
**
أظهرت دراسات أجريت في المعهد القومي للصحة النفسية بالولايات المتحدة أن اختلاف الأطفال في درجة تعاطفهم مع الآخرين يرجع إلى الكيفية التي درب بها الآباء أطفالهم على التعاطف. فالأطفال الأكثر تعاطفاً من غيرهم هم الذين لفت والديهم انتباههم إلى ما يُسببه تصرفهم من الآم لشخص آخر، كأن يقال للطفل إذا أساء التصرف مع أخته مثلاً"انظر كيف جعلتها تشعر بالحزن..." بدلاً من القول "لقد كان سلوكك هذا عنيفاً".
كما يتشكل تعاطف الأطفال مع الآخرين من خلال رؤيتهم لرد فعل المحيطين بهم تجاه شخص يمر بمحنة. ومع محاكاتهم لما يرونه من ردود الأفعال ينمو لدى الأطفال مخزون من استجابات التعاطف، كما تتكون لديهم الرغبة في تقديم المساعدة للآخرين الذين يمرون بضائقة.
**
تطرح الدكتورة آن موار وزميلها دافيد جيسيل في كتابهما "جنس المخ" المشكلة التي نشأت نتيجة لانكار هذه الفوارق الجنوسية. يقول الكاتبان تحت عنوان معاناة المرأة في العصر الحديث:
"لم يمر على البشرية عبر التاريخ وقت سعت فيه باصرار إلى مخالفة الفطرة الانسانية والطبيعة البيولوجية كما يحدث الآن في حضارتنا المادية الحديثة. إنه زمان بشع يصارع فيه كل من الرجل والمرأة ضد الفوارق الفطرية الطبيعية بينهما"!
عندما يبدأ الرجل حياته العملية يكون مستعداً لقبول قواعد العمل وقوانينه وتنظيماته، مع استعداده لأن يعمل مع أفراد لا يرتاح إليهم نفسياً، وربما يؤدي حرص الرجل على الظهور ولفت انتباه رؤسائه إلى اشعال المنافسة مع زملائه.
أما المرأة فإنها تسعى لأن تكسب مودة من تعمل معهم ولا تشعرهم بأنها تمثل منافسة أو تهديداً لمكانتهم.
عادة ما ينظر الرجل إلى المواقف التي تمر به في عمله وفي حياته عموماً على أنه ينبغي أن يوجد فائز وخاسر، ذلك لأن التنافس سمة ذكورية متجذرة في نفوس الرجال، أما بالنسبة للنساء فالمشاركة أهم من لعبة شد الحبل، والتفاهم والمهادنة أفضل من المواجهة.
**
لا شك أن كُلاً من الرجال والنساء يتمتع ببعض السمات العقلية المميزة للجنس الآخر، فطبيعة الوجود الانساني تستلزم أن يتمتع الرجال بقدر من التعاطف، وأن تتمتع النساء بقدر من سمات العقل التنظيمي. ولا شك أن هذا التداخل هو سبب سوء الفهم الذي أدى إلى ادعاء التماثل العقلي بين الجنسين.
**
اكتشف العلماء أن لنصفي الدماغ وظائف مختلفة. فالنصف الأيسر مسئول عن التفكير العقلاني:المنطق والاستنتاج والتحليل والكلام (النصف العالِم)، أما النصف الأيمن فمرتبط بالتفكير العاطفي: الحدس والخيال والابداع (النصف الفنان)
وقد تبين أن النصف الأيسر أكثر تطوراً لدى الرجال في حين أن النصفين متعادلان لدى النساء.كما يمكن للمرأة أن تُشغل النصفين في آن واحد معاً بقدر أكبر من الرجل.
**
ينخفض النشاط الكهربائي لمخ الرجل أثناء الراحة إلى 30% من اجمالي نشاطه، بينما تصل النسبة إلى 90% في مخ المرأة، مما يعني أن مخ المرأة حتى في أوقات الراحة مشغول دائماً وبصورة آلية بمعالجة ما به من معلومات ومراجعة ما مر به من مواقف، ولا شك أن هذه المعالجة تكون ذات توجهات عاطفية وانفعالية.
**
يُخبرنا د/ ليونيل تايجر أستاذ الأنثروبولوجيا الأمريكي أن مقولة التماثل بين الذكور والإناث قد أدت إلى قدر كبير من عدم المساواة، ذلك أن انكار الفوارق يعني استمرار كل مؤسسات المجتمع في ممارسة مهامها على النمط الذكوري، وعلى النساء أن يتنافسن في عملهن بالأسلوب والمقاييس الذكورية، مما يعني الكثير من الاحباط والتوتر والاكتئاب نتيجة لاخفاقهن في تحقيق مستويات أداء أقرانهن الذكور.
**
وللخروج من هذا التيه ينبغي احترام الفوارق الجنوسية (العقلية والنفسية والسلوكية) والنظر إليها باعتبار أن كلاً من الرجال والنساء قد أُعد للقيام بدور خاص، عند ذلك تختفي النظرة الدونية للمرأة وبالتالي تتوقف صرخات الداعيات إلى التماثل أو فكرة سيادة الأنثى، فتحقيق المساواة لا يتطلب ادعاء المماثلة.
**
إذا برزت امرأة في مجال من المجالات التي يتميز فيها الرجال عادة، فإن ذلك يعني تمتعها بقدر كبير من الصفات العقلية التنظيمية، وينبغي أن تأخذ فرصتها كاملة للتفوق في هذا المجال. إن ما ننكره هو أن يقوم المجتمع بتوجيه جنس النساء ككل لتبني طموحات الرجال وأسلوبهم في العمل والتنافس بما يتعارض مع طبيعتهن.
يمكنكم الاستماع لملخص الكتاب عن طريق بودكاست ورّاق
waraqcast.com
 
 
 
 
 

هناك تعليق واحد: