الثلاثاء، 16 يوليو 2013

كتاب (أطلس تاريخ الصر المملوكي)



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أطلس تاريخ العصر المملوكي، تأليف سامي عبدالله المغلوث، من اصدارات العبيكان.

 
ظاهرة حكم المماليك في الدولة الإسلامية من الظواهر الغريبة التي ندر حدوثها في التاريخ، وهو تأكيد على إيمان المسلمين بأن ميزان التقوى في الإسلام هو الفيصل في هذا الصدد، ولقد كانت الأحداث التي سبقت حكم هذه الفئة من المماليك (الأرقاء البيض) حكام مصر وبلاد الشام، قد مهدت لها طبقاً ووفق سنن الاجتماع البشري وقواعده، مجموعة من العوامل، حيث من المتعارف أن نظام الرق كان معروفاً لدى شعوب الأرض آنذاك، ومنهم العرب، وكان مصدره التقليدي الأسر في الحروب، والقرصنة والاختطاف من البلاد النائية..


**


المماليك في اللغة: هم العبيد أو الرقيق، وبخاصة هم الذين سُبُوا ولم يُسب آباؤهم ولا أمهاتهم.
والمملوك، جمعه مماليك، وهو العبد الذي يُباع ويُشترى. (العبد الذي سُبي أبواه يعرف بالعبد القن وليس المملوك).
**
الخليفة العباسي المأمون، وأخيه الخليفة المعتصم، استجلبا في عهديهما أعداداً ضخمة من الرقيق الأبيض، عن طريق الشراء من أسواق النخاسة، واستخدموهم كفرق عسكرية خاصة، بهدف الاعتماد عليهم في تدعيم نفوذهم ..
ومع مرور الوقت أصبح المماليك هم الأداة العسكرية. الرئيسة، وأحياناً الوحيدة، في كثير من البلاد الإسلامية.
**
المصدر الرئيس للمماليك؛ إما بالأسر في الحروب، أو الشراء من أسواق النخاسة.
**
ومن أشهر مدن الرقيق في ذلك الوقت، سمرقند، وفرغانة، وخوارزم، لذلك كان الأصل التركي هو الغالب على المماليك.
كما كان هناك مماليك من أصول أرمينية، ومن أصول مغولية، وأوروبية، وكان الأوربيون يعرفون بالصقالبة.
**
كان الملك الصالح أيوب - وهو من أزداد عدد المماليك في عهده بشكل ملفت - ومن تبعه من الأمراء، لا يتعاملون مع المماليك كرقيق، بل على العكس من ذلك تماماً، فقد كانوا يقربونهم منهم، لدرجة تكاد تقترب من درجة أبنائهم، ولم تكن الرابطة التي تربط بين المالك والمملوك هي رابطة السيد والعبد أبداً، بل رابطة المعلم والتلميذ، أو رابطة الأب والابن.
**
يشرح لنا المقريزي - رحمه الله - كيف كان يتربى المملوك الصغير الذي يُشترى، وهو ما زال في طفولته المبكرة، فيقول: "إن أول المراحل في حياة المملوك هي أن يتعلم اللغة العربية قراءة وكتابة، ثم بعد ذلك يُدفع إلى من يُعلمه القرآن الكريم، ثم يبأ في تعلم مبادئ الفقه الإسلامي وآداب الشريعة الإسلامية، ويُهتم جداً بتدريبه على الصلاة، وكذلك على الأذكار النبوية، ويُراقب المملوك مراقبة شديدة من مؤدبيه ومعلميه، فإذا ارتكب خطأ يمس الآداب الإسلامية نُبه إلى ذلك ثم عُوقب".
**
وهذا ما يُفسر النهضة العلمية الراقية التي حدثت في زمان المماليك، وكيف كانوا يُقدرون العلماء حتى ولو خالفوهم في الرأي.
**
ثم إذا وصل المملوك بعد ذلك إلى سن البلوغ جاء معلمو الفروسية ومدربو القتال فيعلمونهم فنون الحرب والقتال وركوب الخيل والرمي بالسهام والضرب بالسيوف. ثم يتدرون بعد ذلك على أمور القيادة والإدارة ووضع خُطط حربية.
**
في عهد الدولة الأيوبية استكثروا من شراء المماليك، وعنوا بتدريبهم وتنشأتهم ليكونوا لهم عدة وسندا.

**
عز الدين أيبك وشجر الدر، أسسا دولة المماليك، تلك الدولة التي سيطرت على جنوب وشرقي حوض البحر المتوسط عقود من الزمان. وبعد مقتل أيبك تعصب المماليك المعزية لابن سيدهم المدعو "نور الدين علي"، وكان في ال١٥ من عمره، وعينوه سلطاناً لهم.
**
كانت الأوضاع في العراق سيئة جداً. كما تعددت مراكز القوى آنذاك، واختلفت فيما بينها بفعل عوامل سياسية ومذهبية، واشتدت الخلافات بين مجاهد الدين أيبك، وكان سني المذهب، وبين مؤيد الدين أبي طالب العلقمي وزير المستعصم وكان شيعياً، مما كان لها أثرها السيئ في اضطراب وتقويض سلطة الخلافة، وتعددت خلافات أهل الحكم لتنتقل للعامة من سكان بغداد الذين انقسموا على أنفسهم في تناحر مذهبي، مما دفع الوزير ابن العلقمي إلى مراسلة المغول وأطمعهم في ملك بغداد.


**
دخل الجنود المغول بكل وحشية وقسوة إلى عاصمة الخلافة العباسية، بغداد، وعاثوا فيها فساداً مدة أربعين يوماً، جردوا القصور من التحف النادرة، وأتلفوا من الكتب القيمة في مكتباتها التي أفرزتها العقول النيرة، حتى إنهم ملؤوا نهر دجلة بالكتب وجعلوها جسراً.
**
سقطت مدينة ميافارقين تحت أقدام المغول بعد حصار استمر عاماً ونصف عام، فقد جعلها أشموط بن هولاكو عبرة لكل بلد يقاوم المغول.
**
استجمع هولاكو كل شره في الانتقام من الأمير البطل محمد الأيوبي، فأمسك به وقيده، ثم أخذ يقطع أطرافه وهو حي، وأجبره أن يأكل لحمه.
**
ما إن سقطت حلب في يد المغول، حتى أسرع كثير من الحكام المسلمين المتخاذلين إلى الاستسلام له، والدخول في طاعته.
**
بعث هولاكو برسالة إلى سلطان مصر المملوكي (سيف الدين قطز) في هذه الظروف السياسية والنفسية الحرجة، لقد كان الطاغية يعرف جيداً خلفية الرعب والانهزام التي رسمتها العقود الأخيرة على مدى خارطة عالم الإسلام.
**
قرأ سيف الدين قطز رسالة التحدي، واستدعى أمراءه ليعرض الأمر عليهم، أيد الأمراء قتال المول كافة.
**
بدأت المعركة بهجوم عنيف من المغول فتراجعت ميسرة الجيش الإسلامي، وإذا بنداء يدوي في ساحة المعركة (وإسلاماه وإسلاماه) فاتجهت الأنظار إلى مصدر الصوت، فإذا المنادي هو السلطان نفسه، فالتهب حماس الجيش.
**
كانت النتيجة النهائية لهذه المعركة هي توحيد بلاد الشام ومصر تحت حكم سلطان الممالاك على مدى ما يزيد عن نحو 270 سنة.
**
المؤرخون يعدون هذه المعركة ونتائجها بداية النهاية للإمبراطورية المغولية إذ لم يهزموا في معركة قط قبلها.
**
نجح السلطان الظاهر بيبرس في زعزعة بنيان الكيانات الصليبية بعد إحدى وعشرين حملة عسكرية عليهم.
**
كان الظاهر بيبرس قائداً استراتيجياً فذّا موفقاً في حروبه، مواظباً على الجهاد، لم يمض عام من أعوام  حكمه إلا وخرج فيه لقتال.
**
السلطان قلاوون الألفي، أحد المماليك البحرية، اشتراه الأمير علاء الدين، بألف دينار وهو مبلغ ضخم يدل على أهمية صاحبه وما يتمتع به من مواهب، فَعُرِف بالألفي.
**
من عجائب الاتفاق أن الفرنج استولوا على عكا وأخذوها من صلاح الدين، ظهر يوم الجمعة ١٧ جمادي الآخرة، سنة ٥٨٧، واستولوا على من بها من المسلمين ثم قتلوهم، فقدر الله عز وجل في سابق علمه، أنها تفتح في يوم الجمعة ١٧ جمادي الآخرة على يد السلطان .الملك الأشرف صلاح الدين (خليل)، فكان فتوحها مثل اليوم الذي ملكها الفرنج فيه، وكذلك لقب السلطانيين (صلاح الدين).
**
لقب خادم الحرمين الشريفين الذي اتخذه الأيوبيون، واحتفظ به المماليك من بعدهم، كان من ألقاب الناصر محمد. كما كان من ألقابه أيضاً صاحب القبلتين، أي بيت المقدس ومكة..
**
قامت سياسة المماليك في مكة على عدم تفرد أي أمير بالحكم، خشيةً من الانقلاب على الدولة.
**
نتيجة لازدياد قوة الدولة المملوكية، وتزعمها للعالم الإسلامي في الشرق الأدنى؛ أضحى الملوك في بلاد المغرب يتقربون إليها، ويستنجدون بها ضد بعضهم بعضاً، واقتصرت سياسة الدولة العامة على السيطرة على ساحل إفريقيا الشمالي، أو إيجاد قوى حليفة لها للحؤول دون إنزال قوات صليبية  معادية لها يمكن أن تُهدد مصالحها.
**
(الهند الإسلامية في عصر مماليك مصر وبلاد الشام)؛ قامت الدولة الخلجية في الهند على أنقاض الدولة الغورية، حيث قام الخلجيون في المدة القصيرة التي حكموا فيها - وهي نحو ٣٠ عاما - بجلائل الأعمال، فنشروا الإسلام في شبه القارة الهندية كلها، وردوا الخطر المغولي بعد أن أضحى هذا الخطر يُهدد الحكام المسلمين في دلهي.
**
فيروزشاه طغلق أحد سلاطين الدولة الخلجية في الهند كان حاكماً جاداً ومخلصاً، وقد نعمت
السلطنة بالسلام والثروة طوال حكمه..
**


كان السلطان فيروزشاه - رغم انشغاله بأمور الحكم وشؤون الرعية - مشتغلاً بالتأليف، فألف كتاباً في الرياسة والسياسة، لفه على ثمانية أبواب، كما اخترع السلطان ساعة عجيبة يخرج كل ساعة منها صوت عجيب يتنم ببيت من الشعر، وكانت تستخرج منها أوقات الليل والنهار، ووقت إفطار الصائم، وكيفية الظلال، وزيادة اليوم ونقصانه باعتبار الفصول.
**
كانت جزيرة قبرص من المناطق التي فتحها المسلمون منذ عهد عثمان رضي الله عنه، حيث
فتحها معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه سنة 28هـ، لتكون بعد ذلك خاضعة للمسلمين تدفع لهم الجزية كل عام، وظلت كذلك مدة من الزمن حتى إذا ضعف المسلمون بعد ذلك طمع فيهم الأعداء من نصارى أوروبا فغزوهم بجيوش جرارة وسقطت بعض المناطق الإسلامية في أيديهم، ومنها جزيرة قبرص والحقيقة إن هذه الجزيرة بموقعها الاستراتيجي شرقي البحر الأبيض المتوسط، ظلت طيلة الحروب الصليبية قاعدة ينطلق منها الصليبيون لمهاجمة العالم الإسلامي...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق